بايدن والعراق.. ماذا بعد التعهد بإنهاء الحروب الأبدية ؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

لا تحمل الكثير من المفاجآت.. القواعد فيها ثابتة والوصول إلى الأهداف هي المتغير الوحيد.. تلك هي سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه العراق، حتى وإن تغيرت قليلا عن سلفه الجمهوري دونالد ترامب، فإنها لن تتجاوز إطار ما أبرم مؤخرا بين حكومتي بغداد وواشنطن.

ففي التصريحات العلنية التي أدلى بها الرجل لم يذكر الشيء الكثير عن العراق باستثناء التعهد بإنهاء الحروب «الأبدية» وسحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط. وفي ظل الإدارة الديمقراطية الجديدة في واشنطن تتوقع دراسات سياسية إعادة هيكلة السياسة الأمريكية في العراق عبر تقديم الحلول السياسية على العسكرية.

جو بايدن 1

ملفات على الطاولة

جو بايدن الذي زار العراق 24 مرة يعرفه العراقيون جيدا وخبّرهم هو أيضا، تنتظره ملفات شائكة، من بينها اتفاقية الإطار الاستراتيجي تلك التي تنظم إعادة انتشار الجيش الأمريكي المتواجد في العراق، فقد صرح وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أنه سيتم دراستها وتقييمها، بالتأكيد بعد العملية الانتحارية التي شهدتها العاصمة بغداد مؤخرا على بعد أميال قليلة من مقر السفارة الأمريكية بعد نحو عام ونصف من الهدوء النسبي.

أما الملف الآخر، فهو ملف الحرب على الإرهاب، إذ لا تزال القوات الأمريكية فاعلة جدا ضمن قيادة العمليات المشتركة للقضاء على تنظيم داعش ومطاردة خلاياه النائمة، وكان من أبرزها العملية المشتركة التي انطلقت مؤخرا ونجحت في قتل والي العراق، المكنى بـ«أبوياسر العيساوي».

فضلا عن ملف التعاون العسكري بين بغداد وواشنطن والذي يشمل تجهيز القوات العراقية بالسلاح بالإضافة إلى تدريبها على طائرات الـ إف 16، ومساعدة الحكومة العراقية في ضبط السلاح المنفلت وتحجيم دور الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة أوما بات يعرف باللا دولة والتي تهاجم بين الحين والآخر مصالح واشنطن.

بايدن والعراق.. قرارات مصيرية

في حياة بايدن السياسية قرارات مصيرية بالنسبة للعراق، في عام 1991 صوت عضو مجلس الشيوخ حينها، جو بايدن، ضد قرار الحرب على العراق التي عرفت باسم حرب الخليج الثانية، أما عام 2003 كان بايدن من أبرز الديمقراطيين الذين صوتوا لقرار الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، بغزو العراق، وكان وقتها رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ومن قبلها غزو أفغانستان عام 2001.

عاد بعدها ليعارض زيادة القوات الأمريكية بالعراق عام 2007 وأشرف على التفاوض بالانسحاب بعد أن أصبح نائبًا للرئيس باراك أوباما وفق مذكرة الإطار الاستراتيجي بين البلدين.

من بين ما اشتهر به بايدن عراقيا، هو مشروع تقسم العراق إلى 3 فيدراليات وقيام دولةكردية وهو ما يفسر حالة الترحيب الكبيرة التي أعقبت إعلان فوزه في الانتخابات الأخيرة، وتسابق الكرد لتقديم التهاني والتبريكات متفائلين بتعاون مثمر ومرحلة جديدة من العلاقات الإيجابية بين الطرفين أكثر من من المرحلة السابقة.

debate

قواسم مشتركة

العراق لن يحتل تلك المكانة المحورية التي كان يشغلها في السابق بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، نظرا لعوامل متعددة سواء على مستوى الداخل العراقي أو الأمريكي وجائحة كورونا والموارد التي يمكن للولايات المتحدة أن تخصصها للعراق وأيضا لتمويل تواجد القوات الأمريكية في وقت لا توجد شهية أمريكية كبيرة لإبقاء القوات الأمريكية في أي مكان في العالم، وهو ما أكدت عليه إدارة ترامب.


خطوة لاقت معارضة كبيرة سواء من قبل الديمقراطيين أو الجمهوريين داخل مجلس الشيوخ على اعتبار أن خطوة سحب القوات الأمريكية من العراق سيعطي الفرصة لإيران وميليشياتها للتمدد في العراق ومن ثم تهديد المصالح الأمريكية، فضلا عن أن خطوة زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، يتعارض مع المبادئ الديمقراطية.

ربما شعر المسؤولون العراقيون بذلك، ما جعل وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يصرح بأن بلاده ستطلب من إدارة بايدن​ تحديد فريق تفاوضي لبحث بقاء قواتها العسكرية في البلاد.

ما يجب أن يفهمه الساسة والمسؤولون العراقيون، أن تغير الشخص، لا يعني بحال من الأحوال تغير السياسة الأمريكية، فإدارة بايدن أمامها تحديات جمة على المستوى الداخلي لا يمكن حلها خلال أشهر حتى وهو ما اعترف به بايدن، نظرا للشرخ الكبير داخل المجتمع الأمريكي الذي تسبب فيه ترامب، وما زادته جائحة كورونا.

أمر يؤكده خبراء في الشأن السياسي العراقي، بأن بايدن لن يستطيع التراجع عن السياسات، التي نفذها خلفه دونالد ترامب في الكثير من القضايا الرئيسية مع العراق ومن المرجح أن يلتزم بايدن بسياسات ترامب، ويستمر في الإهمال المتزايد للمنطقة، والتركيز على التحديات الأخرى.

ربما يعجبك أيضا