تفجير سفينة إسرائيلية.. طهران تكشر عن أنيابها وواشنطن تترقب

دعاء عبدالنبي
استهداف سفينة إسرائيلية في خليج عمان - أرشيفية

كتبت – دعاء عبدالنبي

تزامنًا مع مساعي العودة للاتفاق النووي، وردًا على الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، جاء تفجير السفينة الإسرائيلية في خليج عدن ليكشر عن أنياب طهران، التي اتهمتها إسرائيل بالوقوف وراء التفجير قبل أن يؤكد إعلام المرشد الأعلى لإيران مسؤولية الأخيرة عن العملية كرد فعل انتقامي، والتي تزامنت مع تحركات عسكرية مضادة اتخذتها الإدارة الأمريكية بقصف مواقع تمركز لميلشيات تابعة لإيران في الداخل السوري، فهل يسفر الحادث عن حرب جديدة تشنها طهران في مياه الخليج؟ .

تفجير سفينة إسرائيلية

تعرضت السفينة الإسرائيلية التي تحمل اسم “ هليوس راي”، لانفجار في خليج عمان يوم الخميس الماضي، والمسجلة في جزيرة “آيل أوف مان”، كانت في طريقها إلى سنغافورة من الدمام في السعودية.

عقب الانفجار، كشفت صور الأقمار الصناعية المتاحة عبر موقع “مارين تايم ترافيك” المتخصص في تتبع حركة السفن، أن “هليوس راي” كانت تسير في خليج عدن وعلى وشك الدخول إلى بحر العرب، إلا أنها استدارت فجأة وعبرت مضيق هرمز وعادت إلى خليج عدن قبل أن يقع الانفجار، فيما أفادت البحرية البريطانية أن طاقم السفينة وحمولتها لم يصابا بأذى ونُقلا إلى أقرب ميناء.

وبحسب تصريحات مالك السفينة ، قال إن “الأضرار عبارة عن ثقبين بقطر نحو متر ونصف، لكن لم يتضح لنا بعد ما إن كان ذلك ناجما عن إطلاق صاروخ أم ألغام تم لصقها بالسفينة”.

وتتبع الحاملة واحدة من أكبر شركات الشحن البحري في تل أبيب، وهي شركة “راي شيبينج ليمتد”، ومالكها رامي أونجر من أثرى رجال الأعمال الإسرائيليين والمقرب من رئيس الموساد يوسي كوهين بحسب قناة “كان”.

ويعيد الهجوم الأذهان إلى الأحداث التي شهدتها منطقة الخليج في عام 2019، وما جرى فيما عرف بحرب ناقلات النفط ومصادرتها، وعمليات التفجير التي طالت بعضها والتي أدت لتأثر تصدير النفط للعالم.

من المسؤول؟

من جانبها، حملت إسرائيل، إيران المسؤولية عن تفجير سفينة الشحن في خليج عُمان، وهو ما جاء في أول تصريح رسمي لوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس.

مالك السفينة، رجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونجر أكد في تصريح له،  أنه من غير المرجح أن يتم استهداف السفينة بسبب تبعيتها لمالك إسرائيلي، ولكن جاءت ضمن “اللعبة الجارية بين إيران والولايات المتحدة”.

ورجحت شركة “Dryad Global” المختصة بالأمن البحري، في بيان لها  عن الحادث وقوف القوات الإيرانية وراء الانفجار.

كما أشارت صحيفة “هآرتس” والقناة 13، إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أن الحرس الثوري الإيراني أطلق صاروخا أو صاروخين أثناء مرور السفينة بمحاذاة مضيق هرمز، “ومع علمهم أنها سفينة إسرائيلية”.

فيما أعربت أجهزة الأمن الإسرائيلية منذ مدة طويلة، عن خشيتها من أن تختار إيران الساحة البحرية للاشتباك مع إسرائيل، لإنها ستهدد حرية الملاحة في المسارات البحرية، ما سيسبب أضرارًا كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلي، بحسب “هآرتس”.

