ما هي دلالات زيارة السيسي إلى الخرطوم؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

تمتعت زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم السبت، إلى السودان أهمية خاصة، ليس لأنها الزيارة الأولى للسيسي منذ سقوط الرئيس السوداني السابق عمر البشير وتشكيل مجلس السيادة الانتقالي السوداني، إلا أنها تتزامن مع ملفات ساخنة وقضايا إقليمية هامة على رأسها ملف سد النهضة الإثيوبي، والخلاف الحدودي المشتعل بين السودان وإثيوبيا، وغيرها من الملفات ذات الأولوية.

وتناولت العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية وسد النهضة وتطورات الأوضاع على الحدود السودانية، وتم خلالها التأكيد على رفض سياسة الأمر الواقع والتوافق بأن المرحلة الحالية تتطلب أعلى درجات من التنسيق بين البلدين.

السيسي في الخرطوم

سبق الزيارة عدة لقاءات متتالية بين مسؤولين بالبلدين وحراك سياسي ودبلوماسي وعسكري واسع بين القاهرة والخرطوم، إذ اختُتمت قبل أيام أعمال الاجتماع السابع للجنة العسكرية المصرية السودانية المشتركة برئاسة رئيسي الأركان لكلا البلدين بالعاصمة السودانية، كما زارت وزيرة خارجية السودان مصر مؤخرًا.

مباحثات السيسي

وخلال مباحثات ثنائية بين الرئيس المصري والفريق عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، أكد السيسي استمرار دعم مصر لحكومة وشعب السودان في كافة المجالات، والاهتمام  بالارتقاء بالعلاقات الثنائية بما يعزز الشراكة الاستراتيجية القائمة على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المشترك لما فيه صالح البلدين الشقيقين، وعلى نحو يجعل العلاقات المصرية السودانية نموذجاً يُحتذى به للشراكة التنموية الشاملة والتكامل الاقتصادي.

كما أكد السيسي على مساندة مصر لكافة جهود تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في السودان خلال تلك المرحلة المفصلية من تاريخه، وذلك انطلاقاً من قناعة راسخة بأن أمن واستقرار السودان يُعد جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر، وأن يد مصر دائماً وأبداً ممدودة للتعاون والخير والبناء للسودان كنهج استراتيجي ثابت.  

تعزيز العلاقات الثنائية

وتطرقت المباحثات إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين على كافة الأصعدة، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً تطورات الأوضاع بمنطقة الحدود السودانية الإثيوبية، والتحركات السودانية الأخيرة لبسط سيادة الدولة على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا، والتي تأتي في إطار احترام السودان للاتفاقيات الدولية المنشئة للحدود وسعيها الدائم لتأكيد سيادة الدولة بشكل سلمي ودون اللجوء للعنف.

كما تم التباحث حول مختلف المستجدات في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، حيث عكست المناقشات تفاهماً متبادلاً بين الجانبين إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات، بما يكفل تعزيز القدرات الأفريقية على مواجهة التحديات التي تواجه القارة ككل، كما تم الاتفاق على تكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات الثنائية بين كبار المسئولين من البلدين بصورة دورية للتنسيق الحثيث والمتبادل تجاه التطورات المتلاحقة التي يشهدها حالياً المحيط الجغرافي للدولتين.

الزيارة

رفض سياسة الأمر الواقع ودعم مقترح “الرباعي الدولي”

كما شهد اللقاء تبادل الرؤى بشأن تطورات ملف سد النهضة، حيث تم التوافق على أن المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها ملف سد النهضة تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان بوصفهما دولتي المصب اللتين ستتأثران بشكل مباشر بهذا السد، مع التشديد على رفض أي إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق، ومن ثم تعزيز الجهود الثنائية والإقليمية والدولية للتوصل لاتفاق شامل ومتكامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يكون ملزماً قانونياً ويحقق مصالح الدول الثلاث، ويحد من أضرار وآثار سد النهضة على مصر والسودان، خاصةً من خلال دعم المقترح السوداني لتشكيل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط في هذا الملف.

من جانبه، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، سفير مصر الأسبق بالسودان السفير محمد الشاذلي: إن “الزيارة جاءت في توقيت مهم جداً، نرى فيه التعنت الإثيوبي والإصرار على القرارات الأحادية بالنسبة لسد النهضة والبدء في ملء الخزان دون تنسيق مع مصر والسودان، ويضاف إلى ذلك الانتهاك الفج للأراضي السودانية بواسطة القوات الإثيوبية والهجمات المتكررة على السودان، وبالتالي فمن ضمن أهداف هذه الزيارة أن نعطي رسالة واضحة لإثيوبيا بأن مصر تقف إلى جانب السودان”.

السيسي خلال مباحثاته مع حمدوك

رسائل مصرية سودانية

ولفت إلى أن الزيارة سبقتها عدة لقاءات مهمة، من بينها اجتماع اللجنة العسكرية المصرية السودانية المشتركة، وكذا زيارة وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إلى القاهرة، وجميعها رسائل مصرية سودانية مهمة في هذه المرحلة، حسبما ذكر موقع “سكاي نيوز عربية”.

وأردف الدبلوماسي المصري السابق قائلاً: “الزيارة ليست مقتصرة على الموقف الموحد القوي ضد إثيوبيا؛ لأن هناك الكثير من الملفات المهمة جداً بين مصر والسودان، لا سيما ملفات التعاون الثنائي، وبشكل خاص في مجالات البنية التحتية وغيرها.. مصر لديها الكثير من التجارب الناجحة والمهمة التي يمكن للسودان الاستفادة منها”، مختتماً تصريحاته بالتأكيد على أن “توقيت الزيارة هو أبرز شيء، والرسالة هي التنويه على أن البلدين في جبهة موحدة”.

بدوره، قال المحلل السياسي السوداني، طلال إسماعيل، إن “زيارة السيسي، إلى الخرطوم، جاءت في توقيت مهم جداً، باعتبار أن السودان الآن لديه توترات حدودية مع جارته إثيوبيا، وكذا ملف سد النهضة الذي يلقي بظلاله مع اقتراب موعد الملء الثاني للسد في يوليو المقبل”.

ولفت إلى أن “هذين الملفين مهمين جداً بالنسبة للسودان وكذلك بالنسبة لمصر أيضاً”، مضيفا أن الزيارة جاءت الزيارة كذلك في ظل حملة دبلوماسية أطلقها السودان لمناصرته، وقام المسؤولون السودانيون بعدة جولات في دول أفريقية وعربية، مشيراً إلى أن “مصر تتمثل مرتكزاً أساسياً في هذه الحملة”.

وأوضح إسماعيل أن “هذه الزيارة جاءت أيضاً في ظل التحولات على مستوى منطقة القرن الإفريقي، على اعتبار أن هناك الكثير من المتغيرات الآن في هذه المنطقة، بما يستوجب التعاون بين البلدين بشكل واسع”.

المباحثات الثنائية اليوم وما سبقها من لقاءات وتحركات سياسية وعسكرية عكست دلالات هامة اتفاق البلدين على رفض الأمر الواقع وبعث رسالة إلى إثيوبيا بأنهما «جبهة واحدة»، وأن المرحلة القادمة ستشهد أعلى درجات من التنسيق بين البلدين، ودعم المقترح السوداني بشأن تشكيل لجنة رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط في حلحلة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة.

ربما يعجبك أيضا