حماس وفتح يتجهان نحو قائمة واحدة وحراك مناهض للتفرد.. وهل يفجر الغاز المصالحة؟‎

محمود

كتب – محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – تبدو حركتا “حماس” و”فتح” متجهتين إلى متابعة تنفيذ اتفاقهما لتشكيل “جبهة وطنية” تكون الانتخابات محطتها الرئيسة، على أن يتوج ذلك بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ودخول “حماس” في منظمة التحرير التي يُجمع الفلسطينيون على اعتبارها ممثلهم الشرعي الوحيد.

وقد بادرت “حماس” إلى اقتراح تشكيل قائمة انتخابية واحدة مع “فتح” ومن يرغب من الفصائل الفلسطينية، بهدف دخولها النظام السياسي الفلسطيني، من بوابة منظمة التحرير، وتخطي الفيتو الإسرائيلي الدولي على دخولها السلطة الفلسطينية.

وفيما لم تحسم “فتح” خيار الانضمام إلى قائمة واحدة مع “حماس”، رفضت فصائل منظمة التحرير الدخول في القائمة، في محاولة لكسر الثنائية في النظام السياسي الفلسطيني، “وكي لا يكون أبطال الانقسام هم أنفسهم أبطال الاتفاق”، بحسب الأمين العام لـ”حزب الشعب” بسام الصالحي.

 أعلن أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” جبريل الرجوب، ليلة امس السبت، أنّ حركته قررت التوجه للفصائل كافة، وكل المكونات من قطاع خاص وأكاديميين ونقابيين، للمشاركة في قائمة انتخابية واحدة تعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني.

وأكد الرجوب -في حديث لإذاعة “صوت فلسطين” الرسمية- وضع خريطة طريق لضبط الوضع التنظيمي في حركة “فتح”، وإقرار آليات تضمن وحدة المفاهيم والمعايير لاختيار المرشحين بما يضمن تشكيل قائمة تعبر عن طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني ومصالحه في شتى القطاعات.

دعوات الرجوب تعكس أزمة داخلية ليس لفتح فقط، وإنما لحركة حماس أيضا، الأمر الذي يدفع بالفريقين للمضي قدما رغم كل الخلافات والاختلافات.

وقبل نحو ثلاثة أسابيع، انتهى الحوار الوطني الفلسطيني في العاصمة المصرية القاهرة، والذي أكد التوافق على إنجاح الانتخابات العامة بالتتالي (التشريعية، ثم الرئاسية، ثم المجلس الوطني).

وأكد عضو المكتب السياسي لـ”حماس” موسى أبو مرزوق أن حركته هي صاحبة المبادرة لتشكيل قائمة انتخابية مع فتح ومن يرغب بذلك، بهدف “تجاوز الفيتو الإسرائيلي على بعض الشخصيات الفلسطينية، وتخطي منع إسرائيل الانتخابات في القدس”، مضيفاً أن حركته “منفتحة على جميع الخيارات”.

وألمح أبومرزوق إلى أن المجتمع الدولي لن يرفض التعامل مع “حماس”، كما حصل في العام 2006، مشيراً إلى أنه “لا يمكن عزل الحركة في ظل رغبة الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً بتجديد الشرعيات الفلسطينية”.

تحالفات وتكتلات حزبية

قال عضو اللجنة المركزية لفتح، عزام الأحمد، إن خمسة فصائل أبلغت الحركة أنها مستعدة لخوض الانتخابات التشريعية في قائمة واحدة معها.

وأوضح الأحمد، في حديث “لصوت فلسطين”، إن الفصائل هي فدا، وجبهة التحرير الفلسطينية، وجبهة النضال الشعبي، وجبهة التحرير العربية، والجبهة العربية الفلسطينية.

وأضاف: إن اللجنة المركزية لفتح وافقت في اجتماعها الأخير، على طلب التحالف من جانب هذه الفصائل، وقال: بدأنا اتصالات معها من أجل الاتفاق النهائي على صيغة التحالف.

