مع وصول بايدن.. مخططات إيران في المنطقة تتصاعد

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

غيّر نظام الملالي في قم وطهران، الكثير من استراتيجياته منذ وصول الرئيس الأمريكي بايدن إلى سدة الحكم، حيث تحولت المنطقة العربية إلى صندوق بريد لرسائل ترسلها طهران للولايات المتحدة الأمريكية للضغط في المفاوضات المستمرة بين البلدين حول البرنامج النووي الإيراني وقضايا أخرى.

ففي اليمن تستميت ميلشيا الحوثي بأوامر إيرانية لاحتلال مأرب الغنية بالنفط لتمويل مخططات إيران في اليمن، وفي سوريا تسارعت وتيرة الاستيطان الإيراني الممنهج واستغلال انهيار الوضع الاقتصادي نتيجة قانون قيصر الأمريكي لتجنيد الآلاف لخدمة أهدافها.

وفي الخليج العربي، تقوم ميلشيات إيران في اليمن والعراق بمهاجمة أهدافا مدنية واقتصادية في السعودية بالطائرات المسيرة بدون طيار وبعضها “مفخخ” تارة، وبالصواريخ البالستية الإيرانية الصنع تارة أخرى.

وفي العراق “تعربد” ميلشيات الحشد فسادا في العراق وكانت آخر تلك العمليات قصف مطار أربيل، وكذذك تستمر تلك الميلشيات في الهيمنة على مفاصل الدولة العراقية.   

وينبغي في الإطار أن نذكر ما قاله غضنفر آبادي -رئيس محكمة الثورة في طهران- “إذا الشعب الإيراني لم ينصر الثورة سيأتي الحشد الشعبي العراقي، الحوثي اليمني، الفاطميون من أفغانستان، وزينبيون من باكستان لنصرة الثورة”! وهذه التصريحات توضح إلى أي حد تغلغلت إيران في عدد من البلدان الإسلامية.

قصف السعودية

فيما اتهم مستشار بالديوان الملكي السعودي إيران بالمسؤولية عن هجوم استهدف الظهران ورأس تنورة، بحسب ما نقلت عنه صحيفة وول ستريت جورنال، وقال المستشار إن “كل المؤشرات تشير إلى إيران”، مضيفًا أنه لم يتضح ما إذا كان الأصل إيران أم العراق، لكنه لم يأتِ من جهة اليمن.

وكانت وزارة الطاقة السعودية قد أعلنت أمس أن هجوما “قادم من البحر” استهدف خزانات نفطية، وجهة البحر هنا تعني العراق أو إيران بشكل لا لبس، وهذا يعني أن إيران تصعد بشكل غير مسبوق في استهداف بلدان المنطقة العربية.

معركة مأرب

منذ فبراير/ شباط الماضي صعّد الحوثيون من هجماتهم في محافظة مأرب من أجل السيطرة عليها، وتلقت مليشيات الحوثي الإرهابية الموالية لإيران، حتى الآن هزائم في جبهات مأرب، ورغم استماتة الحوثي وإيران لحسم المعركة في مأرب بأي ثمن بعدما اعتبروها معركة حياة أو موت.

معركة مأرب، معركة وجود وليست كأي معارك أخرى في اليمن، فالمعركة مصيرية، ولا شك أن إيران وقادة الحرس الثوري الإيراني هم من خططوا لهذا المعركة، خصوصا أنها تأتي ضمن مخططات إيران التوسعية في المنطقة، والتي جاهرت بها طهران، وكذلك لأن محافظة مأرب تضم أكثر منابع النفط في اليمن، والسيطرة عليها تعني أن ميلشيا عبدالملك الحوثي أصبح لها قوة اقتصادية ليست بالهينة.

