حكومة روحاني تمسك منتصف العصا و«الطاقة الذرية» تلوح بفتح ملفات قديمة

يوسف بنده

رؤية

قام رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بزيارة إيران، السبت 20 فبراير/ شباط؛ بهدف إقناع طهران بالعودة إلى التزاماتها النووية، فضلاً عن محاولة منع البلاد من تقليص التزاماتها بشكل أكبر.

وكانت إيران قد أبلغت الوكالة في وقت سابق أنها اعتبارًا من 23 فبراير/ شباط ستوقف تنفيذ البروتوكول الإضافي والتدابير المتعلقة بالشفافية في الاتفاق النووي، وذلك تطبيقاً للقانون الذي اعتمده البرلمان بعنوان “الإجراء الاستراتيجي لإلغاء الحظر وصيانة مصالح الشعب الإيراني”.

أيضًا، نقلت فيه “رويترز” عن عدة دبلوماسيين قولهم: إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عثرت على جزيئات يورانيوم في موقعين داخل إيران. وقد تثير هذه النتائج مخاوف بشأن أنشطة إيران النووية غير المعلنة، في الوقت الذي تستعد فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإصدار تقريرها الفصلي عن برنامج إيران النووي الأسبوع المقبل.

نتائج

وقال غروسي، بعد عودته من طهران، يوم الأحد، إن المحادثات المكثفة أسفرت عن نتائج جيدة ومعقولة، وإن الوكالة خفضت عمليات التفتيش بسبب تعليق البروتوكول الإضافي من جانب إيران، وتوصلت إلى اتفاق مؤقت ربع سنوي، فيما يتعلق بعمليات التفتيش الأساسية.

وقد أضاف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، للصحفيين في فيينا، إنه بالنظر إلى الموعد النهائي الذي حدده قانون أقره البرلمان الإيراني لتعليق البروتوكول الإضافي، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية رأت أنه من الضروري التفاوض مع الأطراف الإيرانية “حتى تتمكن وكالة الطاقة الذرية من مواصلة أنشطة التحقق الأساسية في إيران”.

وتابع “غروسي” أنه يأسف لقوله: إن “البروتوكول الإضافي لن يتم تنفيذه، لكن عمليات التفتيش الأساسية ستستمر في طمأنة المجتمع الدولي”.

وفي ختام زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران، أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وموقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية توقيع بيان مشترك بين كل من علي أكبر صالحي ورافائيل غروسي.

وجاء في البيان المشترك أن إيران ستوقف تنفيذ الإجراءات الطوعية التي ذُكرت في الاتفاق النووي بدءًا من 23 فبراير 2021، لكنها من أجل استمرار نشاطات التحقق والإشراف، ستنفذ معاهدة الضمان الشاملة والتي أبرمتها مع الوكالة.

وتنص الفقرة الأولى من هذا البيان المشترك لإيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على أن “إيران ستواصل التنفيذ التام ودون قيود لمعاهدة الضمان الشاملة والتي أبرمتها مع الوكالة كما في السابق”.

كما تم التأكيد في الفقرة الثانية من هذا البيان المشترك أن الوكالة ستواصل نشاطاتها الضرورية للتحقق والإشراف وفق القائمة الفنية الملحقة لفترة ثلاثة أشهر حسب مذكرة تفاهم فنية ثنائية مؤقتة متطابقة مع القانون الذي أقره البرلمان الإيراني.

وفي الوقت نفسه، كتبت سارة معصومي، الدبلوماسية والمراسلة الدولية لصحيفة “اعتماد”، نقلًا عن “مصدر مطلع” على صفحتها على موقع “تويتر”: “الغرض من مواصلة التحقق والرصد الضروري المنصوص عليه في الفقرة 2 من البيان هو أن تقوم إيران بتسجيل معلومات كاميرات التثبيت المحددة في الملحق والاحتفاظ بها لمدة ثلاثة أشهر”.

وتؤكد الفقرة الثالثة من البيان على مراجعة مذكرة التفاهم الفنية بشكل منتظم للاطمئنان من تحقق أهدافها.

وكان عباس عراقجي، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، قد قال -قبل يومٍ من زيارة “غروسي” لطهران- إن زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لا علاقة لها بقرار إيران، وإن قرار إيران بتعليق البروتوكول الإضافي سيتم تنفيذه، وإن زيارة غروسي تأتي لإنشاء نظام جديد في العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأضاف “عراقجي”: إن “التفسير القائل بضرورة مغادرة المفتشين لإيران ليس صحيحًا”، بل يجب “تقليل عمليات التفتيش التي يقومون بها” وسيتم تقليص ما يقرب من 20 إلى 30 بالمائة من القدرة الإشرافية للوكالة الدولية للطاقة الذرية نتيجة لتنفيذ قرار البرلمان الإيراني بتعليق البروتوكول الإضافي.

لعبة الوسيط

وحسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فقد بدت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني كأنها تلعب دور الوسيط بين البرلمان الإيراني، الذي يسيطر عليه الأصوليون ويضغط لوقف التعاون مع المفتشين الدوليين مع انتهاء مهلة حددها لرفع العقوبات، وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تريد طهران تجنب إغضابها أو دفعها إلى اتخاذ مواقف حادة، قد تؤثر سلباً على الحراك الدولي لإعادة الإيرانيين لطاولة المفاوضات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

وحاولت حكومة روحاني تدوير الزوايا بشأن تنفيذ القانون، الذي أصدره البرلمان عقب اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، وينص على وقف العمل بالبروتوكول الإضافي لاتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، بهدف كسب الوقت من أجل التوصل إلى تفاهم أو ترتيبات مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الذي أجرى لقاءات بطهران أمس، لكبح وتبريد الخطوة المثيرة لقلق الغرب والأسرة الدولية.

