«حزب البديل من أجل ألمانيا» تحت مراقبة الاستخبارات.. الأسباب والتداعيات

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد 

أعلنت الاستخبارات الألمانية، وكالة حماية الدستور الألماني هذا اليوم الرابع من مارس2021 ، وضع حزب البديل من أجل ألمانيا AFD ، بالكامل تحت المراقبة.جائت هذه الخطوة بعد أن وضعت الوكالة الألمانية كتلة الجناح داخل الحزب، تحت المراقبة خلال عام 2020، وفي أعقاب شكوك كثيرة، حول تورط قادة الحزب وأعضائه في التحريض على الكراهية والتطرف. 

دخل حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، الذي أنشئ عام 2013، بقوة عام 2017 إلى البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) واحتل فيه أول قوة معارضة للمحافظين والاجتماعيين الديموقراطيين في السلطة. وواجه الحزب، وهو أقوى قوة معارضة في ألمانيا في البرلمان الألماني، اتهامات متكررة بعلاقته بمتطرفين يمينيين. وقد لفتت أجزاء من حزب “البديل من أجل ألمانيا” – بما في ذلك مجموعة “فلوغل” (الجناح) المتطرفة وقسم الشباب في الحزب – انتباه هيئة حماية الدستور. ووضعت وكالة الاستخبارات الداخلية “فلوغل” تحت المراقبة الكاملة العام الماضي 2020 بعد أن قالت الوكالة إن أعضاءها من المتطرفين اليمينيين.

التجسس على حزب البديل من أجل ألمانيا

إن وضع حزب البديل تحت المراقبة يعني أنه يمكن الآن أيضا التجسس على الحزب باستخدام وسائل استخباراتية. وكان وزير وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، قد ذكر في نهاية شهر يناير2021 أن هيئة حماية الدستور،  الاستخبارات الداخلية والوزارة تعتزمان مراجعة كل القضايا القانونية بعناية خاصة بشكل مسبق. لكن رغم ذلك قال “تينو شروبالا”، رئيس حزب “البديل من أجل ألمانيا”: إن “إجراءات حماية الدستور مخزية (..). ويرفض الحزب اليميني الشعبوي هذا الإجراء باعتبار أنه يقوض حقه في تكافؤ الفرص مع بقية الأحزاب السياسية الأخرى.

قال توماس هالدنفانغ رئيس الهيئة الاتحادية لحماية الدستور الاستخبارات الداخلية بألمانيا لصحيفة “تاغسشبيغل” الألمانية في عددها الصادر يوم 11 أكتوبر 2020 إنّ “الهيئة الاتحادية لحماية الدستور تدرك أن كثيرا من أنصار ‘الجناح’ اليميني المتطرف يعملون بجد لأجل تحقيق مزيد من التأثير في الحزب، على الرغم من أن ‘الجناح’ أعلن حلّه ذاتيا”.

ناخبو حزب “البديل الألماني” يتبنون أفكارا يمينية متطرفة

أكثر من ربع ناخبي حزب “البديل الألماني” يتبنون أفكارا يمينية متطرفة، هذا ما خلصت إليه دراسة قياس التوجهات اليمينية المتطرفة. حيث تم رصد مواقف “يمينية متطرفة واضحة” بين 29% ممن شملهم الاستطلاع ويعتزمون التصويت للحزب. كشفت دراسة حديثة أن الشوفينية والعداء للأجانب والميل نحو الاستبداد منتشرة بين ناخبي حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي أكثر من أنصار باقي الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان الألماني(بوندستاغ. وتوصلت إلى هذه النتيجة مؤسسة “بيرتلسمان” الألمانية، ونشرت  في 02.02.2021  نتائج دراستها المستندة إلى استطلاع أجراه معهد “يوجوف” لقياس مؤشرات الرأي عبر الإنترنت في يونيو 2021 .

النتائج

ـ إن قرار المحكمة الألمانية بوضع حزب البديل، جاء نتيجة تقديم الاستخبارات الألمانية ملف واسع يتكون من أكثر من ألف صفحة حول سياسات وممارسات حزب البديل من أجل ألمانيا، والتي تدعو إلى التطرف والإرهاب. .تأتي هذه الخطوة بعد عمل للاستخبارات الألمانية، ربما منذ عام 2019  من أجل جمع الأدلة لتقديمها إلى القضاء الألماني، وهذا يعني أن الاستخبارات الألمانية اعتمدت الجوانب القضائية والشواهد والأدلة، لتقديمها إلى الادعاء الألماني العام، أكثر ما يكون موقف سياسي، أو قرار سياسي يصوت عليه البرلمان ـ البوندستاغ الألماني.الخطوة، كانت متوقعة، وهي خطوة هامة، وخطيرة جدا، يمكن وصفها بالخطوة أو القرار الجريء الذي جاء متأخرا.

ـ ساهم حزب البديل كثيرا في نشر العنف والكراهية، من خلال الدعاية على الإنترنيت، وكذلك من خلال عقد المؤتمرات والمعسكرات في ميادين المانيا المفتوحة، في سبيل استقطاب عناصر جدد، حزب البديل، دخل البرلمان الألماني من الباب العريض، ليكون “غطاء شرعي” وقوة دافعة للتيارات الشعبوية المتطرفة في ألمانيا وكذلك في أوروبا.

ـ طرح حزب البديل من أجل ألمانيا، نفسه، “النواة” الفاعلة لليمين المتطر، السياسي في أوروبا، وعمل على عقد اجتماعات ومؤتمرات أوروبية ودولية واسعة النقاط، ليتحول إلى مصدر تهديد خطير على أمن ألمانيا وربما دول أوروبا.

ـ الاستخبارات الألمانية، لم تتردد، وعلى لسان وزير الداخلية زيهوفر، بأن مخاطر وتهديدات اليمين المتطرف، فاقت مخاطر وتهديدات الجماعات الإسلاموية المتطرفة وغيرها.

ـ القرار، الألماني بمراقبة حزب البديل، من المتوقع، أن لا يمر بسهولة، فالحزب، سيعمل على الدفاع عن نفسه قضائيا وسياسيا و”شعبويا”، فقد سبق له أن حاول أن ينأى بنفسه عن أعمال التطرف والإرهاب في ألمانيا، وأبعد بعض قادته السياسيين، لكن كل ذلك لم يجد نفعًا.

ـ القرار الألماني هذا يعتبر منعطفًا جديدًا في حياة ألمانيا، وفي تاريخها المعاصر، ما تقوم به ألمانيا الآن في محاربة النازيين الجدد والتيارات اليمينية المتطرفة، هي ربما العودة إلى المربع الأول، “صعود النازية بزعامة هتلر، ما قبل الحرب العالمية الثانية . عندما برز أدولف هتلر وحزبه الاشتراكي القومي الذي استغل تراجع الثقة بالديمقراطية النيابية للتبشير بفكرة الرجل القوى القادر على حل المشاكل. ورغم أن الحزب النازي خسر في انتخابات نوفمبر 1932وبقى أقوى حزب، وهو ما مكنّ هتلر من تولي منصب المستشار في 30 يناير 1933.

ـ بات متوقعا أن تكون لقرار الاستخبارات الألمانية، تداعيات أمنية وسياسية واسعة، القرار هذا ممكن أن يشعل الجدل داخل البرلمان الألماني وكذلك في الشارع الألماني عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الألمانية والأوروبية، وهذا ما يعتبر تحديا جديدا أمام الاستخبارات الألمانية، يعتمد على مدى قدرتها ببط حركة حزب البديل، ورصد ومتابعة بقية التيارات اليمينية المتطرفة.

ربما يعجبك أيضا