والحقد الإيراني على مأرب ليبس له مثيل، فهي حالت دون سيطرة ميلشيا الحوثي الإيرانية على كامل اليمن وبالتالي تغيير هوية المجتمع اليمني العربي، الميلشيا الحوثية الإرهابية وبأوامر من الحرس الثوري الإيراني أطلقت عدد من الصواريخ البالستية على المدنيين والنازحين في مدينة مأرب.

الاستيطان في سوريا

تستمر مخططات ميلشيا الحرس الثوري الإيراني في سوريا وخصوصا في دير الزور فتارة يؤسس ميلشيا جديدة، وتارة يعمل على استقطاب الشباب في ريف دير الزور الشرقي، بهدف بناء ميلشيات مسلحة مقابل رواتب مغرية، وتارة يستحوذ على ممتلكات العرب السنة في المنطقة، و وتعتبر مدينة البوكمال في دير الزور أهم نقطة استراتيجية بالنسبة لنظام الملالي في قم وطهران، لأنها عقدة وصل بالطريق البري الواصل بين طهران وبيروت اللبنانية عبر العراق وسوريا، كذلك تشهد البادية السورية تنافسا بين الحلفاء إيران وروسيا ، فكل منهما يحاول تعزيز نفوذه في المنطقة على حساب الآخر.

وتستمر الاستخبارات الإيرانية وقادة الحرس الثوري في تمكين ميلشياتهم الأجنبية في سوريا، التي تقاتل إلى جانب قوات الأسد ضد الثائرين عليه في سوريا، وتتوزع تلك المليشيات على أغلب المدن السورية، وأصبحت بعض المناطق والأحياء والمخيمات في ريف دمشق خاضعة تماماً  لسلطة إيران، وتم جلب العديد من العوائل الشيعية من إيران، وجرى توطينهم بريف دمشق ضمن مشروع استيطاني ممنهج يهدف إلى تغيير هوية العاصمة السورية دمشق بشكل خاص وسوريا بشكل عام.

الميلشيات الموالية لإيران تعمل في عموم المناطق السورية، مستخدمة سلاحي “المال والتشيّع”، فللمركز الثقافي الإيراني في مدينة دير الزور جهود في نشر التشيع كما منها أخيرا تنظيم رحلة وصفت بالترفيهية لنحو 30 طفلًا من أبناء المدينة إلى “حديقة الأصدقاء” التي أنشأها المركز الإيراني في منطقة حويجة صكر.

الداخل الإيراني

في الداخل الإيراني استمرت حكومة خامنئي في التضييق بشكل أكبر على السنة، الأمر الذي دعا الزعيم السني البارز في إيران، الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي، لتوجيه رسالة إلى خامنئي، قال فيها إن السنة في إيران لا يزالون يعتبرون “مواطنين من الدرجة الثانية، والمشكلة الرئيسية في التمييز ضد السنة في إيران تأتي من جهات معينة في مراكز صنع القرار”، وأضاف: “بعد 42 عامًا من انتصار الثورة، لا يزال السنّة في إيران يواجهون العديد من المشاكل والمخاوف بشأن الحقوق المدنية”.

وأشار إلى أن أمر خامنئي بالقضاء على التمييز ضد السنة في إيران، والذي صدر ردًا على رسالته في عام 2017 مجرد “أمر صوري” حيث “لم يتم تنفيذه من قبل المسؤولين التنفيذيين في البلاد”، واستشهد بقضايا مثل عدم تعيين شخصيات سنية كوزراء ومحافظين ومستشارين أو نواب رئيس وممثلين عن المرشد الأعلى ومستشاري المرشد الأعلى وغيرها من المناصب، وكما اشتكى من عدم التوظيف في الوزارات والقوات المسلحة ومكاتب مراكز المحافظات السنية كأمثلة على المشاكل التي يعاني منها السنة في إيران، وبسبب مواقفه، منع عبدالحميد وهو عضو في “رابطة العالم الإسلامي” ومقرها في مكة المكرمة، من السفر إلى السعودية لحضور مؤتمرات الرابطة.

ربما يعجبك أيضا