شركات التكنولوجيا الأمريكية إلى هبوط متسارع.. والسبب «بايدن» والتقييمات العالية!

كتب – حسام عيد

في منتصف شهر فبراير، بدأت بورصة وول ستريت الأمريكية تشهد ضغوطًا بيعية على أسهم شركات التكنولوجيا تحديدًا، وخصوصًا هذه الأسهم التي استفادت بشكل كبير من جائحة كورونا الوبائية “كوفيد-19”.

تراجعات أدت إلى هبوط مؤشر ناسداك بأكثر من 10% من ذروته التي وصل إليها في 12 فبراير الماضي.

وكانت كبرى شركات التكنولوجيا قد اختتمت عامًا ضخمًا، محققة مكاسب ونجاحات كبيرة، وتحديدًا، شركات التكنولوجيا السبع الأكثر قيمة في الولايات المتحدة، Apple، مايكروسوفت، أمازون وألفابت “غوغل”، فيسبوك، تسلا، وNvidia، والتي سجلت ارتفاعًا في قيمتها السوقية بإجمالي وصل إلى 3.4 تريليون دولار من القيمة السوقية في نهاية عام 2020، رغم انتشار الجائحة والتي أدت إلى أزمة اقتصادية واسعة.

“تسلا” تفقد ثلث قيمتها

وجاء سهم شركة تسلا في مقدمة الأسهم الأكثر تأثرًا بالتحركات السعرية على أدائه ومن ثم قيمته السوقية، ليعود متراجعًا بعد أن كان تخطى فيسبوك بمئات مليارات الدولارات.

وتراجع سهم صانعة السيارات الكهربائية “تسلا” -الذي كان الأفضل أداءً في العام الماضي ضمن مؤشر “إس أند بي 500”- إلى أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر خلال تداولات جلسة، الإثنين الموافق 8 مارس 2021، لتفقد أكثر من ثلث قيمتها السوقية منذ ذروتها في يناير.

وانخفض السهم أمس للجلسة الخامسة على التوالي، إذ تراجع الإثنين بأكثر من 5.8%، ليزيد خسائره منذ ذروته المسجلة في السادس والعشرين من يناير إلى 36%، وبذلك يتراجع السهم من 900 دولار في ذروته إلى دون الـ655 دولار تقريبًا.

وهبطت القيمة السوقية للشركة بأكثر من 300 مليار دولار منذ أن وصل السهم إلى ذروته في السادس والعشرين من يناير، لتصل إلى 540 مليار دولار، لتهبط قيمتها دون نظيرتها لـ”فيسبوك”.

وجاء التراجع الأخير للسهم بعد تغريدة للمدير التنفيذي “إيلون ماسك”، السبت، بأن الشركة تخطط لطرح شاحنة “سايبرتراك” محدثة في الربع الثاني.

ومنذ إعلان “تسلا” في الثامن من فبراير الماضي شراء “بتكوين” بقيمة 1.5 مليار دولار، تراجع سهمها تدريجيًا، على الرغم من ارتفاع سعر البتكوين بأكثر من 10%.

أداء أبرز شركات التكنولوجيا

وبالنظر إلى بعض الأسهم وتحليل كيف كان أداؤها منذ بداية عام 2021 الجاري، سنجد أن سهم شركة تسلا كان من أكبر الخاسرين بما نسبته “-22%”، حتى شركة أبل العملاقة والأكبر من حيث القيمة السوقية تراجع سهمها بأكثر من “-12.3%”، أما شركة فيسبوك كانت تراجعاتها الأقل حدة بنسبة “-6%”، وذلك لأن أحد الأسباب هو أن فيسبوك كان يعاني من ضغوط على السهم حتى في نهاية العام الماضي حال مقارنته مع باقي الأسهم.

ألفابت كان الوضع مختلف لها وخصوصًا مع إعلان نتائجها المالية، ليشهد السهم بعدها قفزة كبيرة في سعره بنسبة “+14.5%”، بينما سجلت أمازون تراجعات بنسبة “-9.3%” في أداء سهمها، ونتفليكس، كذلك الأمر، هبط سهمها بنسبة “-8.7%”، فيما لم تشهد ميكروسوفت ارتدادًا كبيرًا في أداء وسعر سهمها وذلك للارتفاع الهامشي بنسبة “+2.2%”.