وعُرف عن إيران بأنها تستهدف ناقلات النفط في منطقة الخليج، حيث سبق واستهدفت 543 ناقلة نفط وسفينة في مياه الخليج، بينها 160 سفينة أمريكية، وإغراق أكثر من 250 ناقلة نفط عملاقة، في حربها مع العراق بين عامي (1980-1988).

إيران: عملية انتقامية

وجاء أول رد إيراني تعقيبًا على التفجير، من خلال ما أكدته صحيفة إيرانية، عن المسؤولية غير المباشرة لإيران عن عملية تفجير سفينة إسرائيلية في خليج عمان.

وذكرت صحيفة “كيهان” الإيرانية المقربة من المرشد الأعلى بأن “الهجوم على ​السفينة​ في خليج عمان، هو انتقام للمقاومة من الهجمات والجرائم الإسرائيلية الأخيرة في المنطقة”.

وكانت قناة “كان” الإسرائيلية، قالت إن تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلية تشير إلى أن الحديث يدور عن عمل انتقامي إيراني.

وبحسب المؤشرات الأولية، يبدو أن إيران ستركز هجماتها القادمة على إسرائيل ردًا على هجماتها وغاراتها ضد مواقعها في سوريا، وكرد فعل انتقامي لاغتيال الموساد العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، فضلا عن سعي طهرات لإثبات قدراتها على صد أي هجوم لاسيما بعد الغارات الأمريكية التي تعرضت لها مؤخرًا في سوريا.

سياسة بايدن وعواقب العودة للاتفاق

يأتي الهجوم بعد وقت قصير من إعلان واشنطن، قصف مواقع مليشيات موالية لإيران في سوريا على الحدود مع العراق، رداً على الهجمات الصاروخية الأخيرة في العراق.

ويعد استهداف السفينة الإسرائيلية في الخليج الأول في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعلن منذ توليه عن سياسة جديدة سيتعامل بها مع منطقة الخليج  بعيداً عن معاملة سلفه، دونالد ترامب، والتي كانت صارمة ضد إيران ومؤثرة.

وعلى مدار السنوات الأربع الماضية التي حكم فيها الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة، شهدت منطقة الخليج هجمات استهدفت ناقلات النفط، خاصة مع دخول العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ ضد طهران.

ويأتي تفجير السفينة الإسرائيلية في المياه العربية المواجهة للسواحل الإيرانية في ذكرى اعتداءات على ناقلتي بترول أمريكيتين قرب مضيق هرمز في صيف 2019، ثم قامت زوارق إيرانية في  أبريل 2020 بما أسمته البحرية الأمريكية تحرشاً بسفن أمريكية في المنطقة نفسها.

ولفتت وكالة “أسوشيتدبرس” في تغطيتها لحادث تفجير السفينة الإسرائيلية، متهمة إيران بأنها “دابت أخيراً على زيادة اختراقاتها لاتفاقها النووي مع العالم، معتبرةً أن التفجير الأخير يأتي في ظل هذه “الخروق الإيرانية”.

وبحسب المحللين فإن الحادث يأتي ضمن المناوشات السياسية بين إيران والولايات المتحدة، خاصة مع الحديث عن العودة للاتفاق النووي، حيث تريد إيرن من خلال تلك الهجمات، إثبات قدرتها العسكرية للولايات المتحدة، وأن لديها قدرة في ردع أي اعتداء خارجي حتى وإن كان من واشنطن.

وليس من المستبعد أن تشهد مياه الخليج مزيدًا من الهجمات ضد ناقلات النفط والسفن المختلفة، دون تحديد الجهة التي تقف وراء تلك الهجمات، وإبقاء صفة المجهول عليها، في ظل الضغوطات السياسية بين طهران وواشنطن، والتي قد تدفع إدارة بايدن إلى إرسال تعزيزات عسكرية في تلك المنطقة لمواجهة أي هجمات محتملة من إيران.

ربما يعجبك أيضا