بتوقيع بايدن.. رسائل الضربة العسكرية الأولى لميلشيات إيران في سوريا

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

عقد من الزمن على اندلاع الثورة السورية، وعلى الرغم من جمود الملف السوري في ظل إدارتين أمريكيتين متناقضتين، راقب السوريون نتائج الانتخابات الأمريكية باهتمام بالغ، لعل ساكن البيت الأبيض الثالث منذ اندلاع الثورة يحدث تغييرا في المشهد السوري الذي تمكن أوجاعه الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية من كل سوري في الداخل والخارج. فهل تشهد موازين القوة الثابتة منذ وقت طويل في سوريا تغييرا يذكر في عهد الرئيس جو بايدن وإدارته بعد الضربة العسكرية الأولى في عهد الرئيس الجديد ؟

الضرب

الضربة الأولى

عملية عسكرية هي الأولى أطلقتها إدارة الرئيس جو بايدن، أهدافها إيرانية على الأراضي السورية، والمعلن منها حتى الآن هي شحنة أسلحة محملة على 3 شاحنات لميلشيات موالية لإيران. هدف مؤكد بحسب واشنطن التي قالت سابقا أنها سترد في الوقت المناسب على عملية استهداف قاعدة التحالف الدولي في كردستان العراق قبل أسبوع.

غارات هي الأولى بتوقيع الرئيس جو بايدن، ووصفت بـ«الرد العسكري المتناسب» في رسالة بأن واشنطن لن تدخر جهدا في حماية أفرادها المتواجدين على الأراضي العراقية . الضربة العسكرية الأولي لـ«بايدن» في سوريا، وبحسب وزير الدفاع لويد أوستن، نجحت في إصابة الهدف بدقة، كاشفا عن تزويد العراقيين لهم بالمعلومات الاستخباراتية «المفيدة جدا» على حد قوله.

أوروبيا قوبلت الضربة بتأييد بريطانيا التي قالت على لسان وزير خارجيتها دومنيك راب، إن هذه الجماعات تهاجم قواعد تابعة للتحالف الدولي وتحاول زعزعة استقرار المنطقة.

بينما، تحدث وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، عن معرفتهم بالضربة العسكرية قبل وقوعها بـ 4 دقائق، داعيا لاستئناف التواصل مع واشنطن بشأن سوريا، والوقوف على موقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه سوريا . تصريحات تتناقض مع ما قالته المتحدثة باسم الخارجية الروسية، زاخاروفا، التي أدانت الضربة، داعية واشنطن لاحترام السيادة السورية، والتأكيد على رفض موسكو تحويل الأراضي السورية لساحة تصفية حسابات جيوسياسية .

الحل السياسي

رغم ذلك، فإن التأكيد على الحل السياسي للأزمة السورية بموجب قرار الأمم المتحدة 2254 ، هي رغبة أمريكية ستعمل عليها إدارة بايدن بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في أول تصريح من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد​ حول سوريا.

وقال برايس -في مؤتمر صحفي بوزارة الخارجية الأمريكي- إنه «بالنسبة إلى سوريا نحن سنجدد جهود الولايات من أجل التوصل لحل السياسي وإنهاء الحرب الأهلية في سوريا بالتشاور مع حلفائنا وشركائنا وإشراك الأمم المتحدة».

وأضاف برايس أن «أي تسوية سياسية يجب أن تدرس وتبحث الأسباب الجذرية للصراع الذي امتد لأكثر من عشر سنوات، وأن الإدارة الأمريكية ستستخدم الأدوات المتوفرة لها بما فيها الضغط الاقتصادي للدفع نحو إصلاح جدي والمحاسبة ومتابعة الأمم المتحدة دورها في التفاوض على تسوية سياسية بما يتوافق مع القرار الأممي 2254».

القراءة الأولى للضربة الأمريكية الأخيرة، توحي بأن بايدن سيستمر على نموذج ترامب في العراق وسوريا والشرق الأوسط في الاستجابة للتهديدات الإقليمية الوشيكة والعمل بشكل أساسي من خلال شركاء على الأرض لتوفير الخيار الأفضل في احتواء التحديات في الشرق الأوسط وإعطاء الأولوية للتحديات الجيوسياسية في أماكن أخرى.

رسائل لإيران

الضربة العسكرية الأمريكية لم تكن بمنأى عن إيران، التي تستخدم واشنطن سياسة العصا والجزرة في التعامل معها، لا سيما مع وصول بايدن للبيت الأبيض. فمن جانب يؤكد على ضرورة حل الملف النووي عبر التفاوض والعودة للاتفاق النووي الذي انسحبت منه الإدارة السابقة، مع التأكيد على ضرورة تحديثه بما يضمن أمن الحلفاء في المنطقة، ووضع حد للهجمات الصاروخية الإيرانية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.

ومن جهة أخرى، لا تأل الإدارة الأمريكية، جهدا في توجيه ضربات قاسية ومركزة لأهداف إيرانية في سوريا والعراق. وهو ما عبرت عنه سوزان مالوني من معهد بروكنجز للأبحاث بأن الضربات «خطوة جيدة» أظهرت أن إدارة بايدن يمكنها أن تتفاوض مع إيران بشأن الاتفاق النووي وفي الوقت نفسه تتصدى للفصائل التي تدعمها.

مايكل ماكول أبرز عضو جمهوري في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، أشاد بالضربة الأمريكية التي اعتبرها «إنذارا» لإيران ووكلائها وخصوم أمريكا في جميع أنحاء العالم بأنه لا تهاون مع الهجمات على المصالح الأمريكية.

سياسة بايدن الغامضة تجاه سوريا والعراق، وخلوها من خطاباته القليلة منذ توليه رئاسة أمريكا، أثارت مخاوف المتابعين، من أن تؤثر رؤيته «المرتبكة والمترددة» في ظل تسارع وتيرة الأحداث في كلا البلدين، من تمدد الميلشيات الإرهابية الموالية لإيران في المنطقة، بعد أن مكّن لهم الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما على حساب السنّة في سوريا و العراق، وأعطى الفرصة لإيران وميلشياتها من السيطرة على مراكز صناعة القرار في البلدين . قبل أن تأتي الضربة الأخيرة، وتعيد الأمور لنصابها وتؤكد من جديد قدرة الإدارة الأمريكية على حسم الأمور، بعد تأكدها من خطر الميلشيات الإيرانية وتهديدها للمصالح الأمريكية في المنطقة، فضلا عن زعزعة استقرار المنطقة وتهديد حلفاء واشنطن.

ربما يعجبك أيضا