غير قادر على إنتاج الكهرباء.. مصر تكشف عيوبًا خطيرة في «سد النهضة» وسط مساعي التوصل لاتفاق

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

في ضوء الجهود المصرية للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن آلية ملء وتشغيل سد النهضة، خاصة بعد أن أعلنت مصر تأييدها لمقترح السودان بتطوير آلية التفاوض من خلال تشكيل رباعية دولية تشمل الرئاسة الكونغولية للاتحاد الأفريقي بجانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وذلك للتدخل في المفاوضات كوسطاء، وإعطاء المفاوضات زخمًا سياسيًا واهتمامًا دوليًا، تحدث وزير الري المصري عن عيوب خطيرة في السد الإثيوبي، مؤكدًا أن كفاءته 30% فقط، وإثيوبيا أنفقت تكلفة أكثر من اللازم، بدليل إلغاء 4 توربينات من السد لعدم الحاجة إليها، من بين 16 توربينا، لأنها غير قادرة على إنتاج الكهرباء.

وقال الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الري والموارد المائية المصري خلال حواره مع صحيفة «الوطن» المصرية، إن إثيوبيا أنشأت 5 سدود، ومصر وافقت عليها، وهناك أكثر من سد تم بناؤه على النيل الأزرق، ومصر لم تعترض.

وأضاف: أن ملء سد النهضة منتصف العام الماضي بـ5 مليارات متر مكعب، ما كان إلا «شو إعلامي»، ولو تأخر شهرا ما أثر على السودان، وكان خفف من الأضرار التي حدثت، فالتخزين أضر بالسودان مرتين.

سد النهضة

ملء خزان السد ومخاوف السودان

عن الموقف السوداني، أشار الوزير المصري إلى أن لديهم حالة قلق، بعد الذي حدث العام الماضي، حينما شرعت إثيوبيا في ملء خزان السد دون إخطار السودان، التي فرغت سدودها، ومع توقف المطر، حدثت أزمة للسودان، ومياه الشرب قُطعت عن الخرطوم، وحدثت مشكلات عديدة، وترسّبات في مجرى النهر.

وتابع: في الشهر التالي له، حدثت سيول ضخمة مع الفيضان، وهو ما تسبب في مشكلة للسودان، ولو كان هناك تنسيق ما حدثت أزمة، خاصة أن ملء السد العام الماضي لم تستفد منه إثيوبيا، لأنه كان بغرض سياسي وليس له هدف فني.

وأكد وزير الري حرص مصر على التوصل إلى اتفاق بشأن السد الإثيوبي، لأن الصراع ليس في صالح أحد، لافتا إلى شعوره بالقلق، ومن حق الجميع أن يقلق، ولكن القلق الصحي يحتاج إلى العمل بجد، واجتهاد ليس من جهة وزارة الري فقط، لكن الدولة كلها تعمل في هذا الملف.

وأوضح أن أديس أبابا تسعى لملء 13.5 مليار متر مكعب العام الحالي، وننتظر تحركات جديدة، بعد تولي الكونغو رئاسة الاتحاد الإفريقي.

قبل أيام، ذكر وزير الري السوداني ياسر عباس أن ملء سد النهضة الإثيوبي في يوليو المقبل في مرحلته الثانية هو «تهديد مباشر» لأمن الخرطوم القومي.

وحذر عباس من أن ملء السد سيهدد نصف سكان وسط السودان الذين يعتمدون على سدي الرصيرص ومروي لري أراضيهم وتوليد الكهرباء. وأكد الوزير السوداني أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا بهذا الخصوص فسيفقد «سد مروي 30% من الطاقة الكهربائية التي يولدها» ما يؤثر سلبا على محطات مياه الشرب.

من جانب آخر، وصف وزير الري المصري العلاقة بين مصر وإثيوبيا بـ«الزواج الكاثوليكي»، التي لا يصلح فيها الطلاق، مؤكدًا أن بلاده حريصة جدا ألا يكون هناك أثر نفسي يظل مئات السنوات بعد ذلك، ولأجل ذلك مصر صابرة، وهو صبر جميل.

