بعد شهادة «الخردة».. التجاذبات الأمريكية – الروسية في أرمينيا تتصاعد

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

في لقاء مطول على قناة أرمينية، وردًا على انتقادات حول عدم استخدام صواريخ «إسكندر» الروسية في الأيام الأولى من الحرب مع أذربيجان، رد رئيس الحكومة الأرمينية، نيكول باشنيان، على المنتقدين بسؤالهم حول عدم انفجار صواريخ إسكندر التي أطلقت على أذربيجان، أو لماذا انفجر منها ما نسبته 10 % فقط ؟ رد ربما أصاب المحاور بالدهشة والاستغراب، ليواصل باشنيان، حديثه بالقول إن الصواريخ الروسية ربما كانت تالفة من حقبة الثمانينيات !

Iskandar failed

تصريحات باشنيان توجع اقتصاد روسيا

تصريحات باشنيان، المعروف بميوله الغربية، أوجعت روسيا في اقتصادها وصناعاتها الحربية، وسارعت الدفاع الروسية للرد عن «خردتها» بشقين، الأول: نفي استخدام صواريخ إسكندر أثناء المعارك  الدائرة في إقليم قره باغ الأذري، والثاني بنشر صور ومقاطع لاستخدامه في سوريا.

في الدليل الثاني، كانت المصادفة أن توثق موسكو جرائمها بحق الشعب السوري أثناء استهدافها بصاروخ إسكندر مدرسة، ومشفى في مدينة أعزاز، في شباط 2016، ويومها ارتكبت روسيا مجزرة راح ضحيتها 14 مدنيا ونازحا، إضافة إلى إصابة العشرات.

وفيما حاولت الدفاع الروسية استخدام مشاهد القصف الناجحة للأهداف المدنية، واستثناء الإطلاقات الفاشلة، جاءت المفارقة، بتوثيق ناشطين ومختصين بالشأن الأرميني لحظة إطلاق الجيش الأرميني عدة صواريخ إسكندر باتجاه إقليم قره باغ، والقوات الأذرية المتقدمة أواخر 2020، ما يعني إن ادعاءات الروس بعدم رصد إطلاق أي صواريخ إسكندر في قره باغ غير صحيح، وأن تصريحات باشنيان بشأن «الخردة» الروسية في مكانها.

زيادة على تخمين باشنيان بشأن حقبة الثمانينيات، جاءت تحقيقات عسكريين بأن صواريخ إسكندر المعنية حديثة وبيعت لأرمينيا عام 2015 وشاركت بعرض عسكري عام 2016.

قبل نحو 4 أشهر خرج رئيس الوزراء في خطاب إذاعي قال إن خسارة بلاده أمام أذربيجان كانت بسبب الصناعات الدفاعية الروسية التي استخدمها جيشه .

تصريحات أغضبت الدب الروسي، الذي سرعان مع تخلى عن حليفه «باشنيان» في خضم الأزمة السياسية الطاحنة التي تعيشها البلاد، منذ خسارة معركة قره باغ أمام الجار الأذري، معللة ذلك بأن ما يحدث في أرمينيا شأن داخلي !

واشنطن.. عين على يريفان

بدورها، ترصد واشنطن عن قرب تطورات الوضع في أرمينيا، التي باتت تكتسب أحداثها أهمية إضافية في هذا التوقيت الحرج، بعد أن تحوّلت إلى ساحة مباشرة للتدخل الأمريكي ضد الدور الروسي التقليدي.

لتحقيق ذلك، تسعى إدارة الرئيس جو بايدن، إلى إحياء مشروع «نظرية الحزام الأخضر» التي وضعتها خلال الحرب الباردة أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، والتي تقوم على فكرة «جعل الإسلام درعًا ضد الشيوعية» ، بهدف تطويق المعسكر الاشتراكي بحزام إنتاج رأسمالي من الغرب وبحزام إسلامي من الجنوب، ومنع روسيا من الوصول إلى المياه الدافئة.

ما يعني أن بايدن قد يلجأ إلى التعاون مع أنقرة، سبب علاقاته ودوره في جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية، مستغلا حاجة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان الماسة للدعم المالي والسياسي، وسط تسريبات تشير إلى احتمالات أن يعترف الرئيس بايدن في 24 نيسان/ أبريل القادم بالإبادة الأرمنية في العهد العثماني إبان الحرب العالمية الأولى وخلالها.

إلى جانب ما سبق، فإن تركيا وعلى مدار عقود مضت، نجحت في إقامة علاقات مميزة مع معظم جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ودول أوروبا الشرقية، والتي لها ذكريات سيئة مع الدب الروسي،  وهو ما قد يحتاجه بايدن في حساباته المستقبلية من أجل خنق الدب الروسي داخل وخارج حدوده.

وفي سوريا، تبدو حاجة بايدن لأنقرة بعدما تحولت دمشق إلى خندق أمامي للدفاع عن المصالح الروسية في المنطقة، وعبرها في العديد من الساحات الإقليمية والدولية التي تنافسها فيها واشنطن وبعض العواصم الغربية، وأحياناً أنقرة، على الرغم من تناقض المصالح بين جميع هذه العواصم.

ربما يعجبك أيضا