بعد سجال طويل.. ترامب يكسب معركة الشيوخ الأمريكي

حسام السبكي

حسام السبكي

مخاض عسير، ومجهودات كبيرة، بذلها الديمقراطيون، داخل مجلس الشيوخ الأمريكي، من أجل تمرير إدانة الرئيس السابق دونالد ترامب، في أحداث العنف التي شهدها محيط مبنى الكونجرس الأمريكي، المعروف بـ”الكابيتول”، في السادس من يناير الماضي، حتى أسفرت جهودهم في النهاية عن “تبرئة ترامب”، مما نسب عليه، وذلك بعد 5 أيام من محاكمته، ليصبح أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، يُفلت من محاكمته مرتين، كما أنه أول رئيس يحاكم وهو خارج السلطة، ويرجع ذلك للأغلبية الجمهورية القوية داخل مجلس الشيوخ الأمريكي.

براءة ترامب

kind trump

قبل ساعات قليلة، أُعلن فشل مجلس الشيوخ الأمريكي في تأمين ثلثي الأصوات لإدانة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتهمة التحريض على العنف، بعد أحداث اقتحام مبنى الكونجرس في 6 يناير.

وصوت 57 من بين 100 عضو في مجلس الشيوخ لصالح إدانة ترامب، من بينهم 7 من الحزب الجمهوري، وهو ما يقل عشرة أصوات عن العدد المطلوب للإدانة وهو 67 صوتا، أي أغلبية الثلثين.

في غضون ذلك، أكد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إن محاكمة مجلس الشيوخ كانت مرحلة أخرى من “أكبر حملة اضطهاد في تاريخ بلدنا”.

ووعد ترامب في بيان له بالاستمرار في الدفاع عن عظمة أمريكا.

وأضاف “في الأشهر المقبلة لدي الكثير لأتشاركه معكم، وأنا أتطلع لمواصلة رحلتنا الرائعة معا لتحقيق العظمة الأميركية لشعبنا بأجمعه”.

وتابع “لدينا الكثير من العمل أمامنا، وقريبا سوف ننهض مع رؤية من أجل مستقبل أميركي مشرق وساطع ولا حدود له”.

ودان ترامب المحاكمة الثانية لعزله في مجلس الشيوخ باعتبارها “مجرد مرحلة أخرى من أكبر مطاردة ساحرات في تاريخ البلاد”.

800

في هذا السياق، وفي أول تعليق للابن الأكبر للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، جونيور، شارك صورة يظهر فيها والده على هيئة مصارع، وذلك عقب تبرئة أبية من تهمة التحريض على التمرد في محاكمته الثانية، حيث صوت مجلس الشيوخ رسميًا بنتيجة 57 مقابل 43، وهو ما يسمح لترامب من الترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية بعد انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن.

ونشر دونالد ترامب جونيور، منذ قليل عبر حسابه بموقع تويتر، صورة للرئيس الأمريكي السابق بجسد مصارع، وعلق قائلاً:” عندما تكرهك المؤسسة وتريد منعك من الترشح مرة أخرى ، فأنت تعلم أنك تفعل شيئًا صحيحًا”.

معارك جانبية

في أول ردود الأفعال الداخلية، على فشل إدانة ترامب، وبراءته خلال محاكمة مجلس الشيوخ، سادت حالة من الاتهامات المتبادلة، كان أكثر داخل حزب الرئيس السابق نفسه.

تشاك شومر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي
تشاك شومر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي

فقد أدان زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، السبت، زملائه الجمهوريين لتصويتهم لصالح تبرئة الرئيس السابق دونالد ترامب في محاكمته الثانية غير المسبوقة.

وقال شومر: “الغالبية العظمى من أعضاء التجمع الجمهوري في مجلس الشيوخ، بما في ذلك زعيم الجمهوريين، صوتوا لصالح تبرئة الرئيس السابق ترامب، ووقعوا بأسمائهم في أعمدة التاريخ إلى جانب اسمه إلى الأبد”.

وتابع: “انظر إلى ما يُجبر الجمهوريون على الدفاع عنه، انظر إلى ما يجبر الجمهوريون على الصفح عنه .. إنه أكثر الأعمال الدنيئة التي ارتكبها أي رئيس على الإطلاق ، ولم يتسن لأغلبية الجمهوريين استحضار الشجاعة أو الأخلاق لإدانته”.

MitchMcConnellPointing640

في غضون ذلك، وجّه زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل انتقادات لاذعة لدونالد ترامب رغم التصويت على تبرئة الرئيس السابق من تهمة التحريض على التمرد، معتبرا أنه “مسؤول” عن اعتداء 6 يناير على مبنى الكابيتول.