وتابع: بالنسبة لحماس حتى الآن لم يتم اتفاق أو بحث تفصيلي، حتى حول مبدأ المشاركة في قائمة موحدة.

وأردف قائلاً: علمنا أن اتصالات كثيرة تجري بين فصائل وغيرها، لتشكيل قوائم مشتركة، ومن حق كل فصيل أو فلسطيني أو مجموعة أن تشكل التحالف الذي يريد، المهم أن يكون ضمن قانون الانتخابات المعدل رقم (1) 2007 والمرسوم الرئاسي.

في غضون ذلك، أعلنت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، بعد أيام من النفي والتأكيد، أنها ستخوض الانتخابات «وفق برنامجها السياسي، من دون أن تكون شريكاً في ما اسمته “تكريس اتفاقات أوسلو المذلّة والكارثيّة، ولا غطاء لأيّ من إفرازاته، وان ذلك لا يعني بأي حال التكيُّف مع هذا الواقع، بل رفضه بالمطلق ومقاومته بكلّ السبل السياسية والديموقراطية والكفاحية.

وبالتزامن، لوّح «حزب الشعب» بإمكانية تشكيل «قائمة اليسار الفلسطيني الموحّد» لخوض الانتخابات، مشيراً إلى «جهود للتوصُّل إلى اتفاق بهذا الخصوص.

حراك مناهض “للتفرد” الثنائي

وتمنح الأيام العشرين المتبقية لفتح باب الترشح للانتخابات في 20 مارس (آذار) المقبل، الفرصة للفصائل الفلسطينية لحسم مواقفها من التحالف في قوائم انتخابية موحدة، أو تشكيل قوائم منفصلة. وتعطي الفرصة لحركة “فتح” لحسم موقفها في ظل رغبة الرئيس عباس بتقديم قائمة واحدة عن الحركة، ورغبة عديد من أقطاب الحركة بتشكيل قوائم منفصلة.

لكن القيادي في “الجبهة الشعبية” عمر شحادة رفض فكرة التحالف مع حركتي “فتح” و”حماس”، مضيفاً أن الجبهة “ستناضل لإنهاء تسلط حكومتي “حماس” و”فتح” في غزة والضفة الغربية، ومحاربة الفساد والهيمنة على القرار الفلسطيني، وبهدف إنهاء المرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو”.

كما وأعلن نشطاء وشخصيات فلسطينية، عن تأسيس حراك ديمقراطي وطني اجتماعي جديد باسم “الحراك من أجل الوطن والعدالة والديمقراطية” وأطلق عليه اختصار “وعد”.

وقام على تأسيس الحراك ناشطون وشخصيات تصف نفسها “بالمستقلة”. ويقول مؤسسوه إنه ليس بديلا عن الفصائل الموجودة، وإنهم يسعون لمجتمع ديمقراطي وحر بعيدا عن التفرد في قيادة الشعب الفلسطيني.

وتلا الناشط في الحراك وأحد أعضائه محمد النجار بيانه التأسيسي الذي اعتبر أن “كسر حدة الاستقطاب بين القوى السياسية المهيمنة على المشهد العام يتطلب نهوض قوى اجتماعية وسياسية جديدة تعمل على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بطريقة ديمقراطية لتصبح ائتلافاً وطنياً جامعاً”.

وأكد البيان على حق الشعب الفلسطيني “في تقرير المصير والعودة” ومحاربة “الفئوية والجهوية والعصبوية”.

وأوضح الناشط غسان طوباسي أحد المشاركين في تأسيس الحراك، خلال المؤتمر، أن فكرة “وعد” قائمة منذ فترة لدى المستقلين، وهو ليس “كتلة انتخابية”.

وأضاف “لكننا منفتحون على كل الحركات، وسنتعامل مع الانتخابات القادمة بقدر ما تتعامل وتتقاطع القوى مع برنامجنا السياسي والاجتماعي”، دون أن يوضح بشكل صريح موقف الحراك من المشاركة في الانتخابات.

