استعراض للقوة وإفلاس سياسي.. «النهضة الإخوانية» بتونس تلجأ للشارع وسط تحذيرات من نشر الفوضى

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

يبدو أن حركة النهضة الإخوانية في تونس تصر على أن تسير على خطى إخوان مصر في نشر الفوضى والعنف وإثارة البلبلة والاستقواء بالشارع، إذ حشدت أنصارها للخروج في مسيرة لاستعراض قوتها أمام خصومها السياسيين وإنقاذ زعيمها راشد الغنوشي والرد على الرئيس التونسي ودعوات سحب الثقة من الغنوشي في خطوة وصفها المراقبون والرئيس التونسي بالإفلاس السياسي.

وقالت الحركة، في بيان لها، اليوم السبت: «تشهد بلادنا منذ أشهر عديدة تواتر مُمَارسات ومواقف غير مسؤولة تحاول إرباك العمليّة الديمقراطية بالبلاد والتشكيك في جدواها وتسعى إلى تعطيل عمل الحكومة ومؤسسات الدولة السياديّة وتعمل على ترذيل العمل السياسي وتشويه الخصوم واللّجوء إلى العنف اللفظي والتحريض على المخالفين، الأمر الذي فاقم تردّي الأوضاع المعيشية للمواطنين وهمّش الاهتمام بالقضايا الاقتصاديّة والاجتماعيّة والصحيّة الحارقة، وأشاع أجواء من الشك وعدم اليقين لدى عموم المواطنين حول حسن سير دواليب الدولة ومستقبل البلاد وسلامتها، ومكانة تونس إقليميا ودوليّا».

الحركة ذكرت في بيانها أن الدعوة إلى تنظيم هذه المسيرة الشعبيّة والوطنية للتعبير عن القلق الذي يساور كلّ التونسيين حول ارتفاع درجة المُناكفات السياسيّة والخطابات العدائية بين الفرقاء السياسيين وعدم إيلاء هموم المواطن وأوضاع البلاد الأولويّة المطلقة، ولتأكيد تمسّك التونسيات والتونسيين بخيار الدولة الديمقراطيّة الرائدة ومؤسساتها المنتخبة وفق ما نص عليه دستور 2014، والتأكيد على تعاون كل هياكل الدولة وتضامنها وأهمية العلاقة البنّاءة والمسؤولة بين مختلف مؤسساتها الدستوريّة الإدارية والتنفيذيّة والتشريعيّة، بما يحفظ للدولة هيبتها ونجاعتها ويؤهل البلاد لمجابهة كل استحقاقات المرحلة الصعبة».

تظاهرات تونس3

ووسط انتشار أمني مكثف، احتشد متظاهرو النهضة وسط العاصمة تونس، ثم تحركوا نحو شارع الحبيب بورقيبة، ورفعوا شعارات مؤيدة للحركة.

وأغلقت الداخلية التونسية منافذ العاصمة تحسبا لأي تهديدات إرهابية، فيما وصف الاتحاد التونسي للشغل التظاهرات التي دعت إليها حركة النهضة بأنها استعراض عضلات.

استعراض عضلات

وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي على مسيرات حركة النهضة، قائلًا: «كنا نتمنى أن يكون منطق استعراض العضلات من أجل إيجاد حلول ومخرجات لانتظارات الشعب التونسي وكان من الأولى التخلي عن المناكفات السياسية وإيجاد الحلول بعيدا عن صراعات الشارع».

بدوره قال سامي الطاهري المتحدث الرسمي باسم حزب العمال التونسي لقناة العربية، أن الحل هو رحيل حركة النهضة خلال الفترة الراهنة.

وأحدث المسيرة التي دعا إليها حركة النهضة اليوم انقسامًا داخل الحركة ما بين مؤيد للمشاركة فيها بقوة، ومن يراها بلا جدوى ويرفض الانضمام مثل القيادي سمير ديلو، الذي أكد أن حل الأزمة السياسية لا يكون باستعراض القوّة في الشارع بل بالجلوس إلى طاولة الحوار.

في غضون ذلك، قال القيادي السابق بحركة النهضة لطفي زيتون، إن المسيرة خيار خاطئ، لافتا إلى أن النزول للشارع ليس حلا، وأن الشرعية ومؤسساتها تدافع عنها مؤسسات الدولة المكلفة بالحماية، ووصف نزول أنصار الحركة إلى الشارع بالخطأ الكبير، لأنه سيؤدي إلى انقسام أكبر.

