تركيا تعيش أسوأ فترة لانتهاكات حقوق الإنسان.. مؤشرات وأحداث

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

شواهد وأدلة كثيرة تؤكد أن تركيا تشهد أسوأ فترة لانتهاكات حقوق الإنسان في تاريخها، بسبب السياسات التي يسير عليها الرئيس رجب أردوغان، وهو الأمر الذي أثار قلق العديد من الدول ودوائر صنع القرار وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع صعود الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى كرسي “البيت الأبيض”.

وبات من المتوقع ألا يظل السكوت على انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، ساريًا، كما كان في عهد الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، دون أن يتم اتخاذ خطوات فاعلة لتقويم السياسة التركية خاصة في الملف الحقوقي، وليست أحداث جامعة بوغازتشي عننا ببعيدة واعتقال عشرات الشباب المتظاهرين وتوالي التقارير الحقوقية وأرقام الاعتقالات والجرائم بحق المواطنين دون جساب أو رادع.

يأتي هذا في ظل الاعتقالات التي لا تتوقف ليل نهار في الدولة التركية، بأوامر من أردوغان، خاصةً أن الحكومة تتهم حركة فتح الله جولن بالتخطيط لمحاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016، ومنذ وقوع أحداث الانقلاب المزعوم اعتقلت السلطات آلاف الجنود والقضاة الذين لهم صلات بالحركة.

توقيعات النواب الأمريكيين

يبدو أن الأيام القادمة قد تشهد تحركات أمريكية ملزمة ضد نظام رجب أردغان، ففي الأول من مارس الجاري، وقع 170 عضوًا بمجلس النواب الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خطابًا، أرسل إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن يطالبون فيه إدارة الرئيس جو بايدن بالتصدي لقضايا حقوق الإنسان “المقلقة” وهي ترسم سياستها للتعاملات مع تركيا.

وجاء في الخطاب المؤرخ 26 فبراير، والذي نُشر، الإثنين الماضي، إن حكومة الرئيس رجب أردوغان تسببت في تصدع العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا. كما جاء في الخطاب الذي وقع عليه جريج ميكس الرئيس الديمقراطي للجنة الشؤون الخارجية بالمجلس ومايك ماكول العضو الجمهوري البارز فيها: “بشكل سليم لقيت القضايا الاستراتيجية اهتمامًا كبيرًا في علاقتنا الثنائية لكن الانتهاك الفاضح لحقوق الإنسان والتراجع الديمقراطي في تركيا هما أيضًا مصدر قلق كبير”. يأتي هذا بينما قال أردوغان يوم 20 فبراير إن المصالح المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة تفوق الخلافات بينهما وإن تركيا تريد تعاونا أفضل مع واشنطن.

وعبرت الولايات المتحدة أيضًا عن قلقها المتكرر تجاه الحقوق والحريات. وجاء في خطاب أعضاء مجلس النواب أن أردوغان وحزبه أضعفا القضاء التركي وعينا حلفاء سياسيين في المناصب العسكرية والمخابراتية الرئيسية وسجنا معارضين سياسيين وصحفيين وأفرادًا من الأقليات بغير حق.

اعتقالات بالجملة

دوران عجلة الاعتقالات لا يتوقف، وأمرت السلطات التركية، أمس الأربعاء؛ باعتقال 24 مواطنًا في أنقرة، من بينهم عسكريين لا يزالون في الخدمة بقيادة القوات البرية، وذلك بتهمة الانتماء لحركة الخدمة بزعامة فتح الله جولن- والتي تصنفها أنقرة منظمة إرهابية، وأرفقت في ملف الاتهام اتصالات المعتقلين بأعضاء الجماعة عبر الهاتف العمومي، وفقًا لما نشره موقع “تركيا الآن”، ومن بين المعتقلين عقيد في الخدمة ونقباء وضابط مفصول من الجيش وعقيد متقاعد.

وتزامنت موجة الاعتقالات مع إلقاء الشرطة القبض على 28 مواطنًا في عمليات متزامنة نفذتها في سبعة مناطق بمحافظة إسطنبول. وجاءت الاعتقالات بعد أن أصدرت سلطات أردوغان أوامرها باعتقال 40 مواطن اتهموا بتقديم مساعدات مالية للجماعة، كما صادرت قوات الأمن العديد من الوثائق الرقمية خلال المداهمات، بالإضافة إلى ذلك، أصدرت السلطات التركية أوامر اعتقال بحق 44 مواطن على صلة بالجماعة داخل قيادة الشرطة، وتم اعتقال 25 منهم على الأقل.

