استهداف «عين الأسد».. حرب بالوكالة بين طهران وواشنطن في العراق

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

ضربات متبادلة بين واشنطن وطهران لإيصال رسائل واضحة قبيل العودة للاتفاق النووي حول مدى القوة الإقليمية لكل منهما، بدأت بضربات متتالية لأهداف تابعة لتحالف الولايات المتحدة بالعراق، لترد إدارة بايدن بأول هجوم مضاد ضد مواقع موالية لإيران في سوريا، فكان الرد باستهداف ثاني أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في العراق “عين الأسد”، في تمدد واضح لسياسة عض الأصابع التي قد تؤدي لمزيد من التوتر والتصعيد في المنطقة.

هجوم جديد بالعراق

سقط ما لا يقل عن 10 صواريخ، اليوم الأربعاء، على قاعدة عين الأسد الجوية العراقية التي تستضيف قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وهو ما صرحت به مصادر بالجيش العراقي التي أكدت عثورها على منصة إطلاق الصواريخ المستخدمة في الهجوم.

وأشار مصدر أمني إلى أن الصواريخ التي استهدفت قاعدة عين الأسد انطلقت من منطقة البيادر وهي منطقة زراعية تقع على الطريق العام بين هيت والبغدادي.

الهجوم لم يسفر عن خسائر كبيرة، ولكنه أدى إلى وفاة متعاقد مدني بسكتة قلبية بحسب ما أعلنته “وكالة الأنباء الفرنسية”.

سبق ذلك هجوم صاروخي في 16 فبراير على قوات التحالف شمالي العراق، وأدى إلى مقتل متعاقد مدني وإصابة جندي أمريكي.

وكانت الولايات المتحدة قد ألقت باللوم على الفصائل المدعومة من إيران، في الهجوم الذي استهدف قاعدة عسكرية أمريكية في مطار أربيل الدولي، فيما تبنت جماعة شيعية تطلق على نفسها “سرايا أولياء الدم” مسؤوليتها عن ذلك الهجوم.

وتزايدت في الفترة الماضية، حدة العمليات التي تنفذها مليشيات مسلحة ضد المقار الدبلوماسية ومواقع التحالف والولايات المتحدة في العراق، ولم يسفر معظمها عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، وهو الأمر الذي طرح الكثير من التساؤلات حول أهداف تلك العمليات ومن يقف ورائها.

وتزايدت في الفترة الماضية، حدة العمليات التي تنفذها مليشيات مسلحة ضد المقار الدبلوماسية ومواقع التحالف والولايات المتحدة في العراق، ولم يسفر معظمها عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، وهو الأمر الذي طرح الكثير من التساؤلات حول أهداف تلك العمليات ومن يقف ورائها.

ويعد هذا ثاني هجوم صاروخي في العراق خلال أسبوعين، قبل يومين من زيارة بابا الفاتيكان للبلاد، المقررة في الفترة من 5 إلى 8 مارس، على الرغم من تدهور الوضع الأمني في البلاد.

الرد على هجوم بايدن

يعد هذا أول هجوم منذ أن ضربت الولايات المتحدة أهدافا تابعة لميلشيات متحالفة مع إيران على طول الحدود العراقية-السورية الأسبوع الماضي.

وجاءت الضربة الأمريكية ردًا على سلسلة هجمات صاروخية استهدفت مصالح أمريكية، وشهدت مقتل متعاقد فلبيني يعمل لدى التحالف خارج مطار في مدينة أربيل شمالي العراق.

وبعد ذلك الهجوم، قال البنتاجون إن الضربة كانت “ردًا عسكريا متناسبا” تم اتخاذه بعد التشاور مع الشركاء في التحالف.

تتمثل أهداف إدارة بايدن من وراء الضربات والتهديدات الأخيرة لطهران.

– أولًا: تجميع أوراق تهديدٍ بالنار في يديها، تظن أنها تشكّل وسائل ضغط على إيران لحملها على الرضوخ لمطلب المفاوضات.

– ثانيًا: استرضاء إسرائيل التي تعارض عودتها إلى الاتفاق النووي .

