زيارة إلى «حسن فتحي».. رائد العمارة المصرية

هدى اسماعيل

عاطف عبداللطيف وهدى إسماعيل

«إذا كان البيت المفرد قد يؤلف لحنًا فإن المدينة بأكملها تشبه السيمفونية»

حسن فتحي

منظومة من الفن والإبداع خطها المهندس «حسن فتحي»، الذي عاش سنوات عمره يصنع القصور للفقراء وكيف لا فهو في أوائل صفوف المعماريين الفنانين الذي وصل صيته إلى العالمية عن جدارة، المصري الذي استغل بيئته المحيطة من أجل بناء فن وعمارة تميز مصر عن غيرها لمسه ساحرة من أنامله جعلته يحصل بجدارة على جائزة “أحسن معماري في القرن العشرين”، بالإضافة إلى عدد آخر من الجوائز والأوسمة لم يكن ليحصل عليها لولا تمسكه ببيئته وتراثه، ويشكلها في إطار خاص، مصبوغة بموهبته الهندسية المتفردة.

كان يعشق انحناءات الشوارع في القاهرة القديمة، على عكس الشوارع المستقيمة في المدن الأوروبية، فيقول: «الشوارع المستقيمة مملة ومتعبة في المشي، بينما الشوارع المنحنية مليئة بالحركة، وكل انحناءة هي حركة موسيقية تقسم الشارع وتريح العين».

قاهرة المعز

20180322115848336

ولد حسن فتحي في 23 مارس 1900 في مدينة الإسكندرية وانتقل إلى قاهرة المعز في الثامنة من عمره والتحق بكلية «المهندسخانة» بجامعة الملك فؤاد الأول ،تأثر بالعمارة الريفية النوبية المبنية بالطوب اللبن التي انتهجت نهج الأجداد باستخدام المواد المحلية في البناء لتناسب المناخ وتصمد أمام تغيرات الزمن.

مسيرة حافلة

كان مهندس الفقراء لا يبحث عن عملاء أغنياء ليصمم لهم قصورا ومباني فخمة، بل كان يبحث عن هذا الفقير الذي قال عنه: “العميل الذي يعنيني هو من تمثله الإحصائيات التي تشير إلى أن هناك 800 مليون من البشر في العالم الثالث يموتون موتا مبكرا بسبب الإسكان الغير الصحي.. هذا هو العميل الذي على المعماري الاهتمام به ولكنه لا يفعل.. إن الأمر يشبه الطبيب حافي القدمين في الصين .. إن هؤلاء يحتاجون إلى معماري حافي القدمين”.

بدأ «حسن فتحي» مشواره المعماري ببناء مدرسة طلخا الابتدائية بريف مصر وغلب عليه الطابع الكلاسيكي، امتدت مسيرته لأكثر من 60 عاماً ما بين تدريس في كلية الفنون الجميلة وتدرج في عدة مناصب دولية خبيرا في منظمة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين وخبير في منظمة الأمم المتحدة لتنمية المملكة العربية السعودية، بجانب إسهامات عدة في عدد من الدول العربية والإفريقية والأوروبية، بعدها بثلاث سنوات عُيّن ليكون مدير إدارة المباني التعليمية التابعة لوزارة التعليم، وهناك سلط الضوء على الاختلاف بين أسلوبه المعماري والاتجاهات الحديثة.

– أصبح رئيس قسم العمارة في كلية الفنون الجميلة عام 1953، وخلال هذه الفترة أنجز العديد من المشاريع بما فيها مدرسة فارس وفيلا محمد موسى وقرية الحرانية للنسيج والتي تُعرف بإمبراطورية النسيج في مصر.

– غادر مصر عام 1959 مؤقتًا وعمل لصالح منظمة دوكسياديس في اليونان، كما عمل على العديد من المشاريع في العراق وباكستان.

– عاد إلى مصر بعد أربع سنوات، حيث بدأ عمله يشمل الاستشارات العامة، وكانت مهمته الأساسية تنطوي على تعزيز الأفكار البسيطة والابتعاد عن التكلّف في العمارة.

– نشر في 1969 كتاب عمارة الفقراء يصف فيه تجاربه في بناء قرية غورنا «القرنة»، وسلّط فيه الضوء على وجهة نظره المعمارية المتناقضة وبرهن على فعالية البناء باستخدام الطوب الطيني بدلاً من الخرسانة الحديثة.

– حازت تصاميمه على إشادةٍ دوليةٍ، وظهر في العديد من المجلات المهنية والأسبوعية البريطانية. كما أشاد به العديد من المهندسين الإسبان والفرنسيين والهولنديين.

تحفة حسن فتحي

381885 0

يقول “حسن فتحي” عن فلسفته في بناء القباب: “حينما انتقل العرب لمرحلة الاستقرار، بادروا بإسقاط فلسفتهم في استعارات معمارية، تعكس رؤيتهم للكون، وهكذا ظهرت السماء كقبة تدعمها أربعة أعمدة.. هذا المفهوم الذي يعطي قيمة رمزية للبيت كتصغير للكون”.

تظل قرية القرنة في الأقصر تحفة المعماري “حسن فتحي” الذي صممها وأنشأها وتعتبر الأكثر ارتبطا باسمه دون غيرها من أعماله الأخرى نظرا لشهرتها العالمية، وسرد قصة بنائها في كتابه الشهير “عمارة الفقراء” وأنشئت القرية غرب مدينة الأقصر.

في شهر أغسطس عام 1945، بدأ العمل على فكرته من أجل تصميم قرية القرنة الجديدة، والتي بدأ العمل فيها فعليًا عام 1946م بعد مرور عام على وضعها على الأوراق، لتكون القرية التي تعاني من الاندثار وسط مطالب بترميمها وإنقاذها.

