الانتحار في عهد أردوغان.. أرقام مرعبة وقصص أليمة

محمود طلعت

محمود طلعت

يمر المجتمع التركي خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية، بمرحلة من بين أسوأ المراحل التي شهدها على مر التاريخ، حيث يعاني الشباب التركي حالة من فقدان الأمل واليأس، في ظل تدهور اقتصاد البلاد، وفقدان الأمل في الحصول على فرص العمل، الأمر الذي يدفع الغالبية العظمى منهم إلى النهاية المأساوية وهي الانتحار.

ومؤخرا كشف تقرير أعده حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، عن ارتفاع معدلات الانتحار في البلاد، خلال فترة حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أعقاب اضطرابات اجتماعية وسياسية واقتصادية.

حكم «الرجل الواحد»

وأشار التقرير إلى أن هناك زيادة بنسبة 48% في حالات الانتحار تحت حكم حزب العدالة والتنمية، وأنه كل أسبوع يموت ما لا يقل عن 65 مواطنا في نظام حكم «الرجل الواحد»، بحسب وصف نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري جمزة أقكوش إيلجازدي.

وأوضح التقرير، أن حالات الانتحار في تركيا ازدادت لأسباب اقتصادية بنسبة 38٪ في الفترة 2017-2019، بينما توفي 232 شخصاً في عام 2017 لأسباب اقتصادية، ارتفع هذا العدد إلى 312 خلال 2019.

وتفصيلا انتحر 9916 شخصًا بين عامي 2017 و2019، حيث يشكل هذا الرقم وحده 19% من 53 ألفاً و425 حالة انتحار في ظل حكومات حزب العدالة والتنمية، خلال الفترة 2002-2019.

وفي حين أنهى 2030 شخصا حياتهم لأسباب مختلفة في عام 2002، ارتفع هذا العدد إلى 3 آلاف و406 في عام 2019، وتؤكد الحكومة التركية أن 4 من كل 10 أشخاص الذين اختاروا الموت لا يعرف سبب انتحارهم، بعبارة أخرى، لم يتم منع 42% من حالات الانتحار في تركيا، وفقا لتقرير حزب الشعب الجمهوري.

16087548480

قصص الانتحار الأليمة

يصعب تسليط الضوء على حالات الانتحار في تركيا، بسبب تزايدها بدرجة كبيرة، ولكننا سنكتفي بإبراز بعض تلك الحالات والتي وقعت خلال الشهرين الماضيين فقط.

حالة الانتحار الأولى التي نبرزها وقعت الأسبوع الماضي، فبعد انتحار والده بيوم واحد فقط، بسبب تراكم الديون عليه وعدم القدرة على سدادها، قرر مواطن تركي من مدينة فان اللحاق بأبيه.

وأكد موقع «تاله 1» التركي، أن «فهيم أبو» البالغ من العمر 65 عامًا، وابنه «سردار أبو» البالغ من العمر 25 عامًا، انتحرا بسبب الديون وسوء الأحوال الاقتصادية.

واقترض «سردار» الذي يعمل في تجارة معدات المطبخ في مدينة فان التركية، من المرابين لسداد ديون تتعلق بعمله، ولعجزه عن السداد اضطر إلى الهروب من مدينته، وهدد المرابون أسرته، حتى أنهم داهموا منزل والده، قبل أن يقرروا مصادرة جميع ممتلكاتهم.

وفي مشهد أليم وبعد عجز الأسرة عن سداد الديون شنق الأب نفسه في شجرة، ولما علم سردار بانتحار والده، قتل نفسه داخل غرفة الفندق الذي يُقيم فيه.

حالة أخرى وقعت الأسبوع الماضي أيضا، حيث انتحر مواطن تركي يدعى فولكان أوزكان (36 عامًا) شنقًا بحبل بسبب إصابته بالاكتئاب، داخل منزله في منطقة فوكا بمحافظة موغلا، وفقًا لما نشرته جريدة «KRT» التركية.

يذكر أنه هناك أكثر من 10 حالات انتحار في الأيام العشرة الماضية، والتي ظهرت عبر الصحافة.

فولكان أوزكان
فولكان أوزكان

اليأس وفقدان الأمل

وفي واقعة تكشف مدى اليأس والإحباط الذي أصاب الشباب التركي، نشر رواد مواقع التواصل الأتراك رسالة شاب تركي منتحر يدعى «أحمد كاراكيتشي» يعترف فيها بانتحاره نتيجة انعدام الأمل وقلة الحيلة التي تواجهه في حياته.

وحسب الرسالة التي كتبها الشاب المنتحر قبل وفاته، قال، «لم يقتلني فيروس كورونا.. من قتلني هو اليأس وفقدان الأمل وانعدام الصبر وقلة الحيلة.. لقد انتحرت».

كما انتحر الموسيقار التركي الشاب ميرت إيل، لمروره بضائقة مالية واجهته بعد بقائه عاطلًا عن العمل منذ عام، بسبب تفشي فيروس كورونا.

وفي حادث مأساوي آخر انتحر زوجان في سن الـ25، بمقاطعة زيتينبورنو بمدينة إسطنبول بسبب مشاكلهما الاقتصادية، بعد أن تركا طفلهما الصغير عند الجيران، حسبما نشرت جريدة «KRT» التركية.

وبسبب أزمة مالية، انتحر عضو مجلس بلدية كارتبا عن حزب الشعب الجمهوري التركي، توجاي أداك (28 سنة)، بالقفز من أعلى أحد الجسور بمنطقة 42 إيفلر بمحافظة كوجالي.

وانتحر المواطن التركي، أورخان أرتان، العامل بأحد المقاهي في مقاطعة تارسوس التابعة لمدينة مرسين، لعدم قدرته على سداد ديونه.

وقال موقع «آرت جرتشك» التركي، إن أرتان (عمره 42 عامًا)، انتحر لعدم قدرته على شراء أجهزة دراسية لأولاده، تاركًا خلفه 4 أطفال وزوجة.

كما انتحر عامل بناء تركي يدعى أونال تشتين قايا يبلغ من العمر 25 عامًا بسبب مروره بضائقة مالية. وذكر موقع جمهورييت التركي، أن أونال انتقل إلى مدينة كوجالي قادمًا من أديامان للبحث عن العمل، وبعد 5 أيام من قدومه إلى كوجالي أقدم على الانتحار.

وبرسالة مؤثرة قبيل وفاته كتب تشتين قايا في آخر منشور له عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «لم أكن أعرف ما كنت أفعله مؤخرًا بسبب المشاكل المالية. أحبكم جميعًا. مع السلامة».

canstockphoto388255

إن تزايد حالات الانتحار في تركيا سببه الرئيسي الحزب الحاكم وسياساته المتخبطة والخاطئة والتي أدت إلى تردي الوضع الاقتصادي للدولة، وبالتالي تردي الواقع المعيشي للمواطن التركي، وتراكم الديون عليه وارتفاع معدلات البطالة، وما إلى ذلك

ربما يعجبك أيضا