– ثالثًا: تحذير أعداء أمريكا وإسرائيل في المنطقة من مغبة مهادنة إيران وحلفائها.

توقع المحللون عقب الهجوم الأمريكي أن تكون هناك مزيد من الرسائل المتبادلة بين طهران وواشنطن، حيث يمثل العراق فيها رقعة استراتيجية للمواجهة المقبلة بين الطرفين، وهو ما جاء بتوجيه صواريخ لاستهداف ثاني أكبر قاعدة عسكرية بالعراق.

قاعدة عين الأسد

تعتبر ثاني أكبر القواعد الجوية في العراق، وتمثل أهمية استراتيجية وعسكرية كبرى؛ حيث استخدمها التحالف الدولي ضد “داعش” في تحقيق تقدم استراتيجي على الأرض وفرض الهيمنة والسيطرة ضد التنظيم .

وتقع القاعدة في محافظة الأنبار غربي العراق بالقرب من نهر الفرات، بدأ العمل في إنشائها عام 1980 واكتمل بناؤها عام 1987، وكانت لها دور بارز خلال فترة الحرب “العراقية الإيرانية” إلى أن تم استهدافها خلال حرب الخليج، وتتسع لنحو 5 آلاف جندي.

وتضم القاعدة مطارًا عسكريًا مجهزا بمقاتلات ومروحيات، وفيها أيضًا قوة من الدفاعات الجوية وبرج للمراقبة الجوية مجهز بالرادارات ويحتوي على مدرج واحد بطول 3 كم.

في العام 2014 ضمت القاعدة 300 جنديًا ومدربًا ومستشارًا أمريكيًا وطائرات للتحالف الدولي، و18 طائرة من مقاتلات الأباتشي التي شاركت في قصف مواقع لداعش، واليوم تضم نحو 2000 جندي أمريكي، ولطالما استخدمتها واشنطن لمراقبة أنشطة ميلشيات إيران بالعراق.

سياسة عض الأصابع

يبدو أن كلا من واشنطن وطهران يستعيدان نفوذهما على طاولة المفاوضات من خلال تلك الضربات هنا وهناك، ومن ثم تحسّن بين طهران وواشنطن سيصبّ مزيدًا من الزيت فوق نيران التوتر والاحتقان الإقليمي، إذا لم يكن التقارب محكومًا بمحدّدات موضوعية تحافظ على حقوق دول المنطقة واستقرارها.

من جهة أخرى يحذر المحللون من التمادي في لعبة عض الأصابع لإنها ستفتح الباب أمام تدخلات وتحركات أطراف قد لا يهمها استقرار المنطقة، فهناك إدراك إيراني أنها غير مسموح لها عالميا حيازة سلاح نووي، وما المسألة النووية إلا أداة تفاوض لرفع العقوبات.

وفي حال تم رفع جميع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي، فإن ذلك لن يعطي الإيرانيين دافعا لتغيير سلوكهم المهدد في المنطقة، فإيران ستستمر في نهجها التصعيدي للعودة للاتفاق النووي دون تغيير، أو على أقل تقدير دون ربط برنامجها للصواريخ الباليستية ونهجها في المنطقة بالملف النووي.

وبالنسبة لإدارة بايدن، فقد سعت لتؤكد بانها لن تكون مرنة ومتفهمة في سياساتها الخارجية، وإنها ستمضي قدما في مدرستها التقليدية بممارسة الضغوط والضرب تحت الحزام  لخدمة أغراضها ومصالحها، بهدف التأكيد على قوة أمريكا العظمى من خلال ضربتها الأخيرة الموجهة لإيران والحليف الروسي.

وبعد استهداف القاعدة الأمريكية فمن المتوقع تصعيد جديد من قبل إدارة بايدن التي أظهرت في الآونة الأخيرة وجهها الخشن في سياستها الخارجية ولاسيما تجاه إيران، ومن ثم فإن استمرار التراشق العسكري المتبادل بين الميلشيات العراقية المدعومة من إيران والقوات الأمريكية في المنطقة، سيعرقل الجهود الدولية التي تستهدف إحياء الاتفاق النووي الإيراني مُجددًا.

ربما يعجبك أيضا