المقاطعة التجارية الكاملة.. مغامرة بايدن لتحجيم الصين قد تهوي بأمريكا!

كتب – حسام عيد

تريليون دولار قد يخسرها الاقتصاد الأمريكي في حال اتخذت إدارة الرئيس جو بايدن سياسات تجارية أكثر صرامة مع الصين أو إذا وصلت إلى حد المقاطعة الكاملة.

وكان جو بايدن قد أعرب عن قلقه بشأن الممارسات التجارية “القسرية وغير العادلة”، التي تقوم بها بكين حتى تصبح زعيمة عالمية وقوة عظمى تفوق الولايات المتحدة.

ورغم أن الابتعاد عن سياسات ترامب “المدمرة” بمثابة بداية جيدة، خاصة أن تعريفاته الجمركية على الصين كلفت الأمريكيين نحو ربع مليون وظيفة، لكن الجدل لا يزال قائمًا حول ما إذا كان بايدن ينوي إكمال مسار “الحمائية” التجارية واستهداف أوسع للمنتجات والقطاعات الصينية أم لا؟!. ويبدو أن الإجابة حملتها مرشحة بايدن لحقيبة التجارة، جينا ريموندو، بتعهدها بأن تكون حازمة مع الصين بسبب ممارساتها التجارية “المنافية لقواعد المنافسة”، ومثالًا على ذلك تصريحاتها بأنها لا ترى حاليًا أي سبب لإزالة الشركات المدرجة في القائمة السوداء مثل هواوي من قائمة الكيانات بالوزارة لأن معظمها مدرجة فيها لأسباب تتعلق بالأمن القومي أو السياسة الخارجية.

تريليون دولار خسائر للاقتصاد الأمريكي

رقم صادم نتج عن دراسة أعدتها وزراة التجارة الأمريكية، لكن التريليون دولار هو جزء فقط من الخسائر الواردة الحدوث. الدراسة أشارت إلى أنه حتى اليوم لم يطرأ تغيير من إدارة بايدن على الموقف الصارم لإدارة سلفه ترامب بشأن الصين.

الحرب التجارية طاحنة مستمرة رغم توقيع المرحلة الأولى من اتفاق التجارة العام الماضي. وتتشكل هذه الخسائر جراء الرسوم التجارية الباهظة والعقوبات الاقتصادية على الشركات الصينية وحرمان مصدرين أمريكيين من سوق لطالما كانت الأكبر لأمريكا.

دراسة وزراة التجارة الأمريكية استنتجت أنه بحلول عام 2025 ستخسر أمريكا 190 مليار دولار سنويًا من ناتجها المحلي إذا توسعت الرسوم الجمركية بنسبة 25% لتشمل كل البضائع الصينية وهذا يعني نموًا أقل بقرابة التريليون دولار.

هذا بالإضافة إلى 500 مليار دولار سيخسرها الاقتصاد لمرة واحدة إذا باعت الولايات المتحدة نصف استثماراتها المباشرة في الصين، وسيخسر المستثمرون الأمريكيون 25 مليار دولار سنويًا من المكاسب الرأسمالية نتيجة ذلك.

كما ستخسر أمريكا 15 مليار دولار إلى 30 مليار دولار سنويًا في تجارة الخدمات المصدرة إذا انخفض الإنفاق الصيني على السياحة والتعليم في أمريكا إلى النصف فقط.

ليس هذا فحسب، بل نظرت الدراسة على وجه التحديد في تأثير سياسة البيت الأبيض الواسعة النطاق في صناعات الطيران وأشباه المواصلات والكيماويات والأجهزة الطبية، وهي صناعات تعتمد أمريكا فيها على التصدير وخصوصًا إلى الصين، فمثلًا قد تكلف خسارة أمريكا لسوق الطائرات الصيني الضخم 875 مليار دولار من الصادرات بحلول عام 2038.

فما هو الحل إذا؟!. معدو الدراسة نصحوا الإدارة الأمريكية باتخاذ سياسات مستهدفة وليست شاملة؛ أي أنها بمقاطعة شركة معينة أو كيان معين وليس قطاعات شاملة، فتكاليف السياسات الشاملة ستكون باهظة على الاقتصاد الأمريكي أكثر مما ستكون على الصين.

