أي تداعيات لتبرئة دونالد ترامب؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

اختتم مجلس الشيوخ الأمريكي إجراءات مساءلة الرئيس السابق دونالد ترامب التي استمرت على مدار خمسة أيام.

وجاء القرار النهائي موافقا للتوقعات؛ بعدم إدانة ترامب بتهمة “التحريض على العصيان” التي وجهت إليه بعد حادث اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس الشهر الماضي.

وأضيفت بذلك محاكمة رابعة إلى سجل المحاكمات الرئاسية في التاريخ الأمريكي. وتعد هذه الأخيرة أقصرها أمدا.

لكن تبعات هذه المحاكمة ستعوض قِصر مدتها؛ فثمة رئيس سابق مثل لإجراءات المساءلة في الكونغرس مرتين في سابقة من نوعها، وثمة تشويه وتلميع – لقد نُصب المسرح تمهيدا لمعارك سياسية مستقبلية. حسبما أشار تقرير لبي بي سي.

دونالد ترامب

بُرئت ساحة ترامب مجددا في مجلس الشيوخ الأمريكي، بفضل مساندة رفقائه الجمهوريين. وخلص العد النهائي إلى 57 صوتا مقابل 43، بناقص عشرة أصوات من النصاب المتطلب للإدانة وهو أغلبية الثلثين.

ويمثل هذا في حد ذاته انتصارا للرئيس السابق؛ فما يزال مؤهلا لخوض سباق الرئاسة مجددا عام 2024 إذا هو أراد ذلك.

ولا يزال ترامب يحظى بقواعد جماهيرية معتبَرة. وعارض معظم الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ إجراءات العزل. ويواجه الجمهوريون الذين خالفوا هذا التوجّه داخل الحزب انتقادات لاذعة.

وفي بيان صحفي، احتفل الرئيس السابق ببراءته، وأدان الديمقراطيين، قائلا إن مشواره السياسي بدأ للتو. لكن ترامب السياسي لم يخرج من هذه المعركة سالمًا تماما؛ إن صور مؤيديه – وعلى رؤوسهم قبعات تحمل شعار حملته الانتخابية وبأيديهم رايات تحمل صوره مقتحمين الكابيتول- ستظل لاصقة به.

ستثير كل حملة ينظمها ترامب مستقبلا صور هذه المشاهد في الذاكرة، لا سيما في أوساط الناخبين المستقلين والمعتدلين، إنْ لم يكن في أوساط الناخبين الجمهوريين.

الجمهوريون

قبل عام، اقتصرت إدانة ترامب من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ على عضو واحد هو ميت رومني. أما هذه المرة، فقد انضم ستة أعضاء جمهوريين آخرين في مجلس الشيوخ إلى رومني في إدانة ترامب.

وستزول الدهشة إذا عُرف أن من هؤلاء الستة ثلاثة هم سوزان كولينز، وبِن ساس، وبيل كاسيدي – أعيد انتخابهم للتوّ، ومن ثم لن يضطروا إلى مواجهة الناخبين قبل ست سنوات.

ويسلط هذا المشهد الضوء على تحدّ يواجهه عدد من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ؛ فالتصويت بإدانة ترامب كفيل بإضاعة أصوات كثير من ناخبي الحزب ممن سيرون في ذلك خيانة لحزبهم.

وفي الولايات الجمهورية الراسخة، يخشى الجمهوريون من مواجهة مرشحين جمهوريين محافظين أكثر بكثير من خشيتهم من مواجهة مرشحين ديمقراطيين في نوفمبر.

أما في الولايات المتأرجحة أمثال فلوريدا، وويسكونسن، وأيوا، فيخشى الأعضاء الجمهوريون من أثر تصويتهم ببراءة ترامب على سير الانتخابات العامة في العام المقبل، التي قد يستخدم فيها خصومهم الديمقراطيون مقاطع فيديو تصوّر أحداث العنف التي شهدها حادث اقتحام الكابيتول.

وسيتوقف الكثير من الأمور على ما سيفعل ترامب مستقبلا؛ وما إذا كان سيعاود الظهور مجددا على الساحة السياسية الأمريكية، مذكّرا أنصاره وخصومه على السواء بتلك المعارك السياسية مع اقتراب الانتخابات المقبلة؟ أم أنه سيختار الاعتزال في النوادي الخاصة وملاعب الغولف التي يمتلكها؟.

الديمقراطيون

لا تُسلَّط الأضواء عادة داخل مجلس النواب الأمريكي على معظم أعضائه البالغ عددهم 435 عضوا. وباستثناء رئيس المجلس، لم يكن أحد يحظى بتركيز الأضواء على نحو ما حظي به مديرو محاكمة ترامب هذا الأسبوع.

وعلى مدى خمسة أيام تناوب فريق من تسعة نواب على استعراض مقاطع فيديو لأحداث الشغب التي وقعت في السادس من يناير الماضي مصحوبة بخرائط للكابيتول تُظهر كم كان المقتحمون قريبين من ساسة أمريكيين، بينهم نائب الرئيس السابق مايك بنس.

وستظل افتتاحية النائب جيمي راسكين للمحاكمة عالقة في الذاكرة، لا سيما لحظة اختناق صوته وهو يستذكر حديثا جرى بينه وبين ابنته عن لحظة إنقاذه وإخراجه من مبنى الكابيتول.

ويعدّ عضو الكونغرس جو نيجوس نجما صاعدا في سماء الحزب الديمقراطي، وقد أضاف دوره في محاكمة ترامب إلى نجوميته.

أما المفاجأة الكبرى في هذا الفريق فكانت ستاسي بلاسكيت. وبوصف بلاسكيت مفوضة عن جزر العذراء لا تملك حق التصويت، فهي لا تملك بالتبعية نفوذا كبيرا في الكونغرس، لكنها مع ذلك ظهرت بقوة أثناء محاكمة ترامب.

ربما يعجبك أيضا