وقال ماكونيل في خطاب عقب التصويت الذي أدى إلى تبرئة ترامب “لا شك في أن الرئيس ترامب مسؤول عمليًا وأخلاقيًا عن إثارة أحداث ذلك اليوم“.

وأضاف “هؤلاء المجرمون كانوا يحملون راياته. يُعلّقون أعلامه ويصرخون بالولاء له“.

ووصف ماكونيل تصرّفات ترامب التي أدت إلى ذلك الاعتداء بأنها “تقصير مشين في أداء الواجب”.

وذهب ماكونيل أبعد من ذلك، مشيرا إلى أن ترامب قد يواجه اتهامات الآن بعد أن ترك منصبه.

وقال: “الرئيس ترامب لا يزال مسؤولا عن كل ما فعله عندما كان في منصبه (…) لم يُفلِت من أيّ شيء بعد”.

ورغم ذلك، قال الجمهوري المتحدّر من ولاية كنتاكي، إنّه صوّت لتبرئة ترامب من تهمة التحريض على التمرّد لأنّه من غير الدستوري على حدّ قوله، أن تتمّ إدانة رئيس في محاكمة عزل بعد تركه لمنصبه.

AFP 1VX5KI.0

من جانبه، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن 57 عضوا في مجلس الشيوخ صوتوا لإدانة الرئيس السابق دونالد ترامب، بما في ذلك سبعة أعضاء جمهوريين.

وأشار بايدن في بيان له، إلى أنه رغم عدم إدانة ترامب بتهمة التحريض على التمرد الذي وصفه بـ “المميت على الديمقراطية الأمريكية”، فإن حتى أولئك الذين عارضوا الإدانة مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، يعتقدون أن دونالد ترامب كان مذنبا بارتكابه تقصيرا مشينا في أداء واجبه، ومسؤولا عمليا وأخلاقيا عن إثارة العنف الذي اندلع في مبنى الكونغرس.

وأوضح الرئيس الأمريكي أن هذا الفصل الذي وصفه بـ”الحزين” من تاريخ البلاد، يؤشر إلى أن “الديمقراطية هشة”، وأنه يجب دائما الدفاع عنها، مشددا على أنه لا مكان للعنف والتطرف في الولايات المتحدة.

800

هذا، و شنت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب وزعيمة الديمقراطيين في المجلس هجوما على نواب أعضاء مجلس الشيوخ الذين لم يصوتوا ضد الرئيس السابق دونالد ترامب خلال محاكمته في أحداث الكابيتول.

وقالت بيلوسي ردًا على ذلك إن أكاذيب تزوير الانتخابات هي ما حرض على اقتحام الكونجرس.

واتهمت بيلوسي بعض أعضاء مجلس الشيوخ بالخوف وعدم التصويت لصالح إدانة ترامب.

على الجانب المقابل، وجهت اللجنة التنفيذية للحزب الجمهوري في ولاية لويزيانا الأمريكية، اليوم الأحد، اللوم إلى السيناتور الجمهوري بيل كاسيدي على خلفية تصويته لإدانة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالتحريض على العصيان.

وقالت اللجنة في بيان: “ندين بأشد العبارات الممكنة تصويت السيناتور كاسيدي لإدانة الرئيس السابق ترامب”.

وأضاف البيان: “لحسن الحظ ، سادت أفكار أوضح وتمت تبرئة الرئيس ترامب”.

مكتسبات هامة

GettyImages 167852887

عقب قرار مجلس الشيوخ الأمريكي، ببراءة الرئيس السابق دونالد ترامب، من تهم التحريض على العنف في أحداث الكابيتول، فوفقًا للدستور الأمريكي، فإن رئيس الولايات المتحدة ونائب الرئيس وكافة الضباط المدنيين، يُعزلون من المنصب ويدانون عند التورط في أمور مثل الخيانة والفساد والجرائم الأخرى وإساءة التصرف.

ولدى مجلس الشيوخ صلاحية في إجراء محاكمة العزل، إضافة إلى نزع الثقة وحرمان المسؤول المدان من أي تشريف أو منصب فيدرالي في الولايات المتحدة.

ويُعد هذا البند بيت القصيد، لأنه يحدد بشكل واضح، صلاحيتي مجلس الشيوخ، ورسالته واضحة في أن إجراءات العزل لا تقتصر فقط على العزل من المنصب، وإنما الحسم بشأن الحق في تولي مناصب فيدرالية مستقبلا.

وبراءة ترامب من محاكمة العزل التي خضع لها، تجعله غير مدانا بأي جرم يحرمه من ممارسة السياسة أو الترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية المقبلة.

ولو كان مجلس الشيوخ الأمريكي صوت بإدانة ترامب، فإنه كان سيمنع من تولي منصب الرئيس في المستقبل فضلا عن خسارة المعاشات وغيرها من الامتيازات بعد الرئاسة.

ربما يعجبك أيضا