مفاوضات سد النهضة2

مراحل المفاوضات

أوضح عبدالعاطي أن المفاوضات مرت بمراحل عديدة، حيث تماطل إثيوبيا وتهدر الوقت بشكل دائم، ومنذ إنشاء السد جرى الاتفاق على لجنة دولية، أوصت باستكمال الدراسات، ثم الاتفاق على مكتب استشاري فرنسي، ورفضت إثيوبيا التعاون معه، ثم عُقد الاجتماع التُساعي لوزراء الخارجية والري والمخابرات، وأوصى بتشكيل لجنة من الخبراء الوطنيين، وماطلت إثيوبيا في تنفيذ توصياته.

ولفت إلى أنه عُقد مؤخرا 12 جولة من الاجتماعات على المستوى الوزاري، وعلى مستوى الخبراء، امتدت خلال الفترة من نوفمبر 2019، إلى فبراير 2020، وبمشاركة وزير الخزانة الأمريكي، وممثلي وزارة الخزانة والبنك الدولي، وجرت المناقشات بين الدول الثلاث، بهدف التوصل لاتفاق عادل ومتوازن لملء وتشغيل السد.

وتم التوصل لبلورة مسودة اتفاق، بناءً على ما توافقت عليه الدول الثلاث خلال هذه المناقشات.

وتابع وزير الري: أن إثيوبيا بررت انسحابها من هذه المفاوضات بالحاجة إلى مزيد من الوقت للتشاور الداخلي، في حين وقعت مصر بالأحرف الأولى على مسودة الاتفاق، لتأكيد الإرادة السياسية المصرية، للوصول لاتفاق مع إثيوبيا، وكذلك مبادرة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، التي وافق عليها الإثيوبيون، ثم ماطلوا وخلال الفترة من 9 إلى 17 يونيو الماضي، جرى عقد العديد من الاجتماعات الثلاثية، ولم تسفر عن أي تقدم بسبب المواقف الإثيوبية المتعنتة، على الجانبين الفني والقانوني.

وقال عبدالعاطي إن الإدارة الأمريكية الجديدة، تحاول حاليا أن تفهم وضع مفاوضات السد الإثيوبي، وهو قد يستغرق من شهر إلى ثلاثة لفهم الملف، ثم تحدد سياستها في التعامل.

وعن السبب الرئيسي للقلق من بناء السد، قال الوزير إن القلق ناجم من الجفاف الممتد الذي قد تتعرض له الهضبة الإثيوبية، مثلما حدث في الثمانينيات، والذي قد يؤثر على مصر، إذا ما كانت بحيرة السد العالي ليست بالقدر الكافي، مؤكدا أن كل الدول الإفريقية أصبحت متفهمة للوضع، لكن بعضهم قادر على التجاوب، والبعض الآخر غير قادر، ومصر أوضحت الحقائق للجميع.

مصر تطلع سفراء الدول العربية والأوروبية على مستجدات سد النهضة

من جانب آخر، استقبل السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، اليوم الخميس، سفراء الدول العربية والأوروبية في القاهرة لاطلاعهم على المستجدات ذات الصلة بملف سد النهضة الإثيوبي ولإحاطتهم برؤية مصر حول مستقبل المفاوضات التي تهدف للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

وأعرب نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية عن ترحيب مصر باضطلاع جمهورية الكونغو الديمقراطية بمهمة قيادة مسار المفاوضات الجارية حول سد النهضة برعاية أفريقية، وذلك على ضوء تولي الرئيس الكونغولي”فيليكس تشيسيكيدي” رئاسة الاتحاد الأفريقي، حيث تثق مصر في حكمته وقدرته على تحقيق اختراق في هذه المفاوضات في ظل الرئاسة الكونغولية للاتحاد الأفريقي.

سد النهضة 2

جدير بالذكر أن إثيوبيا تستعد للمرحلة الثانية من ملء خزان سد النهضة في يوليو المقبل دون انتظار التوصل إلى اتفاق مع الخرطوم والقاهرة حول هذه المسألة الخلافية.

ومنذ حوالي 10 أعوام تتفاوض السودان ومصر وإثيوبيا حول إدارة وملء خزان سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق، ولكن بدون التوصل إلى اتفاق، فهل تنجح الكونغو في إنهاء هذا الخلاف؟

ربما يعجبك أيضا