إعادة النظر في اتفاق التجارة مع الصين

وفي أواخر يناير 2021، كانت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، أفادت بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ستقوم بمراجعة جميع القرارات المتعلقة بقضايا الأمن القومي التي أصدرتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بما في ذلك اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين الذي وقّعه ترامب في يناير.

ولم تجب ساكي عما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال تتوقع أن تفي الصين بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، وقالت: «إن إدارة بايدن تركز على أن تكون العلاقة بين الولايات المتحدة والصين من منطلق القوة، وهو ما يعني التنسيق والتواصل مع حلفائنا وشركائنا حول كيفية التعامل مع الصين».

وأكدت أن إدارة بايدن ستتشاور مع الحلفاء وأعضاء الكونجرس لتتخذ قراراً قبل الانخراط مع الصين.

وكانت الصفقة التي وقّعها ترامب مع الصين وأعلن عن توقيع المرحلة الأولى منها قبل عام هي واحدة من أبرز إنجازاته التي ظل يفتخر بها حتى اجتاح وباء فيروس «كورونا» العالم قادماً من الصين. وقد سبق أن انتقد بايدن خلال حملته الانتخابية الاتفاقية التي أبرمها ترامب مع الصين، والتي تركزت على أن تقوم الصين بزيادة مشترياتها من السلع الزراعية الأمريكية وغيرها من المنتجات مقابل تخفيف الرسوم الجمركية الأمريكية. لكن على ما يبدو حتى الآن أن بايدن سيعدل عن انتقاده هذا وسيواصل نهج ترامب.

وتعهدت بكين، في اتفاق “المرحلة الأولى” المُبرم مع واشنطن، في يناير 2020، بشراء مزيد من فول الصويا وصادرات أمريكية أخرى، وبوقف الضغط على شركات لتسليمها أسرارها التكنولوجية.

ولكن في ظلّ فيروس كورونا، اشترت الصين نحو 55% ممّا وعدت به، وبالنسبة لسياسة التكنولوجيا، يعتبر خبراء اقتصاديون أن هذه التغييرات مهمة، لكنهم يتساءلون عمّا إذا كانت تُشكّل مكسباً، إذ قد تناسب خطط بكين في أي حال.

الحرب التجارية لن تنتهي

خبراء اقتصاديون أفادوا أن بايدن لن يواجه بكين فورًا، إذ يريد التركيز على معالجة فيروس كورونا، والوضع الاقتصادي، لكنه يبدو مستعدًا لتجديد ضغوط أمريكية بشأن شكاوى تجارية وتكنولوجية، دفعت الرئيس السابق دونالد ترامب إلى رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية في عام 2017.

ويرى الخبراء أن المفاوضين قد يخففون من حدة تركيز ترامب على تقليص الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة، ويدفعون بقوة أكبر لفتح اقتصادها الذي تهيمن عليه الدولة، وهذا أمر أكثر أهمية على المدى البعيد، لكن ليس متوقعًا إجراء تخفيضات مفاجئة في التعريفات، أو تغييرات كبرى أخرى.

وتواجه الصين معارضة أكثر من أي وقت في الولايات المتحدة، نتيجة سجلها التجاري، والنزاعات الإقليمية مع جيرانها، واتهامات بممارسة القمع في هونج كونج، وتقارير عن انتهاكات ترتكبها ضد أقلية الأويغور، واتهامها بسرقة التكنولوجيا والتجسس.

أما كاثرين تاي، التي اختارها بايدن لخلافة الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر، فأبدت تشددًا، بقولها: “نواجه منافسة شديدة من صين متنامية وطموحة، صين يدير اقتصادها مخططون مركزيون لا يخضعون لضغوط التعددية السياسية، أو الانتخابات الديمقراطية أو الرأي العام”.

وختامًا، سيعتمد الأمر على الصين، وسرعتها في إصلاح سياسات وتغييرها، لمعرفة هل سيتراجع بايدن عن القيود التجارية التي فرضها سلفه.

ربما يعجبك أيضا