بكين تقر أكبر موازنة عسكرية في تاريخها.. لماذا على واشنطن أن تقلق؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

استمرار الصين في زيادة إنفاقها العسكري يعكس تعاظم شأنها ومصالحها على الساحة الدولية وسعيها لمواكبة التحديات التي ترى أنها باتت مفروضة على المنطقة. ولا ترى القيادة الصينية أي حرج في زيادة الإنفاق العسكري ويرون أنه يعزز التنمية في المجالات المختلفة.

دأبت الصين على توسيع قوتها العسكرية خلال العقود الثلاث الأخيرة والتي تصاعدت وتيرتها مع إطلاق الولايات المتحدة منافس الصين الأول سياسة محورية لتعزيز نفوذها في منطقة آسيا والمحيط الهادي. لكن جيران الصين في آسيا باتوا يبدون مخاوف من توسعها العسكري خاصة من هم على نزاع معها حول المياه الإقليمية في البحر الجنوبي.

مع وصول الموازنة الدفاعية للعام الجاري إلى 209 مليارات دولار، بات الإنفاق العسكري الصيني الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي بلغت ميزانيتها -الأكبر في تاريخها- نحو 740 مليار دولار.

ويرى مراقبون أن ذلك الرقم -الذي أعلنت عنه بكين- لا يشمل الإنفاق على قوة الجيش الصاروخية النووية والبرامج الدفاعية الأخرى. بل يذهب الكثير من المحللين إلى أن بكين تنفق في المجال العسكري أكثر مما تصرح به، وأنها لا تنتهج سياسة الشفافية فيما يخص قدراتها العسكرية وتنامي قدراتها الدفاعية.

يقول الصينيون بأن سعيهم لزيادة قوتهم العسكرية ليس طمعا للسيطرة وبسط النفوذ في آسيا أو في أي منطقة في العالم بقدر ما هو حماية لإمدادات البلاد الحيوية والاستراتيجية وأهمها النفط.

بايدن 1

قلق واشنطن

تأتي هذه الزيادة التي أعلنت بكين عنها خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات المجلس الوطني لنواب الشعب في بكين، مع مناورات عسكرية يجريها الجيش الصيني في منطقة بحر جنوب الصين، لمواجهة ما وصفتها بكين بالتهديدات الخارجية، لا سيما في ظل سعيُ الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز نفوذها في منطقة آسيا بدعمها دولا تتنازع مع الصين.

تأتي أيضا بعد أيام من عمليات استطلاعية للولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي، وقيام تايوان بمناورات تحاكي حدوث هجوم صيني عليها. تحركات يرى مراقبون أنها تعكس حجم التوتر بين أكبر قوتين نوويتين في العالم وحتمية المواجهة بينهما في المستقبل.

الزيادة المطردة في الميزانية العسكرية الصينية خلال السنوات الماضية باتت تثير قلقا دوليا متزايدا من قبل الولايات المتحدة واليابان التي تتنازع مع بكين بشان أرخبيل في بحر الصين الشرقي، رغم التطمينات الصينية بأن زيادة الإنفاق العسكري يستهدف حماية أمن الصين ومصالحها وسيادة أراضيها، لا سيما بعد تصريحات الرئيس الصيني شي جين بينج بأن على بكين المحافظة على الأمن والسلم الدائمين في هونج كونج وماكاو، والحفاظ على التطور السلمي في تايوان.

بينج ذهب أبعد من ذلك، ملوحا بالقوة العسكرية لبلاده، بالقول إنه «لا توجد قوة يمكنها أن تهز أساس هذه الأمة العظيمة.. ستكون الصين غدا أكثر ازدهارا».

استراتيجية بايدن.. الصين الخطر الأكبر

بيد أنه لا يمكن الفصل بين إعلان بكين ميزانيتها الدفاعية الأضخم في تاريخها، وبين استراتيجية إدارة بايدن للأمن القومي خلال السنوات الأربع المقبلة، والتي تبدلت فيها الأولويات، لتشّكل الصين أكبر التهديدات، باعتبارها المنافس القادر على تشكيل تحد مستدام للنظام العالمي.

الصين التي ذكرت 18 مرة في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي نشرها البيت الأبيض التي نشرها قبل أيام، تظهر حقيقة النظرة الأمريكية للتهديد القادم من بكين، ورغبة بايدن في تحجيم دورها ونفوذها خلال فترة ولايته الأولى، بعدما وصلت العلاقة بين أكبر خصمين على الساحة الدولية إلى نقطة غير مسبوقة.

يريد الرئيس الأمريكي الجديد أن يفعل كل شيء تقريبا بطريقة مختلفة عن سلفه، دونالد ترامب، لكن عندما يتعلق الأمر بالصين، فإنه يتبنى سياسة ترامب، وذلك لأن الصين ترغب في أن تصبح القوة الأولى في العالم اقتصاديا وعسكريا وهو ما ترفضه واشنطن -أيا من كان يجلس على كرسي البيت الأبيض، جمهوريا كان أم ديمقراطيا- جملة وتفصيلا .

قبل سنوات، نقلت «نيويورك تايمز» عن البنتاجون بوقوع 18 مواجهة غير آمنة، بين القوات الصينية ونظيرتها الأمريكية، أخطرها كان في سبتمبر 2018، بعدما اقتربت سفينة حربية صينية بسفينة حربية أمريكية في بحر الصين الجنوبي لمنعها من عبور المياه الإقليمية وكانت النتيجة، توقف السفينتين على بعد 33 مترا فقط لا غير.

مواجهة ليست الأولى، ففي عام 2001 حدثت مناوشات بين طائرة تجسس أمريكية وطائرة صينية وقتل الطيار الصيني وتوترت العلاقات بين بكين وواشنطن على مدار شهور. واليوم التنافس بين البلدين يزداد ومعه يزداد خطر المواجهة العسكرية، فمن سيفوز بمعركة السيادة؟

ربما يعجبك أيضا