برنت فوق 71 دولارًا.. هل تشهد أسواق النفط أسعارًا مشتعلة؟

كتب – حسام عيد

يبدو أن أسواق النفط العالمية قد تشهد أسعارًا مشتعلة على المدى القريب رغم هشاشة الطلب العالمي وسط تداعيات الجائحة الوبائية “كوفيد-19″، مدعومة في ذلك النهج التصاعدي بالخطوة المفاجئة لتوقعات أسواق النفط وعلى عكس ما كان يتمناه المستهلكون، حينما قرر تحالف “أوبك+” يوم الخميس 4 مارس 2021، تمديد اتفاقية خفض الإنتاج الحالية لنهاية أبريل المقبل، وإبقاء السعودية على خفضها الطوعي البالغ مليون برميل يوميًا لشهر إضافي مع السماح لروسيا برفع إنتاجها بواقع 130 ألف برميل يوميًا وكازاخستان بمقدار 20 ألف برميل يوميًا.

تمديد اتفاق خفض الإنتاج لشهر إضافي، أقدمت عليه “أوبك+” حتى تضمن تعافي الطلب العالمي وعودة التوازن التدريجي للأسواق، مما أشعل أسعار النفط وقفز بسعر خام برنت لأعلى مستوى في 14 شهرًا.

برنت فوق 71 دولارًا للبرميل

خطوة أوبك أثارت إعصارًا في سوق النفط، وقفزت بأسعار النفط، فجر يوم الإثنين الموافق 8 مارس 2021، لتبلغ أعلى مستوى في أكثر من عام، وذلك بعد تقرير أقوى من المتوقع للوظائف في الولايات المتحدة وقرار أوبك وحلفاؤها عدم زيادة الإمدادات في أبريل.

وتجاوز سعر العقود الآجلة لخام برنت مستوى 71 دولارًا للبرميل الواحد، وذلك للمرة الأولى منذ 8 يناير 2020.

وأفادت معطيات التداول بارتفاع العقود الآجلة لشهر مايو لمزيج نفط بحر الشمال ماركة برنت بنسبة 2.32% ليبلغ 71.15 دولارًا للبرميل.

كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط في العقود الآجلة لشهر أبريل بنسبة 2.57% ليبلغ 67.81 دولارا للبرميل.

وفي وقت سابق، أظهرت بيانات التداول ارتفاع سعر خام برنت ليتجاوز مستوى 70 دولارًا للبرميل.

تعافي الطلب لا يزال هشًا

قرار “أوبك+” جاء بعد نقاشات مطولة انتهت بنتيجة مفادها أن تعافي الطلب من وباء كورونا ما زال هشًا رغم موجة صعود الأسعار في الآونة الأخيرة وهبوط المخزونات بوتيرة هي الأسرع في 20 عامًا.

وفاجأت السعودية الأسواق بتمديد الخفض الطوعي لإنتاج النفط بمليون برميل يوميًا في أبريل، فيما قرر تحالف أوبك بلس إبقاء التخفيضات السابقة على حالها، مع منح استثناء لروسيا وكازاخستان لزيادة الإنتاج بـ 150 ألف برميل مجتمعين اعتباراً من مطلع أبريل.

وفي وقت سابق، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان ونائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، وبلداهما حجرا الزاوية لمجموعة أوبك+، إن تعافي الطلب هش.

ووفق وزير الطاقة السعودي، التعافي في الطلب العالمي على النفط يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقبول اللقاحات والسرعة في طرحها في جميع أنحاء العالم. ولم تنحسر حالة عدم اليقين التي تحيط بخطى الانتعاش، لذلك من الصعب وضع تنبؤات في مثل هذه البيئة التي لا يمكن التنبؤ بها.

وكانت أوبك+ خفضت الإنتاج بمقدار قياسي العام الماضي بلغ 9.7 مليون برميل يوميا مع انهيار الطلب بسبب الجائحة. وفي مارس الحالي، واصلت أوبك+ خفض الإنتاج سبعة ملايين برميل يوميا بما يعادل نحو 7%، من الطلب العالمي. وبإضافة الخفض السعودي الطوعي، يصبح إجمالي الخفض ثمانية ملايين برميل يوميًا.

وسيُسمح لروسيا بموجب الاتفاق الحالي رفع الإنتاج 130 ألف برميل يوميًا في أبريل ولكازاخستان بعشرين ألف برميل يوميا أخرى لتلبية الطلب المحلي.

ويأتي استمرار التخفيضات الكبيرة في الإنتاج إلى توقعات منظمة “أوبك” بنمو الطلب العالمي بمقدار 5.8 ملايين برميل يومياً خلال العام الحالي إلى 96 مليون برميل يومياً، وهو ما يظل أدنى من المستويات المسجلة في عام 2019.

بلوغ الـ80 دولارًا بالربع الثالث

المكاسب القوية لأسعار النفط التي قادها قرار أوبك + بتمديد اتفاق خفض الإنتاج تلقت دعما إضافيا من جولدمان ساكس الذي رفع توقعاته لمتوسط سعر خام برنت بواقع 5 دولارات إضافية للمرة الثانية في أقل من شهر.

البنك توقع أن يصل متوسط سعر برنت خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى 75 دولارًا للبرميل، وأن يقفز السعر إلى 80 دولارًا للبرميل بنهاية الربع الثالث من 2021.

إعادة التوازن والتحديات العالمية

ورغم الترحيب الذي حظي به القرار على شاشات تداول أسواق السلع ومن قبل منتجي النفط الصخري الذين يستفيدون من ارتفاع الأسعار، إلا أنه لاقى مخاوف من كبار المستهلكين، مثل؛ الهند -ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم- التي اعتبرت قرار مواصلة التخفيضات النفطية بأنه سيكبح التعافي الاقتصادي.

وحثت الهند، التي تضررت بشدة جراء ارتفاع أسعار النفط، المنتجين على تخفيف تخفيضات الإنتاج ومساعدة الاقتصاد العالمي على التعافي من جائحة فيروس كورونا.

وقال دارمندرا برادان وزير البترول والغاز الطبيعي الهندي “أحزننا قرار أوبك+. ليس نبأ جيدا للهند والصين واليابان وكوريا ودول مستهلكة أخرى”.

ويشكل صعود أسعار النفط تحديات مالية للهند، حيث لامست أسعار البيع بالتجزئة للوقود الخاضعة لضرائب كبيرة في الآونة الأخيرة مستويات مرتفعة قياسية، مما يهدد التعافي المدفوع بالطلب.

وتستورد الهند، ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، نحو 84% من احتياجاتها النفطية، وتعتمد على إمدادات الشرق الأوسطية لتلبية نحو ثلاثة أخماس الطلب.

قيام “أوبك+” بالإبقاء على مستويات الإنتاج من دون تغيير “قرار متوقع” لأن الطلب العالمي ما زال ضعيفًا، لكن هناك مخاوف حقيقية من أن تؤدي زيادة الإنتاج مع الطلب الضعيف إلى انهيار الأسعار مجددًا.

القرار ما هو إلا محاولة لإعادة التوازن إلى السوق، وهذه السياسة مؤقتة تعتمد على محاولة التحكم في العرض والطلب، ولكنها قد لا تؤتي أُكلها على المدى البعيد لأن هذه الدول التي تخفض إنتاجها ستضطر إلى زيادة إنتاجها لتعزيز إيراداتها النفطية.

ربما يعجبك أيضا