أحداث جامعة بوغاتشي

أما عن بعض الأحداث المؤسفة والأحداث التي تمس أوضاع حقوق الإنسان في تركيا، فحدث ولا حرجك، من بينها، أزمة جامعة بوغازتشي. وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي، أوزجور أوزال، إن هناك العشرات من الشباب الذين شاركوا في مظاهرات بأحدث جامعة بوغازتشي حُرموا من حرياتهم، لأنهم كانوا أمام خطر الإقامة الجبرية، مشيرًا إلى أن الشرطة التركية قامت بالعديد من الانتهاكات في تلك الأحداث، مؤكدًا أن تركيا تشهد أسوأ فترة لانتهاكات حقوق الإنسان في التاريخ، وذلك في إطار القمع القاسي الذي قامت به الشرطة التركية في مواجهة طلاب جامعة بوغازتشي المحتجين على تعيين مليح بولو، واصيًا على الجامعة، مشيرًا إلى أنه تم اعتقال 11 شخصًا بسبب الاحتجاجات، ولا يزال آخرون رهن الاحتجاز.

وصرح نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، بأن ادعاءات رئيس حزب العدالة والتنمية ووزير الداخلية التركي وأعضاء مجلس الوزراء ومسؤولي القصر، بأن أولئك الطلاب مدعومون من منظمات إرهابية وهيئات أجنبية كلها غير صحيحة وليس لها أي إثبات من الصحة.

إدانات دولية

جرائم حقوقية وانتهاكات بالجملة لحكومة العدالة والتنمية ضد المواطنين والمعارضين في تركيا، والتي جعلت أنقرة تحتل المرتبة الثانية في انتهاك بنود مختلفة من المادة السادسة المتعلقة بحق المحاكمة العادلة بواقع 53 إدانة دولية، إضافةً إلى صدور أحكام بالسجن المشدد بحق 25655 مواطنًا تركيًا بتهم تتعلق بالإرهاب على خلفية انتمائهم لحركة الخدمة التي يتزعمها فتح الله جولن، وشن 102 ألف عملية أمنية نظمتها وزارة الداخلية ضد أعضاء الحركة، 76 منها عمليات كبيرة، و307 متوسطة، فيما نظمت القوات 99 ألف عملية بالقرى الريفية، و2900 عملية بالمدن الكبرى.

وكشف تقرير لمؤسسة ماعت، اليوم الخميس، أن المعتقلين في السجون التركية يتعرضون لشتى أنواع انتهاكات حقوق الإنسان من تعذيب وسوء معاملة وتعمد إهمال الإجراءات الصحية، وغيرها من المخالفات القانونية المجردة من الإنسانية، وارتفع عدد ضحايا المعتقلات التركية نتيجة للإهمال الصحي إلى 88 خلال أواخر العام الماضي، كان من بينهم 20 مصابًا بفيروس كورونا، إضافةً إلى 4 حالات توفوا بسبب أمراض أخرى في السجون، وسجلت السجون التركية 1289 حالة تعذيب وسوء معاملة بحق المعتقلين خلال 2020، إضافةً إلى الانتهاكات ضد المرأة في تركيا.

مسؤولية أردوغان

وفي سياق آخر، سلطت صحيفة فايرفيلد صن تايمز الأمريكية الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، بعد أن تولي الدبلوماسي التركي فولكان بوزكير منصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ‏وهي الهيئة التداولية لمنظمة مكلفة بحماية حقوق الإنسان في 15 سبتمبر الماضي، الأمر الذي اعتبرته الصحيفة مفارقة ‏مأساوية، حيث تقف بلاده كواحدة من أسوأ منتهكي الحقوق في العالم.

ووفقًا للتقرير، يتحمل الرئيس التركي رجب أردوغان ‏المسؤولية الشخصية عن انتهاكات لا حصر لها للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية ‏والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، وكذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ‏والحريات الأساسية وبروتوكولاتها.‏

ونتيجة لذلك، خفضت منظمة فريدوم هاوس تصنيف تركيا إلى أدنى تصنيف لها وتعتبر ‏لجنة حماية الصحفيين أنها من أسوأ الدول التي تسجن الصحفيين، كما انتقدت منظمة ‏العفو الدولية حالة الطوارئ لمدة عامين من أجل تعزيز سلطات الحكومة لإسكات ‏الأصوات الناقدة وتجريد الحقوق والحريات الأساسية وعدم التراجع عن تلك الإجراءات ‏بعد ذلك.‏ وبينما تابع أردوغان عددًا من المجموعات ليمارس قمعه بحقها وهم- الأكاديميين والصحفيين والأكراد- فإن الهدف ‏الأساسي لهذه الانتهاكات هم المشاركون في حركة الخدمة وهي حركة مجتمع مدني سلمية ‏لها سجل طويل في تعزيز التعليم وخدمة المجتمع والحوار بين الأديان.

ربما يعجبك أيضا