ومن ضمن الشخصيات البارزة في تأسيس الحراك إضافة إلى زقوت، مشهور أبو دقة وزير النقل والمواصلات (2009-2012) في حكومتين لفياض، وعيسى عمرو مؤسس “تجمع شباب ضد الاستيطان”.

وبعد أسابيع على تهديد عباس لأي شخصية من حركة فتح تنضم إلى قائمة انتخابية غير قائمة الحركة الرسمية، أصر عضو اللجنة المركزية للحركة ناصر القدوة على تشكيل “قائمة وطنية موسعة” تعمل على “تغيير النظام السياسي الفلسطيني، وإجراء تغييرات جدية، وإلغاء الثنائية بين حركتي فتح وحماس”.

وتمسك القدوة بتشكيل قائمة انتخابية موسعة تضم قيادات من فتح ناقمة على الرئيس عباس، ورجال أعمال، وشخصيات مستقلة، إضافة إلى قيادات محسوبة على القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي المعتقل لدى إسرائيل منذ نحو عشرين عاماً.

ويقدم القدوة قائمته على أنها طوق نجاة للمشروع الوطني الفلسطيني، وعنواناً لتغيير النظام السياسي الفلسطيني “الذي أصبح بعيداً كل البعد عن التعددية”، واصفاً الوضع الحالي “بأنه ليس فلسطينياً”.

عباس يطمئن واشنطن

يحرص محمود عباس على طمأنة الإدارة الأميركية، ومن ورائها إسرائيل، إلى توافق إجراءاته الانتخابية مع الرؤية الدولية، ولا سيما في ما يتعلّق بوضع «حماس».

 وتداركاً للسيناريوات المحتملة، أرسلت السلطة رسالة «تعريفية وتطمينية» تتعلّق بالانتخابات إلى الإدارة الأميركية والعدو الإسرائيلي، قالت فيها إن «جميع الفصائل المشاركة في الانتخابات، بما فيها حماس، ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبالمقاومة الشعبية السلمية، وبمعايير القانون الدولي، وبمنظّمة التحرير بصفتها المظلّة السياسية والممثّل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وبالتداول السلمي للسلطة».

غاز غزة يعرقل التقارب بين “فتح” و”حماس”

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى التقارب بين حركتي “فتح” و”حماس” وخط الاتصال المفتوح بين الفصيلين، بعد الاتفاق على الذهاب للانتخابات للخروج من المأزق السياسي، أثار توقيع السلطة الفلسطينية مع مصر عقد تفاهم مرتبط بحقل الغاز قبالة سواحل غزة، خلافاً متجدداً بين الفصائل في القطاع والمسؤولين في الضفة الغربية.

وبدأت الخلافات عندما انتقدت حركة “حماس” إجراءات السلطة الفلسطينية، بتوقيع اتفاقية استخراج الغاز من حقل “مارين” من دون مشاركتها، واعتبرتها محاولة إقصاء لها، على الرغم من اتفاق الفصيلين على مشاورة بعضهما في القضايا الكبرى.

ويقول عضو المكتب السياسي في الحركة موسى أبومرزوق: “يجب أن تكون غزة حاضرة في أي تفاهمات حول حقل الغاز الموجود قرب شواطئها، وبما أن القطاع مضطر لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل لمحطة الكهرباء الوحيدة، فلا يجب أن نقف متفرجين، وثرواتنا الطبيعية تذهب بعيداً”.

وجغرافياً، يقع قبالة سواحل غزة وضمن حدودها المائية حقل غاز غزة المعروف باسم “غاز مارين” ويتقاطع مع الحدود المصرية. لكن بسبب المنع الإسرائيلي، لم تتمكن السلطات الفلسطينية من التنقيب، فلجأت لعقد اتفاقية مع مصر لاستخراجه وتطويره.

وفي 21 فبراير (شباط) الحالي، وقعت السلطة الفلسطينية مذكرة تفاهم مع السلطات المصرية، للتعاون بمساعي تطوير البنية التحتية لحقل غاز غزة، على نحو يوفر احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي، مع إمكانية تصدير جزء من محتوياته إلى الجانب المصري.