تظاهرات تونس5

عبث بالمنظومة الحاكمة

وجاءت تظاهرات النهضة بالتزامن مع مسيرات لحزب العمال تنديدا بما سموه عبث المنظومة الحاكمة بمصالح البلاد وشعبها.

وانطلقت المسيرة العمالية من ساحة باب الخضراء باتجاه شارع بورقيبة، وهو ما أثار المخاوف من إمكانية حدوث تماس بين التظاهرتين وسط تحذيرات من انزلاق الوضع نحو العنف والفوضى.

في هذا السياق، كشف القيادي في حزب التيار الديمقراطي والنائب بالبرلمان محمد عمار، أن حركة النهضة استخدمت الأموال لحشد الجماهير وجلبهم للمشاركة في هذه المسيرة، من أجل استعراض القوّة والدفاع عن زعيمها راشد الغنوشي.

وجاءت تظاهرات حركة النهضة التي أطلقت عليها شعار “الدفاع عن المؤسسات والدستور”، للرد على تظاهرات مضادة خرجت قبل أسابيع داعمة للرئيس التونسي قيس سعيد تطالب باستقالة الحكومة وحل البرلمان وتغيير النظام السياسي، رفعت فيها شعارات مناوئة لحركة النهضة التي اعتبرت أنها أحد أهم محركات الأزمة السياسية في البلاد، وكذلك مناهضة لزعيمها راشد الغنوشي.

قيس سعيد

إفلاس سياسي

بدوره، وصف الرئيس التونسي قيس سعيد، ما يحدث في البلاد اليوم من تظاهرات لحركة النهضة بـ«مظاهر إفلاس سياسي»، مؤكدًا أنه لا يتحرك إلا وفق مصالح الشعب فقط.

وقالت الرئاسة التونسية: إن الرئيس قيس سعيد أكد أنه سيواصل تحمل الأمانة والبقاء على العهد والعمل بنفس العزم والقوة والإرادة انطلاقا من نفس الثوابت التي تقوم على الصدق.

كما أكد سعيد أنه: «لا يتحرك وفق حسابات البعض أو ترتيباتهم بل وفق المبادئ التي عاهد عليها الشعب التونسي».

وأضاف سعيد: «لن نقبل بأي مقايضة في حق الشعب التونسي أو تتعلق بسيادة تونس».

كما شدد الرئيس التونسي على أن «لتونس من الإمكانيات الكثير، يكفي أن تتوفر الإرادة الصادقة في تحقيق حلم الشعب التونسي في الشغل والحرية والكرامة الوطنية».

وحمّل المعارض البارز نجيب الشابي حركة النهضة، مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع بعد دعوة أنصارها إلى الشارع لاستعراض قوة عضلاتها، محذرا من خطورة المشهد السياسي المتأزم في البلاد وما أصبح يهدد أمنها واستقرارها.

تظاهرات تونس6

ومن جانبه، اعتبر النائب بالبرلمان هشام العجبوني أن ما تحاول القيام به حركة النهضة اليوم هو «التغطية على فشلها الذريع طيلة 10 سنوات في تغيير واقع تونس والتونسيين»، مضيفا أن «الثورة أتت بها إلى السلطة على أساس استحقاقات سياسية واقتصادية واجتماعية ولكنها تصرفت مع السلطة كغنيمة وفرصة للتمكين ولم تحاول إحداث قطيعة مع منظومة الفساد والاستبداد، بل حاولت تعويضه على رأس نفس المنظومة الفاسدة، والتي ازدادت فسادا تحت حكم النهضة وتحالفات زعيمها راشد الغنوشي و توافقاته المغشوشة».

وتحدث هذه التحركات الميدانية في ظل أزمة سياسية غير مسبوقة يشهدها تونس بسبب صدام سياسي بين رؤوس السلطة الثلاث «الجمهورية والبرلمان والحكومة»، وسط تحركات برلمانية بسحب الثقة عن رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي المتهم بسوء إدارة المؤسسة التشريعية واستغلاله لخدمة مصالح حزبه والمقرّبين منه، مع تحذيرات من انزلاق البلاد في العنف والفوضى.

ربما يعجبك أيضا