هل تؤجل الانتخابات الفلسطينية.. ولماذا تروج إسرائيل إلى انعدام حدوثها؟‎

محمود

رؤية – محمد عبدالكريم

القدس المحتلة – انتهى حوار القاهرة وتزايدت احتمالات وصول قطار الانتخابات إلى محطته الأولى (الانتخابات التشريعية)، لدرجة يمكن القول إن نسبة إجرائها وصلت إلى 50%، إلا أن هناك عراقيلَ وألغامًا فلسطينية وإسرائيلية وأميركية.

فتحاويا

تطفو الخلافات وسط حركة “فتح” بشأن تشكيل قائمة موحدة في الانتخابات التشريعية القادمة، أو التوافق على مرشح للرئاسة، على سطح من صفيح ساخن، وأظهرت بشكل واضح الخلاف الحاد بين الرئيس محمود عباس، الذي يترأس حركة “فتح”، وعضو اللجنة المركزية للحركة ناصر القدوة، الذي يسعى إلى تشكيل قائمة للانتخابات القادمة.

ونفت مصادر مطلعة، صحة توصل عباس إلى اتفاق بينه وبين القدوة يقضي بعدم قيام الأخير بتشكيل أو دعم أي قائمة انتخابية للمجلس التشريعي في الانتخابات القادمة، إن “الرئيس محمود عباس (أبومازن) التقى، مساء أمس الجمعة، ناصر القدوة في مقر الرئاسة بحضور أمين سر اللجنة المركزية لحركة (فتح) جبريل الرجوب، وعضو اللجنة المركزية حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، ولم يخرج الاجتماع بأي اتفاق بين القدوة وعباس”.

وأكدت المصادر ذاتها، التي اشترطت عدم ذكر اسمها، أن “القدوة ماض بما بدأ به، وهو التشاور لدعم أو تشكيل قائمة للمجلس التشريعي تضم الكل الفلسطيني، وذلك بعد أن يئس من كل محاولات الإصلاح داخل حركة فتح، والتي كانت تواجه إما بالرفض الصامت أو التهديد المباشر، كما جرى في اجتماع مركزية فتح في 24 يناير/ كانون الثاني الماضي”.

وقال القدوة، في تصريحاته: إن “النظام السياسي الفلسطيني لم يعد قابلاً للإصلاح، بل يجب تغييره”.

وتابعت المصادر: “من الواضح أن الرئيس (عباس) تحديدًا بدأ بأخذ تحركات القدوة على محمل الجد.

ورفض القدوة الذهاب مع فتوح والرفاعي إلى قطاع غزة للتحضير للانتخابات، حيث تم تقسيم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى خمسة مناطق انتخابية، على أن تتولى كل مجموعة من أعضاء المركزية الإشراف على كل محافظة، في تحد واضح لقرارات الرئيس الفلسطيني.

وألمح القدوة إلى تهديد الرئيس عباس له في اجتماع اللجنة المركزية لحركة “فتح” يوم 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، وهو آخر اجتماع حضره القدوة، ولم يتح له عباس أي فرصة للحديث أو تقديم مداخلة فيها.

وأرجأت «فتح» حسم اسم مرشحها للرئاسة إلى ما بعد انتخابات المجلس التشريعي، لكنها ظلت بحاجة إلى حسم الأمر مع عضو اللجنة المركزية المعتقل في السجون الإسرائيلية، مروان البرغوثي، قبل انتخابات البرلمان، باعتبار أن الحركة تنوي وضعه على قائمة «التشريعي»، لكنه لا يريد ذلك وينوي التقدم لانتخابات الرئاسة.

وأكد مسؤولون في حركة «فتح» أن اسم مرشح الرئاسة سيتقرر لاحقاً. وقال القيادي في حركة «فتح» جبريل الرجوب، إن الحركة لم تحسم بعد اسم مرشحها، وإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ليس من الضروري أن يكون المرشح الوحيد عن الحركة.

وأضاف الرجوب، في تصريحات بثّتها هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن الحركة قررت خوض معركة انتخابات المجلس التشريعي، وبعد الانتخابات، تجتمع اللجنة المركزية لحركة «فتح» وتقرر من هو مرشحها، على قاعدة أن يكون قادراً على الفوز بالانتخابات.