وعند النظر إلى بعض شركات التكنولوجيا وكيف كانت قيمتها السوقية منذ وصول مؤشر ناسداك الأمريكي إلى ذروته في جلسة 12 فبراير 2021، نرى أن هناك تراجعات عامة وإن كانت بنسب متفاوتة ومختلفة من شركة لأخرى، فالقيمة السوقية لشركة تسلا انخفضت بنسبة 29%، تلاها إنفيديا بنسبة 21%، أبل 13%، أمازون 8%، ميكروسوفت 6%، ثم فيسبوك بنسبة هبوط في القيمة السوقية بلغت 4%.

أمر كان له تأثير سلبي عام في توجهات وقرارات المستثمرين الأخيرة، حيث ذهب البعض إلى التخلص من المحافظ لبعض الأسهم والتوجه إلى أماكن أخرى، كالشركات النفطية، البنوك، والشركات الصناعية، وجميعها استفادت مؤخرًا بشكل كبير على حساب أسهم التكنولوجيا، ما يعني أننا نشهد في الوقت الراهن مداورة في الأسهم ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن حتى عالميًا. والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة هنا، هو؛ هل هذه المداورة أو ذلك النهج الجديد سيستمر على المدى الطويل أم أنها فقط مرحلة مؤقتة؟!

أسباب خسائر أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية

الأسباب الرئيسية تكمن في الحزم المالية الضخمة التي ترتكز عليها خطة الإنقاذ الاقتصادية للرئيس الأمريكي جو بايدن، ويترقب العالم وليست أمريكا فقط حزمة بقيمة 1.9 تريليون دولار لتمرر عبر مجلس الشيوخ اليوم الأربعاء 10 مارس، بعد أن كان أدخل عليها تعديلات مطلع الأسبوع، وبالتالي تذهب بعد ذلك إلى توقيع بايدن.

ويتوقع محللون أن الحزمة ستعطي دفعة قوية للاقتصاد الأمريكي. وتتضمن بنود الخطة، وهي من أكبر حزم التحفيز في التاريخ الأمريكي، مدفوعات مباشرة للأفراد، تشمل أغلب الأمريكيين، تبلغ 1400 دولار بما قيمته الإجمالية 400 مليار دولار ومخصصات لمساعدة الولايات والحكومات المحلية وتوسيع نطاق الائتمان الضريبي للأطفال وزيادة التمويل لعملية توزيع اللقاحات.

ووصف بايدن والديمقراطيون من حزبه، الذين لهم أغلبية بهامش ضئيل في الكونجرس، التشريع للموافقة على الحزمة المالية بأنه ضروري لمواجهة جائحة أودت بحياة أكثر من 528 ألفا في الولايات المتحدة وأصبح بسببها الملايين دون عمل.

لكن الجمهوريين يقولون إن الحزمة باهظة للغاية وتأتي في وقت ربما تكون فيه أسوأ مرحلة من الجائحة قد ولت.

وهناك سبب آخر ساهم في دفع أسهم شركات التكنولوجيا إلى تسجيل خسائر، وهو؛ ارتفاع في عوائد السندات الأمريكية، الذي بدوره نتج عنه مخاوف من تقييمات الأسهم الكبيرة للغاية.

أسباب جميعها دفعت المستثمرين إلى التخلي عن أسهم شركات التكنولوجيا، والتوجه إلى الأسهم الأكثر دورية أو حتى ملاذات القيمة. فهل ما يحدث في السوق الأمريكي الآن هي عملية تصحيح جراء هذه التراجعات، أم قد تشهد وول ستريت تراجعات تستمر لفترة مطولة؟!. هذا ما سيكشفه التوجه الاستثماري على المدى القصير الأجل في الأصول عالية المخاطر.

ربما يعجبك أيضا