الانضمام لمعاهدة «فاتف».. «روحاني» يحاول إنقاذ الاقتصاد و«المحافظون» ينتظرون الرئيس القادم!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

انتهى الاجتماع الأخير لمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، أمس الأربعاء، دون التوصل لاتفاق حول معاهدة “فاتف” لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتم تأجيل النظر في الموضوع إلى الاجتماعات القادمة في أبريل القادم.

وكانت قد أعادت مجموعة العمل المالي (فاتف)، المعنية بمكافحة غسيل الأموال، إيران إلى قائمتها السوداء بسبب رفض النظام الإيراني الموافقة على مشاريع القوانين، ومكنت جميع الدول من التصرف بشكل مستقل في التحويلات المالية مع إيران.

وفي مارس 2020، أعادت مجموعة العمل المالي المعنية بغسيل الأموال اسم إيران إلى “القائمة السوداء” بعد عدم الموافقة على مشاريع القوانين ودعت الدول الأعضاء إلى العودة إلى تنفيذ الإجراءات الاحترازية الكاملة ضد إيران.

ومن بين مشاريع القوانين الأربعة التي يتعين على إيران الموافقة عليها، قانون “باليرمو” لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للدول، وقانون مكافحة تمويل الإرهاب، ولم يقرر مجلس تشخيص مصلحة النظام موقفه بعد من هذه القوانين.

ويقول معارضو مشاريع القوانين إنه في حالة إقرارها، ستواجه إيران صعوبات في تقديم المساعدات المالية للجماعات المسلحة المرتبطة بإيران، مثل حزب الله اللبناني، وسيتم تسريب المعلومات حول كيفية الالتفاف على العقوبات.

واقترح الرئيس الإيراني، حسن روحاني تمرير مشاريع القوانين، لكنه شدد على أن الجمهورية الإسلامية لن تقدم معلومات حول الالتفاف على العقوبات إلى مجموعة العمل المالي.

ويقول ناشطون اقتصاديون إيرانيون إن عدم الموافقة على هذه القوانين وإدراج إيران في القائمة السوداء لغسيل الأموال قلل من التبادلات المالية والمصرفية، بما في ذلك مع دول مثل الصين وروسيا.

يذكر أنه في يناير/كنون الثاني الماضي، تم الإعلان عن موافقة المرشد على طلب روحاني بتمديد مراجعة مشاريع قوانين باليرمو، وانضمام إيران إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب، في مجلس تشخيص مصلحة النظام.

وفي العام الماضي، أفادت وسائل الإعلام عن انتهاء فرصة العام الواحد التي مُنحت لمجلس المصلحة لمراجعة مشروعي القوانين.

إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية

وقد نقلت صحيفة آرمان ملي الإصلاحية، عن سكرتير عام مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، أن المجمع قد يوافق على الإنضمام لمعاهدة “فاتف”، في حالة رفع العقوبات عن إيران. كذلك، أشار رضائي أن الموافقة على هذه الاتفاقية قد ينتظر حتى قدوم الرئيس الإيراني القادم. معللا ذلك؛ بأن الحكومة الحالية لم يعد لديها الوقت لتنفيذ قوانين هذه المعاهدة.

ويأتي قرار أعضاء هذا المجلس، متماشيًا مع السياسة الأمريكية وكذلك سياسة المتشددين في إيران، التي تنتظر الحكومة الإيرانية القادمة؛ من أجل التوصل إلى اتفاقات ثابتة مع حكومة جديدة، خاصة أن الآمال معلقة على المحافظين والعسكريين في قيادة المرحلة المقبلة في إيران. خاصة أن حكومة الإصلاحيين برئاسة الرئيس روحاني فشلت في إقناع المحافظين على الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك، عجزت عن إبعاء أيدي المحافظين على مقاليد السلطة في إيران. وبهذه الصورة، ينتظر المحافظون إلى أن يأتي رئيس منهم، ثم يتفاوضون مع واشنطن، وأيضًا يبحثون الانضمام لمعاهدة “فاتف” إذا ما توصلوا لإتفاق مع واشنطن.