ورغم أن أي إعلان رسمي لم يصدر عن البرغوثي نفسه، أو محاميه أو عائلته، فإن الأخبار التي تسربها بيئته القريبة والصور التي تبثها زوجته في توقيت حساس، وإعلان ناشطين، سلفاً، أنهم يقفون خلفه في انتخابات الرئاسة، والرغبة السابقة المعروفة لدى الرجل، وتسريبات نشرها الإسرائيليون، تجعل ترشحه لانتخابات الرئاسة هذه المرة، أقرب من انسحابه.

 وتوجُّه البرغوثي للرئاسة ليس جديداً، وتوجد تجربة في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية الأخيرة عام 2005 عندما رشح نفسه من السجن، مقابل عباس، قبل أن ينسحب لاحقاً تحت الضغوط.

وتسعى مركزية «فتح» التي يترأسها عباس، إلى الاتفاق مع البرغوثي حول كل شيء يخص الانتخابات، تجنباً لمواجهة داخلية قد تُلحق بها الضرر أمام منافسيها. ويقول مسؤولون في الحركة، إن انتخاب معتقل في السجون الإسرائيلية ليس شيئاً عملياً، بغضّ النظر عن الأهمية التي يحظى بها الشخص داخل الحركة.

التيار الإصلاحي الذي يتزعمه القيادي الفتحاوي محمد دحلان عمل الرئيس عباس لوقت طويل على محاربته في الداخل، رغم انه تيار واسع الانتشار، لذا يخشى عباس من ان يفرض هذا التيار وقائع جديدة متعلقة بمراكز القوى داخل فتح، حتى لو أدت إلى كسر اللحمة الداخلية للحركة، ولهذا تتطلع رموز التيارات المختلفة إلى حشد تأييد من خارج صفوف الحركة لتعزيز حظوظها، وخصوصًا في الانتخابات الرئاسية، وستجري استمالة الفصائل الأخرى بهدف كسب أصوات جمهورها، وخصوصًا حركة حماس، لا سيما في ظل الترجيحات بأنها لن تقدِّم مرشحًا للرئاسة.

لن يسمح تيار محمود عباس الممسك بمفاصل السلطة في الضفة بأن تنافس شخصيات فتحاوية أخرى على رئاسة السلطة، وفي حال خاض دحلان والبرغوثي انتخابات الرئاسة في مواجهة عباس، منفردين أو في حلف واحد، فالأرجح أن يتم تعطيلها، ولن تعدم السلطة وسيلة لذلك، لكنّ تبعات هذا التنافس والتشظي إلى تيارات لن تلبث أن تضرب جسم الحركة، وقد تتجلى اقتتالًا ميدانيًا عنيفًا في لحظة الصفر المتمثلة بغياب محمود عباس عن الساحة، أو بوصول أكثر من مرشح فتحاوي إلى لحظة الانتخابات الرئاسية.

لا يبدو ممكنًا الاستمرار في لمّ شتات الحركة تحت سقف واحد في ظل حمى المنافسات الانتخابية والتطلع لخلافة عباس، وقد كان كيان السلطة دائمًا هو ضامن تماسك الحركة، لارتباطه بالمصالح والامتيازات والمواقع والرواتب، لكن انفصال تيار دحلان عن كيان السلطة مكنه من البروز ككيان مستقل في تمويله وقراره وارتباطاته، ثم سيبرز هذا الاستقلال في قدرته على تشكيل قائمة انتخابية على مستوى الضفة وغزة تضم أنصاره، حتى لو لم يعلنوا ذلك صراحة خوفًا من بطش عباس.

لا مشكلة لدى فتح عباس بأن يتزعم البرغوثي قائمة الحركة الرسمية في انتخابات المجلس التشريعي، ما دام سيبقى في سجنه، حتى لو كان رئيس كتلتها النيابية، لكن عباس ومعه الرموز المتطلعة لخلافته لا يرغبون برؤية البرغوثي رئيسًا للسلطة أو خليفة لعباس في زعامة الحركة، لأن هذا سيعطل مشروعهم السياسي إلى حدٍّ ما، وسيقوِّض الجهود المضنية التي بذلوها على مدار السنوات الأخيرة لبناء مراكز قوى لهم داخل الحركة ومؤسسات السلطة، ولذلك سيلجأ كثيرون لمغازلة الفصائل الفلسطينية الأخرى، وبناء تحالفات معها، وخصوصًا حماس.

