المنحنى التصاعدي مستمر.. هل تجني أسواق النفط ثمار التعافي السعري؟

كتب – حسام عيد

وسط تداعيات جائحة كورونا الوبائية “كوفيد-19” تنشد أسواق النفط العالمية الاستقرار وتصحيح مسار أسعار الخام، المكاسب التي بدأت الأسواق فعليًا ملامستها في الفترة الأخيرة، حيث سجلت ارتفاعات سعرية، بدعم من تخفيضات تحالف أوبك+ إضافة إلى التقدم الملحوظ بعض الشيء في لقاحات كورونا، لكن تظل المعضلة الحقيقية هي الطلب العالمي التي لا تزال آفاقه ضبابية.

وقد واصلت أسعار النفط ارتفاعاتها اليوم الخميس الموافق 18 فبراير، بعد أن كانت أغلقت عند أعلى مستوى لها في 13 شهرًا وتجاوز سعر خام برنت الـ65 دولار للبرميل.

بل إن التوقعات باتت أكثر تفاؤلًا وبلغت حد الإشارة إلى احتمالية عودة أسعار الخام إلى 100 دولار، وهو مستوى لم يتحقق منذ عام 2014.

موجة برنت تدفع برنت لتجاوز 65 دولارًا

وخلال تداولات جلسة الخميس 18 فبراير، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1%، بدعم من إغلاق آبار ومصافٍ نفطية في تكساس الأمريكية بسبب موجة من البرد الشديد، حيث تجتاح عاصفة ثلجية كلا من تكساس وأوكلاهوما.

وتجاوزت العقود الآجلة لخام برنت 65 دولارًا للبرميل، مرتفعة بنسبة 1.26% لتصل إلى 65.15 دولار، كما صعد خام غرب تكساس بنسبة 1% إلى 61.8 دولار للبرميل.

ووصل برنت بذلك إلى أعلى مستوى منذ عام، إذ كان آخر مرة يتداول فيها النفط فوق مستوى 65 دولار في 21 يناير 2020، قبل أن تعاني أسواق النفط من تبعات وباء كورونا.

وتسبب الطقس البارد في الولايات المتحدة في تعطل آبار ومصافي النفط في تكساس الإثنين وفرض قيود على مشغلي خطوط أنابيب الخام والغاز الطبيعي، مما تسبب في انقطاع الكهرباء عن نحو أربعة ملايين منزل وشركة.

وتنتج تكساس تقريبًا 4.6 مليون برميل من النفط يوميًا، ويوجد بها 31 مصفاة، وهو أكبر عدد في ولاية أمريكية واحدة، ومنها بعض من أكبر المصافي في البلاد، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

وقدر محللون في ريستاد إنريجي، أن ما بين 500 ألف و1.2 مليون برميل من إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة سيتوقف بسبب الموجة البادرة التي أغلقت أيضًا بعضا من أكبر المصافي النفطية في الولايات المتحدة.

الطقس وأوبك يتحكمان الفترة المقبلة

من جانبها، قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوري هايتيان، إن أزمة الطقس في تكساس ووقف الإنتاج النفطي، يمثلان مشكلة عالمية وليست فقط مشكلة محلية داخل الولايات المتحدة.

وأوضحت أن الأزمة أصبحت عالمية بعدما جرى الإعلان في تكساس أنها لن تقوم بتصدير الغاز حتى إلى بلدان مثل المكسيك.

وأشارت إلى أن هناك أزمة في العرض بسوق النفط، فعوامل الطقس أدت إلى خلل في العرض بأكثر من 4 ملايين برميل، ما أدى إلى وصول خام تكساس إلى ما يزيد عن 60 دولاراً للبرميل، وقبل عام تقريبا كان سالب 40 دولاراً للبرميل.

وترى أن الأزمة الحالية ستستمر لأسابيع، وفقًا لتصريحات المسؤولين في الولايات المتحدة، متوقعة أن يؤدي ذلك إلى استمرار ارتفاع الأسعار.

وستتحدد الأسعار خلال الفترة المقبلة على أساس الأزمة الحالية في تكساس ومدى استمرارها، بجانب اجتماع أوبك في 4 مارس، وما سيتم الاتفاق عليه خلال هذا التوقيت، وفقا للوري هايتيان.

توقعات متفائلة بمستويات الـ100 دولار

فيما توقع اثنان من أكبر البنوك في وول ستريت بالولايات المتحدة ارتفاعا في أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، حسب ما نقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” الأمريكية.

وذكر المصدر أن كل من “جيه بي مورجان تشيس” و”جولدمان ساكس” يتوقعان أن ترتفع أسعار النفط بشكل ملحوظ عندما ينحسر وباء كورونا.

وأوضح أن التوقعات الأكثر تفاؤلًا تشير إلى عودة أسعار النفط الخام الدولية إلى 100 دولار للبرميل، وهو مستوى لم يتم الوصول إليه منذ عام 2014.

ويعتمد الارتفاع المتوقع على الاعتقاد بأن التحفيز المالي سيعزز الاستهلاك، إلى جانب بداية عودة الحياة إلى طبيعتها.

ومن شأن ذلك أن يغير الأوضاع في قطاع النفط، الذي سجل خسائر قياسية العام الماضي بفعل تداعيات فيروس كورونا.

وقال كريستيان مالك، رئيس قسم النفط والغاز في “جي بي مورجان”: “يمكننا أن نرى النفط يتخطى 100 دولار للبرميل، أو حتى ما فوق”.

من جهته، ذكر جيفري كوري، المحلل المخضرم في بنك “جولدمان ساكس”، أنه يعتقد أن يجري تداول النفط في نطاق 80 دولارا أو أعلى هذا العام”.

ومنذ نهاية أكتوبر، ارتفع خام برنت، المعيار الدولي، بأكثر من الثلثين إلى 65 دولارًا للبرميل، مدفوعًا بالتفاؤل الذي خلفته حملة التطعيم العالمية وخفض الإنتاج.

تعافي الطلب أوائل 2022

أما الرئيس التنفيذي لشركة جازبروم نفط الروسية، ألكسندر ديوكوف، قال إن الطلب العالمي على الخام يظهر اتجاهات إيجابية وقد يعود لمستويات ما قبل أزمة فيروس كورونا في أوائل العام المقبل.

وأضاف أن المنتجين والمستهلكين راضون عن أسعار نفط تتراوح بين 45 و60 دولارا للبرميل، مشيرًا إلى أنه من الصعب الإبقاء على الأسعار فوق 60 دولارًا.

وتلقى ارتفاع سعر النفط في الأشهر الأخيرة الدعم أيضًا من شح الإمدادات العالمية، ما يرجع بدرجة كبيرة إلى تخفيضات الإنتاج التي تقوم بها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون حلفاء في مجموعة أوبك+ التي تضم روسيا.

وقالت مصادر بأوبك+ إن منتجي المجموعة سيخففون القيود على الإمدادات على الأرجح بعد أبريل نظرًا لتعافي الأسعار.

ربما يعجبك أيضا