لكنها، لم تفصح عن أي معلومات كاملة حول اتفاقية التفاهم مع الجانب المصري، ولا عن حصة غزة من الغاز المستخرج، ولم يتحدث المسؤولون عن حل مشكلة الكهرباء المتفاقمة من سنوات في القطاع.

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن السلطة الفلسطينية اتفقت على إنشاء محطة كهرباء في جنين لتغذية الضفة الغربية، ومد خط غاز لمولدات إنتاج التيار في غزة، لكن من دون تحديد الكمية الشهرية، ولا الحديث عن حل أزمة كاملة للكهرباء في القطاع.

هذا الأمر أثار غضب قادة “حماس”، بحسب أبو مرزوق، الذي أكد أنه لا يجب أن تقف غزة وفصائلها متفرجة، والثروة الطبيعية للفلسطينيين تذهب بعيداً، لافتاً إلى ضرورة معرفة تفاصيل الاتفاقية التي تم توقيعها.

هذا التدخل، أعاد الخلافات بين الفصائل في غزة والسلطة الفلسطينية، إذ تعتبر الأولى أن المسؤولين في الضفة الغربية ما زالوا يتفردون بالمقدرات الفلسطينية، خلال المرحلة الانتقالية التي تسبق انتخابات المجلس التشريعي الملزم بالمصادقة على العقود الكبيرة التي تبرم بشأن المقدرات الوطنية.

في حين اعتبرت السلطة الفلسطينية انتقاد “حماس” لها بالتدخل “غير مبرر”، ويقول عضو اللجنة المركزية في حركة “فتح” حسين الشيخ إن “حماس” فصيل سياسي، وفي العادة الاتفاقيات توقع بين الدول وليس التنظيمات الحزبية، وفلسطين عضو في منتدى غاز المتوسط، وللسلطة أحقية قانونية في إجراء التفاهمات المناسبة من دون استشارة الأحزاب”.

هذه الردود، بحد ذاتها كانت صدمة للحركة، ما جعلها تصف فلسطين، بالأراضي وليست “دولة”، إذ جاء ذلك على لسان الناطق باسمها حازم قاسم قائلاً “قيادات فتح والسلطة في رام الله تبيع الوهم للجمهور بأنها تدير دولة، فقد فشلوا في إنجاز أي تطلعات للشعب، وعززوا الانقسام السياسي والجغرافي، وما زالوا يبحثون حول سراب التسوية مع إسرائيل، وكذلك مصرين على إدارة العلاقات مع المحيط بعيداً عن الشعب ومؤسساته”.

في الواقع، زار وفد هندسي وعسكري مصري غزة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لإطلاع الجهات الحكومية في القطاع على نية ترسيم الحدود واستخراج الغاز من حقل مارين، الأمر الذي اعتبره مراقبون سياسيون بأن “حماس” على علم بالاتفاقية التي تمت بين السلطة الفلسطينية والمصريين.

ويقع حقل غاز مارين على بعد 36 كيلومتراً من شواطئ غزة، على مساحة 1000 كيلومتر. وتشير التقديرات الرسمية إلى احتوائه على 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ويمكن أن يسد احتياجات الفلسطينيين في الضفة الغربية والقطاع لمدة 25 عاماً مع إمكانية تصدير جزء منه إلى الدول المجاورة.

الغريب في الموضوع، أن “حماس” ترغب في ترك سدة الحكم في غزة، وقررت الذهاب للانتخابات لإنهاء حالة الانقسام السياسي، لكن تدخلها في اتفاقية الغاز يكشف أنها لا تزال ترغب في مواصلة سيطرتها على القطاع، وفقاً لمراقبين.

وكشفت الأجواء المتوترة بين “فتح” و”حماس” عن النية الحقيقية للطرفين بعدم جدية الذهاب لصناديق الاقتراع لإنهاء المأزق السياسي الفلسطيني

ربما يعجبك أيضا