سحب الثقة من «الغنوشي».. هل تنجح هذه المرة؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

فيما يواصل الحراك النيابي مساعيه من أجل سحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، بعد أن أثارت مواقفه السياسية تحت قبة البرلمان الكثير من اللغط، وساهمت في تأزيم المشهد السياسي بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، يدعو الغنوشي الرئيس التونسي لعقد لقاء عاجل يجمع الرئاسات التونسية الثلاث لإيجاد مخرج من الأزمة السياسية.

وأرسل رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، اليوم السبت، رسالة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، اقترح فيها عقد لقاء يجمع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية في أقرب الآجال.

ودعا رئيس مجلس نواب الشعب، رئيس الجمهورية باعتباره «رمز وحدة الدولة» إلى تجميع الفرقاء لإيجاد مخرج ومجموعة من الحلول عبر تغليب الحوار وتبادل الرأي والمشورة حول أوضاع البلاد وما تقتضيه من قرارات، بالتزامن مع ما تعيشه البلاد من أزمات مركبة، اقتصادية واجتماعية وصحية.

الغنوشي

كسب ثقة التونسييين

بدوره، يسعى الغنوشي إلى كسب ثقة الشعب التونسي لا سيما بعد دعوات البعض للخروج في تظاهرات، إذ أكد على «ضرورة بعث رسالة إيجابية للشعب التونسي ودول العالم تُبرز أنه رغم اختلاف التونسيين وتنامي خطابات التحريض، إلا أن لتونس دولة ومؤسسات جديرة بالثقة، وأن البلاد في حاجة لتأمين الدواء والغذاء والشغل والأمن، وكذلك للتهدئة وتنمية روح التضامن وتوسيع دائرة المشترك الوطني».

جاءت هذه الخطوة بعد أسابيع من أزمة سياسية حادة وصفها المراقبون بمعركة «لي الذراع» بين رئيس الجمهورية، قيس سعيد، من جهة، ورئيس الوزراء، هشام المشيشي، ورئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي، من جهة أخرى.

سحب الثقة

تفاصيل الأزمة

بدأت فصول تلك الأزمة السياسية الحادة منذ حوالي شهر أثناء إقالة رئيس الحكومة لوزراء وإعلانه عن تعديل وزاري وصفه رئيس الجمهورية بـ«غير دستوري»، وقال: إن بعض الوزراء تتعلق بهم شبهات فساد، ورفض استقبالهم، بعد تزكيتهم من طرف مجلس النواب لأداء اليمين الدستورية أمامه ومباشرة مهامهم.

بالطبع انعكس الصراع بين الرئاسات الثلاث على أنصار الائتلاف الحكومي الذي تتزعمه «حركة النهضة» بقيادة الغنوشي من جهة، وبين أنصار خصومها السياسيين وأنصار رئيس الجمهورية من جهة ثانية، ما أدى بدورها إلى انقسام في المجتمع التونسي، وسط دعوات للنزول إلى الشوارع والتظاهر، الذي قد تنتج عنه صدامات وحالة من الفوضى.

البرلمان التونسي 2

أكثر من 100 توقيع

في غضون ذلك، أكد النائب التونسي عن كتلة «تحيا تونس» البرلمانية (10 مقاعد من أصل 217) مروان فلفال، أن أكثر من 100 نائب وقعوا لائحة تطالب بسحب الثقة من الغنوشي، في خطوة هي الثانية من نوعها منذ يوليو الماضي.

كما أوضح في تصريحات إعلامية مساء أمس الخميس أن “سحب الثقة من زعيم النهضة مسألة ضرورية لإعادة التوازن في المشهد السياسي وإعادة دور المؤسسات”.

واعتبر أن “عريضة سحب الثقة التي تم التقدم بها في الدورة البرلمانية الأولى كانت تعبيرا عن عجز المؤسسة البرلمانية عن القيام بدورها”.

الغنوشي6 1

«النهضة» تسعى لإنقاذ زعيمها بصفقة سرية!

فيما ترتفع الأصوات داخل قبة البرلمان بشأن عريضة سحب الثقة، كشف البعض عن وجود صفقة سياسية بين أحد الأحزاب التونسية ورئيس البرلمان من أجل تجنيب الأخير ما يجرى من حراك نيابي من أجل سحب الثقة منه.

في غضون ذلك، أكد النائب بدر الدين القمودي، أن عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي في طريقها إلى النجاح هذه المرّة، رغم الضغوطات التي تمارسها حركة النهضة من أجل إجهاضها وإنقاذ زعيمها.

ونفى النائب عن الكتلة الديمقراطية وجود أي صفقة سريّة بين كتلته وحركة النهضة للخروج من الأزمة السياسية تقضي بالتراجع عن العريضة للإبقاء على الغنوشي مقابل استقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وعودة المبادرة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، حسبما ذكر موقع «العربية نت».

الغنوشي3 6

ماضون في سحب الثقة

كما نفى القمودي أي تعامل خفي أو «تحت الطاولة» بين النهضة والكتلة، مشددًا على أن الكتلة الديمقراطية منسجمة وموحّدة في مواقفها من الغنوشي ولن تعقد أيّ صفقة معه، كما أنّها تعمل على إنجاح عريضة سحب الثقة منه لاعتقادها بضرورة تغيير المشهد البرلماني وتجاوز الخلافات والصراعات التي تسبّب فيها الغنوشي، لافتا إلى أن هناك إجماعا بين أغلب النواب حول العريضة وسيتم تقديمها إلى مكتب البرلمان خلال الأيام القادمة حالما تبلغ 109 توقيعات، مضيفا أن حكومة المشيشي انتهت وبقاؤها مسألة وقت.

من جانب آخر، لم يخفِ القمودي وجود ضغوطات تمارسها النهضة على بعض النواب لرفض اللائحة وعدم التوقيع عليها، مشيرا إلى أن الغنوشي في موقف محرج ويواجه تذمّرا من نواب كتلة قلب تونس الذين يهدّدون بالانضمام إلى العريضة في صورة عدم الإفراج عن زعيمهم نبيل القروي.

سحب الثقة3

ويمكن للبرلمان التونسي سحب الثقة من رئيسه أو أحد نائبيه بموافقة الأغلبية المطلقة «109 نواب» من أعضاء المجلس، بناء على طلب كتابي معلل يقدم لمكتب المجلس من ثلث الأعضاء «73 نائبا» على الأقل، وفق الفصل 51 من النظام الداخلي للبرلمان.

وارتفعت الأصوات داخل البرلمان التونسي للمرة الثالثة خلال الفترة الماضية محذرة من تداعيات استمرار بقاء الغنوشي في منصبه على مستقبل الاستقرار السياسي في البلاد، فهل تنجح هذه المرة؟

ربما يعجبك أيضا