صنع “حسن فتحي” من خامات محلية لأهالي الصعيد مسرحًا، ومسجداً يشبه في عمارته مسجد أحمد بن طولون، ومنازل صحية ومحمية من السرقة فيكفي أن يذهب السارق لخلف المنزل كي يرى صدى أقدامه يصدر صوتًا كبيرًا فيوقظ الأهالي فيفر هاربًا، كما صنع لهم القباب القديمة بشكل عصري ومنازل يتوزع فيها الضوء والحرارة والرطوبة بشكل هندسي مذهل.

اهتم حسن فتحي بالجانب التعليمي والديني والترفيهي الذي يميز أهل القرية، لتعويضهم عن منازلهم التي تم تهجيرهم منها عنوة، وعمل على إنشاء مسجد كبير في مدخل القرية حمل أجمل النقوش المعمارية في تصميمه، وفيما يخص الجانب الترفيهي قام فتحي بإنشاء قصر ثقافة حمل اسمه، ومسرحًا مبنيًا على الطراز الروماني، إلى جانب حمام سباحة بجانب بحيرة صناعية ذات تصميم فريد لمكافحة البلهارسيا.

يؤكد المؤرخون والمعماريون أن قرية “القرنة” حازت شهرة عالمية بسبب كتابة المهندس حسن فتحي كتابه الشهير عمارة الفقراء، الذي يسرد فيه قصة بنائها، وأنشئت القرية لاستيعاب حوالي 7000 من المهجرين من مناطق المقابر الفرعونية بالبر الغربي لإنقاذها من السرقات والتعديات عليها، وخصوصًا بعد أن اكتشف المختصون وعلماء الآثار سرقة نقش صخري بالكامل من أحد القبور الملكية، فصدر قرار بتهجيرهم من المقابر وإقامة مساكن بديلة لهم.

جوائز وتكريمات

جائزة الدولة التشجيعية في العمارة عن تصميم وتنفيذ قرية “القرنة الجديدة” (النموذجية بالأقصر) عام 1958م، وفي العام التالي، حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ثم جائزة الدولة التشجيعية للفنون الجميلة، وفي العام 1960 حصل على ميدالية هيئة الآثار المصرية، أما في عام 1967 فحصل على جائزة الدولة التقديرية للفنون الجميلة، وحصل في عام 1980 على جائزة الرئيس من منظمة “الأغاخان” للعمارة، وفي نفس العام حصل على جائزة “نوبل” البديلة “RLA” وهي جائزة يقدمها البرلمان السويدي في اليوم السابق لتوزيع جوائز “نوبل” التي يقدمها ملك وملكة السويد (والتي لا تضم جائزة للهندسة المعمارية)، وحصل في العام نفسه أيضا على جائزة “بالزان” العالمية.

– حصل في العام 1984 على الميدالية الذهبية الأولى، من الاتحاد الدولي للمعماريين كأحسن مهندس معماري في العالم عن تصميمه “قبة الاتحاد الدولي للمعماريين “UIA” بأحسن مهندس معماري في العالم في ذلك الوقت، ويضم هذا الاتحاد تسعة آلاف معماري يمثلون 98 دولة، وأعلن وقتها أن نظرياته الإنشائية ومفاهيمه المعمارية يتم تدريسها للطلاب في 44 جامعة بالولايات المتحدة وكندا وجامعات أخرى في دول شمال أوربا، أما في العام 1987 فحصل على جائزة “لويس سوليفان” للعمارة (ميدالية ذهبية) من الاتحاد الدولي للبناء والحرف التقليدية.

– حصل على الجائزة التذكارية لكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا عام 1988 وقد نالها خلال المؤتمر العلمي الرابع لها، وقد أعلن “حسن فتحي” عند تسلمه الجائزة أن هذا هو أول تكريم من محفل أكاديمي مصري يحصل عليه في حياته، وكان ذلك قبل وفاته بعام واحد ، ليرحل عن عالمنا عام 1989 لتظل أعماله خالدة شاهدة على فنان مصري أصيل .

157172372 3567184550059223 2669411458827316566 n
157172372 3567186000059078 7363741376051525017 n
157247874 3567185673392444 616876605665705194 n
157454654 3567183490059329 790997778077425000 n
157562880 3567187100058968 1520079704182813072 n
157575290 3567184740059204 1433160893055931100 n
157606567 3567182983392713 8691636349219012382 n
157629769 3567184883392523 5886538933016160023 n
157632320 3567184653392546 4179666259067725962 n
157849870 3567184016725943 1619637352957512637 n
157909715 3567183303392681 457780614001124143 n
157928424 3567185016725843 2459090061553066186 n
157939787 3567183943392617 2000289072804248348 n
157977755 3567186886725656 6816363625122173892 n
158008085 3567186426725702 3323515539699532563 n
158554544 3567185903392421 8477700608096907870 n
158386870 3567183856725959 367480937313945609 n
158349596 3567185176725827 53106674126590652 n
158329207 3567184450059233 810877774517129035 n
158259238 3567184826725862 3480256103946075461 n
158253616 3567183763392635 3767385040817184134 n
158240808 3567183186726026 4664301277209101613 n
158199190 3567185786725766 2071288061391549975 n
158120083 3567186503392361 454327873760473775 n
158140756 3567185323392479 7026723247848387913 n
158047892 3567186203392391 3295587561199859179 n
158044805 3567186986725646 3837519037846014171 n
158041759 3567185543392457 3234478859818756400 n
المهندس المصري حسن فتحي

ربما يعجبك أيضا