الإصلاحات القوية مستمرة.. هل تصبح السعودية مقرًا للشركات العالمية؟

كتب – حسام عيد

إصلاحات قوية ومتجددة لا تتوقف على مسار تحقيق أهداف رؤية 2030، وإحداث تحول نوعي شامل بكافة مفاصل الاقتصاد السعودي، ومن ثم الارتقاء بالمملكة على مؤشرات الاقتصاد العالمي، وتحقيق ريادة تنافسية لها بين القوى الكبرى. هذا ما يمكن إطلاقه على المرحلة الراهنة في السعودية، وتطلع حكومتها إلى التحديث والتطوير الدائم سواء عبر استحداث مشروعات تنموية عملاقة، أو اتخاذ قرارات إصلاحية من شأنها تعزيز البيئة الاستثمارية وجعل المملكة وجهة أولى ومفضلة للعديد من الاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية.

وتخطط السعودية لوقف التعاقدات مع الشركات والمؤسسات التي تقع مقارها خارج المملكة، وهذا بطبيعة الحال سيعزز من استراتيجة تحويل الرياض إلى أكبر مدينة صناعية في العالم، والتي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أواخر يناير 2021.

تنظيم التعاقد مع الشركات الأجنبية

في يوم الإثنين الموافق 15 فبراير 2021؛ أعلنت الحكومة السعودية عزمها إيقاف التعاقد مع كافة الشركات والمؤسسات التجارية الأجنبية التي لديها مقرات في المنطقة خارج أراضي المملكة، وذلك في إطار جعل السعودية “مقرًا للشركات العالمية”.

وصرح مصدر مسؤول في الحكومة السعودية، قائلًا: “حكومة المملكة عازمة على إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة ابتداءً من (1 / 1 / 2024م)، ويشمل ذلك الهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو أي من أجهزتها”.

وبدوره، صرح وزير المالية السعودي محمد الجدعان بأن الشركات العالمية التي ترغب في الاستثمار في السعودية من خلال الفرص التى تقدمها الحكومة “سيتحتم عليها أن تتخذ قرارا” فيما يتعلق بإنشاء مقار إقليمية في المملكة اعتبارًا من 2024 وإلا فلن تفوز بتعاقدات حكومية.

الجدعان أضاف أنه إذا رفضت شركة نقل مقرها إلى السعودية فبالتأكيد ذلك حقها وسيظل لديها الحرية للعمل مع القطاع الخاص في السعودية، لكن فيما يتعلق بالعقود الحكومية فإنها سيتعين عليها أن يكون مقرها الإقليمي في المملكة.

بناء بيئة أعمال تنافسية

القرار السعودي الجديد على مسار الإصلاحات، يأتي تحفيزًا لتطويع أعمال الشركات والمؤسسات الأجنبية التي لها تعاملات مع حكومة المملكة والهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو أي من أجهزتها.

كما يهدف إلى خلق الوظائف والحد من التسرب الاقتصادي ورفع كفاءة الإنفاق وضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسية التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها على أرض المملكة وبمحتوى محلي مناسب.

السعودية لديها أكبر اقتصاد في المنطقة في حين أن نصيبها من المقار الإقليمية ضئيل، أقل من 5% حاليا، لذلك؛ فالقرار يهدف لمساعدة مسعى الحكومة لتوفير فرص عمل للشباب السعودي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر لتنويع اقتصاد المملكة المعتمد على النفط.

تعزيز استراتيجية “الرياض مدينة صناعية عالمية”

هذا التوجه يأتي تماشياً مع إعلان مستهدفات استراتيجية عاصمة المملكة الرياض 2030 خلال منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عُقد مؤخرًا وتم خلاله الإعلان عن عزم 24 شركة عالمية نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض.

كما أنه لن يؤثر على قدرة أي مستثمر في الدخول في الاقتصاد السعودي أو الاستمرار في التعامل مع القطاع الخاص، و سيتم إصدار الضوابط المتعلقة بذلك خلال عام 2021.

وأيضًا يأتي ذلك لضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسية التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها على أرض المملكة وبمحتوى محلي مناسب.

وبيئة العمل الحالية بها متسع للتحسين، كما أن الحكومة ستكمل الإصلاحات القضائية والتنظيمية وتحسن نوعية الحياة حتى تشعر الشركات والأفراد بالراحة في الانتقال إلى الرياض.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كشف في يوم 28 يناير 2021 عن إطلاق استراتيجية مدينة الرياض كأكبر مدينة صناعية في العالم.

الرياض لديها كل المكونات الاقتصادية للنجاح، لديها آثار تاريخية كثيرة، مسجلة بعضها في اليونيسكو، يوجد فيها 7.5 مليون نسمة، يوجد فيها إنفاق عالي، يوجد فيها رؤوس أموال ضخمة، يوجد فيها بنية تحتية تكاد تكون الأميز، من أميز 10 بنى تحتية لمدن في العالم، هذه كلها مقومات تنافسية ستمكن المملكة من خلق نمو كبير للغاية في مدينة الرياض؛ وفق ما أفاد ولي العهد السعودي.

وختامًا؛ تخطيط السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، لوقف التعاقدات مع الشركات والمؤسسات التجارية التي تقع مقارها الإقليمية خارج المملكة؛ هي خطوة تهدف إلى تشجيع الشركات الأجنبية التي ترغب في الاستثمار في السعودية على أن يكون لها تواجد دائم في البلاد، الأمر الذي من شأنها خلق مزايا ومكتسبات نوعية وتنافسية عديدة للاقتصاد السعودي.

ربما يعجبك أيضا