إسرائيل تتدخل في الانتخابات

منذ إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً رئاسياً بإجراء الانتخابات العامة وتحديد مواعيدها سواء التشريعية أو الرئاسية أو المجلس الوطني، تصاعدت حملات الاعتقال في الضفة المحتلة.

وشهدت الفترة الأخيرة عمليات استدعاء واعتقالات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، شملت قيادات محسوبة على حركة حماس والجبهة الشعبية أو نواب في المجلس التشريعي الأخير، وسط تخوفات من تعاظم الحملة لتشمل باقي الفصائل الفلسطينية وشخصيات قيادية محسوبة عليه.

من جانبها، أكدت حركة حماس أن اعتقال الاحتلال لقيادات الحركة في الضفة هو استهداف لمسار الانتخابات، وأن الاعتقالات ستؤثر على الانتخابات، وتضعف القدرة على ترتيب قائمة ومرشحين ومراقبين أمام الصناديق، أو حث الناس على انتخاب حركة حماس في هذه الانتخابات”.

تقديرات الاحتلال: الانتخابات الفلسطينية لن تجري

وكشف المحلل العسكري لموقع “والا” العبري،”أمير بوحبوط”، أن المنظومة الأمنية في دولة الاحتلال، ترى أن البرغوثي لم يصبح “معتدلاً” رغم فترة سجنه المستمرة منذ 19 سنة، وان الإفراج عنه قد يؤدي “لزعزعة الاستقرار النسبي في حركة فتح، حسب وصفه، ولانقسام في السلطة الفلسطينية.

وقال: إن الاحتلال لديه خشية من قيام الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة بالضغط على “إسرائيل”، من أجل الإفراج عن البرغوثي، وقد تسبب هذه الخطوة “تدهور الأوضاع في الضفة”.

وبحسب “بوحبوط” فإن تقديرات المستويات الأمنية، تشير إلى أن إعلان عباس عن إجراء الانتخابات “لم يكن سوى مسرحية”، حسب وصفه.

وقال إن لديها شكاً كبيراً بإجراء الانتخابات، خاصة على خلفية الاستطلاعات والتحليلات التي تشير لفوز حماس فيها، وترى أن إعلان الانتخابات جاء “بهدف إرضاء مسؤولين بالسلطة الفلسطينية يريدون تحسين مواقعهم استعداداً للمعركة المستقبلية لخلافة أبومازن”.

واعتبرت المستويات الأمنية أن “الإعلان يهدف لإيصال رسالة لجو بايدن”، وقال بوحبوط: “يعتقد الرئيس الفلسطيني أن هذه الخطوة قد تؤدي لفتح حوار مع الإدارة الأمريكية الجديدة، ولإعادة إطلاق مباحثات عملية السلام مع إسرائيل مجدداً بوساطة أمريكية”.

وأضاف: “يرى عباس أن الإعلان عن الانتخابات خطوة في سبيل الحصول على دعم مالي من الدول العربية والغربية، من أجل إعادة تمويل المشاريع والبنى التحتية التي توقفت في عهد ترامب”.

ونقل “بوحبوط” عن مسؤول في قيادة المركز بجيش الاحتلال، أن فرص تنفيذ أبو مازن تعهداته بإجراء الانتخابات “تكاد تكون معدومة”.

وأضاف المسؤول أنه “لا يجب التقليل من عباس بسبب عمره”، ووصفه بأنه ما زال “ثعلباً في السياسة”، وقد “يقلب القرار ويوقف الانتخابات بعد أن يعثر على مبررات مناسبة حتى ينزل عن الشجرة”، حسب وصفه.

وأضاف المحلل نقلاً عن مسؤولين في المنظومة الأمنية بالاحتلال قولهم أنه في حال قيام حركة حماس بتنفيذ عملية كبيرة انطلاقاً من الضفة الغربية فإن ذلك قد يؤدي لتدهور الأوضاع الأمنية مما سيضطر جيش الاحتلال لاستئناف عملياته مجدداً في الضفة الغربية وهذا سيؤدي للتصعيد، وقال المسؤولون الأمنيون أنه في حال لم تقم الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالعمل ضد حماس بالضفة الغربية فإن جيش الاحتلال سيضطر للعمل بداخل المدن الفلسطينية.

ربما يعجبك أيضا