وكانت حكومة روحاني نجحت في تمديد المهلة، التي كان البرلمان يقول إنها تنتهي الأحد (أمس)، إلى الثلاثاء (غداً) على أمل التوصل إلى تسوية مع غروسي.

وسرت أنباء عن مطالبة وزير الخارجية محمد جواد ظريف المرشد الأعلى علي خامنئي بالتدخل شخصيا لوقف تنفيذ القانون الذي يتضمن منع التفتيش المفاجئ للمنشآت، ويوقف إجراءات الشفافية بشأن تخصيب اليورانيوم و”الكعكة الصفراء”.

وبينما كان ظريف يعقد اجتماعا مع غروسي، سارعت الحكومة، التي أعلنت في وقت سابق معارضتها للقانون وتحفظها على تطبيقه، إلى نفي التقارير عن مطالبة وزير الخارجية للمرشد بالتدخل لوقف تطبيق إيران للبروتوكول الإضافي، على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده.

وبمواجهة ضغوط البرلمان الخاضع لهيمنة التيار المتشدد، شدد ظريف، في تصريحات أمس، على أن بلاده لن تدخل في مفاوضات جديدة قبل رفع جميع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018، لكنه شدد في وقت نفسه على أن قرار طهران بوقف البروتوكول الإضافي لا يعني التخلي عن الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا.

ورأى ظريف أنه يتعين على واشنطن رفع العقوبات عن طهران لإنقاذ الاتفاق، وانتقد إدارة بايدن قائلا: “في واقع الأمر هم يتبعون نفس سياسة الضغوط القصوى” التي انتهجها سلفه ترامب، متابعا: “يمكن العدول عن جميع الخطوات التي اتخذناها خارج نطاق الاتفاق النووي. يجب على الولايات المتحدة العودة للاتفاق ورفع كل العقوبات. الولايات المتحدة تدمن فرض العقوبات، لكن عليهم أن يعلموا أن إيران لن ترضخ للضغوط”.

وجدد ظريف تأكيد طهران أنها لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، مشيرا إلى أن “السلطات الإيرانية ناقشت جميع الأمور المهمة مع غروسي”، واردف: “لن نسمح بأخذ أشرطة الكاميرات التي هي في مراكزنا النووية”.

فتح ملفات قديمة

وأكد مصدر بوكالة الطاقة الذرية الإيرانية، أن غروسي عرض على الإيرانيين مشروع اتفاقية خاصة بين الوكالة الدولية وإيران تؤمن استمرار التعاون بين الطرفين، حتى لو خرجت طهران من البروتوكول الإضافي غداً.

وأضاف المصدر أن المشروع ينص على قبول الحكومة الإيرانية إعطاء تصاريح والسماح لمفتشي وكالة الطاقة بدخول البلاد، والتفتيش بما يشابه متطلبات البروتوكول الإضافي.

وأضاف أن غروسي لوّح بإمكانية فتح ملفات مغلقة كملف PMD، الذي كان أساسياً في التحقيق ببرامج إيران النووية قبل عام 2003، والذي أُغلِق بتوافق بين طهران ومجموعة (5+1) ووكالة الطاقة، مقابل قبول إيران بتنفيذ البروتوكول الإضافي.

وقال: إن غروسي حذّر الإيرانيين من أن خروجهم من هذا البروتوكول، دون تسوية مع وكالته، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى إرسال ملف البرنامج النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي مجدداً.

وفي حين اشتكت طهران من تجسس بعض المفتشين على برنامجها النووي، وتقديم تقارير لدول أجنبية لا للوكالة الدولية، ذكر المصدر، أن المرشد الأعلى علي خامنئي رفض تغطية أي تسوية بين حكومة روحاني والوكالة الذرية، لكن المسؤول الأممي غادر طهران دون أن يقفل الباب نهائياً في وجهه.

وكان أكثر من 220 برلمانياً إيرانياً أصدروا أمس بياناً جاء فيه: «يجب تنفيذ قرار البرلمان بشأن خفض الالتزامات النووية، وليس للحكومة الحق أبداً في تأخير تنفيذه».

ونظمت منصات مقربة من «الحرس الثوري» الإيراني وقفة احتجاجية شارك فيها عدد من طلاب جامعة طهران للتظاهر أمام منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، احتجاجاً على زيارة غروسي، وحمل المتظاهرون لافتات تدعو إلى «طرد مفتشي الوكالة الدولية»، و«وقف التعاون مع الوكالة»، كما رددوا هتافات مناهضة للولايات المتحدة.

ويلزم قانون الحكومة بأن تعلن اقتصار عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة على المواقع النووية المعلنة فقط، وإلغاء السماح بدخول أي موقع يعد مهماً لجمع المعلومات إذا أخطرت الوكالة طهران بالأمر قبل وقت قصير، وذلك إذا لم تمتثل الأطراف الأخرى تماماً للاتفاق.

ربما يعجبك أيضا