وعلى ذلك، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن مشاريع القوانين المتعلقة بمجموعة العمل المالي لا علاقة لها بالاتفاق النووي والعقوبات، وأنه “سواء كانت هناك عقوبات أم لا، فهذه القوانين ضرورية”.

وحذر الرئيس الإيراني، أمس الأربعاء، من أن تأخير المصادقة على هذه القوانين في مجلس تشخيص مصلحة النظام، سيؤدي إلى قطع العلاقات المصرفية بين الدول، وحتى الدول الصديقة مع إيران، و”العودة قرنًا إلى الوراء”.

وبحسب ما قاله روحاني، فإن عدم الموافقة على هذه القوانين سيؤدي إلى إنفاق المزيد من الأموال من “جيوب الناس”، للتجارة مع الدول الأخرى، ويجب شرح هذه المسألة للناس.

وأضاف: “كل الدول تحاول الحصول على مرتبة أعلى في مجموعة العمل المالي، لكننا نقف ونراقب”.

الاقتصاد في انتظار قرار واحد

تقول حكومة روحاني، أن الاقتصاد الإيراني ينتظر قرار الموافقة على “فاتف” من أجل إمكانية الربط المصرفي مع الدول الأخرى. وعلى ذلك، كتبت صحيفة “ابتكار” في صفحتها الأولى بالقول “الاقتصاد في انتظار قرار واحد”، ونقلت قول الخبير الاقتصادي، مرتضى أفقه، إن تأجيل قرار الانضمام إلى””FATF، حتى ليوم واحد سيكون مضرا للاقتصاد الإيراني، مؤكدا أن معارضي الانضمام ليس لديهم أي مبرر منطقي، وأضاف بالقول: “نحن الآن ليس لدينا أية أوراق نستخدمها للضغط على الطرف المقابل ونريد أن نتظاهر بأننا نملك الأوراق”.

وذكر مرتضى أفقه أن الاقتصاد الإيراني لم يعد يحتمل استمرار العقوبات وتجميد الأموال الإيرانية في الخارج وأن 60 إلى 65 مليون إيراني باتوا غارقين في أزماتهم الاقتصادية.

وختم أفقه قائلا: “ما دمنا لم نحسم موضوع الانضمام إلى”FATF” فلا ينبغي علينا أن نتوقع تحسين وضعنا الاقتصادي”.

الحكومة تسعى لبيع النفط

تصر حكومة روحاني على الإنضمام لمعاهدة “فاتف” من أجل تخفيف وطأة العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني، إلى جانب مسعى الحكومة إلى الاستفادة من عائدات النفط في توفير احتياجات إيران في الداخل.

وقد ذكرت شبكة “بلومبرج” أن طهران تجري اتصالات لإحياء عملائها النفطيين القدامى في آسيا، بالتزامن مع زيادة جهودها الدبلوماسية لرفع العقوبات الأميركية.

وبحسب المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب سرية المعلومات، فإن المفاوضات في هذا المجال ما زالت في مراحلها الأولى، ولم يجر الحديث عن حجم وسعر النفط.

وأشارت “بلومبرج” عن أحد مصادرها، إلى اتصالين أجرتهما إيران وإحدى المصافي، خلال العام الميلادي الحالي.

يذكر أن صادرات إيران النفطية التي بلغت نحو 2.5 مليون برميل يوميا، مطلع 2018، عقب تخفيف العقوبات الناتج عن إبرام الاتفاق النووي، ثم انخفضت بشكل حاد بسبب العقوبات المشددة التي فرضتها إدارة دونالد ترامب منذ منتصف ذلك العام، وإلغاء إعفاءات بعض الدول التي تشتري النفط من إيران.

يشار إلى أن الصين والهند كانتا من أكبر عملاء النفط الإيراني قبل فرض الغرامات على المشترين، تليهما كوريا الجنوبية واليابان.

ومع ذلك، فإن الأموال الناتجة عن بيع النفط مجمدة الآن في بعض هذه البلدان، وتحاول إيران الحصول عليها.

ربما يعجبك أيضا