أنقرة تخطب «ود القاهرة».. رد مصري صارم تجاه المطلب التركي

إبراهيم جابر

كتب – إبراهيم جابر

القاهرة – واصلت تركيا خلال الفترة الأخير تصريحاتها الدبلوماسية تجاه مصر، في محاولة منها لإنهاء حالة الجفاء وقطع العلاقات بين البلدين على مدار 8 سنوات ماضية، ليطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو الآخر تصريحات لطلب “ود مصر”، لتؤكد القاهرة أن الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول على أساس احترام مبدأ السيادة ومقتضيات الأمن القومي العربي

تودد تركي

تودد تركيا إلى مصر، بدأ قبل نحو أسبوعين من الآن عبر تصريحات من مسؤولين رسميين في أنقرة عن رغبة بلادهم في إعادة العلاقات مع القاهرة مجددا، وتدارك أزمات الماضي القريب، وسط صمت مصري على التصريحات أو حتى الإشارة إليها من قريب أو بعيد.

الخطوات التركية، تأتي بعد انقطاع العلاقات بين البلدين على مدار أكثر من 8 أعوام بفعل سياسات تركيا منذ أحداث ثورة 30 يونيو 2013 في مصر، والإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي، ودعم أنقرة لجماعة الإخوان الإرهابية وأعضائها، فضلا عن سياسة حكومة تركيا في البحر المتوسط، والتدخل في ليبيا وتهديد الأمن القومي المصري.

المحاولات التركية زادت في الأسبوعين الماضيين مع تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مطلع الشهر الجاري، بأن أنقرة والقاهرة قد تتفاوضان على ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط إن سنحت الظروف، مردفا: “يمكننا توقيع اتفاقية مع مصر من خلال التفاوض على المساحات البحرية وفقاً لمسار علاقاتنا”.

وأضاف أوغلو -في مؤتمر صحفي في أنقرة مع نظيره الجورجي- “تلقينا بإيجابية نشاط مصر في التنقيب ضمن حدودها البحرية في البحر المتوسط وفق احترام لحدودنا”، مستطردا: “عروض التنقيب التي طرحتها مصر احترمت الجرف القاري لتركيا وإن أنقرة نظرت إلى هذا الأمر نظرة إيجابية”.

وكانت مصر أعلنت الشهر الماضي عن طرح مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز في 24 منطقة بعضها بالبحر المتوسط، لترد القاهرة بشكل مقتضب على الوزير التركي بأن مصر احترمت القانون الدولي في طرحها، ولم تعلق على إمكانية ترسيم الحدود بين البلدين.

إلحاح أردوغان

الصمت المصري على التصريحات التركية، قابله إطلاق المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، تصريحات في وكالة “بلومبيرج” تشير إلى أن العلاقات مع القاهرة ستشهد فصلا جديدا من التطور خلال الفترة المقبلة، قائلا: “يمكن فتح فصل جديد”.

وأضاف المتحدث باسم الرئاسة التركية خلال حديثه عن العلاقات مع الدول العربية، “يمكن فتح صفحة جديدة في علاقتنا مع مصر وكذلك دول الخليج للمساعدة في إرساء السلام والاستقرار الإقليميين”، مشيرا إلى وجود روابط قوية بين القاهرة وأنقرة.

التحول في اللهجة التركية، جاء بالتزامن مع تصريحات أخرى أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان، بشأن رغبة بلاده في إعادة تنشيط السياسة الخارجية مع واشنطن والدول العربية.

أردوغان هو الآخر، دخل على الخط بإطلاق تصريحات صريحة عن العلاقات المصرية التركية، قائلا إن التعاون بين بلاده ومصر في مجالات الاستخبارات والدبلوماسية والاقتصاد مستمر، مكملا: “عملية تعاوننا مع مصر في مجالات المخابرات والدبلوماسية والاقتصاد مستمرة بالفعل.. لا توجد مشكلة في هذا”.

وشدد الرئيس التركي في التصريحات التي نقلتها وكالة “الأناضول” الرسمية التركية على أن “الصداقة بين الشعبين المصري والتركي، أكبر من العلاقات بين الشعبين المصري واليوناني”، في إشارة إلى التقارب المصري اليوناني في أزمة شرق المتوسط الموجودة حاليا.

وجاءت تصريحات أردوغان بعد ساعات من حديث وزير خارجيته، لوكالة بلاده الرسمية عن بدء أنقرة اتصالات دبلوماسية مع القاهرة، قائلا: “لدينا اتصالات مع مصر على مستوى الاستخبارات أو وزارة الخارجية، واستئناف العلاقات سيتم بخطوات صغيرة وفق استراتيجية معينة”.

ود أم مناورة؟

ويرى مراقبون أن تلك التصريحات قد تكون جزءا من “مراجعات حتمية” قد تلجأ إليها أنقرة بعدما أثبتت التجربة فشل سياسات فرض الأمر الواقع والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ومن ثم تسعى لمهادنة محيطها، ممثلا في مصر، لما تشكله من تأثير واسع.

وينظر آخرون إلى تلك الخطوة، باعتبار أنها طالما لم تكن مقرونة بتصرفات حقيقية على الأرض مجرد “مناورات سياسية”، بحسب “سكاي نيوز”.

وذكر موقع موقع “أحوال” المتخصص في الشؤون التركية أن أنقرة تسعى إلى إنهاء عزتها في شرق المتوسط، إذ إنها بأنها مستبعدة عن تقاسم موارد الغاز الهائلة، خاصة مع إقصائها من منتدى الغاز المتوسطي الذي تترأسه مصر، منبها أن أنقرة تسعى إلى تهدئة التوتر مع دول مجاورة لها في شرق المتوسط مثل اليونان وإسرائيل.

رد مصري

ووسط سيل التصريحات التركية، لم تعلق وزارة الخارجية المصرية أو الرئاسة المصرية على تلك التصريحات بشكل رسمي، ليؤكد مصدر مصري مسؤول في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، أنه ليس هناك ما يمكن أن يطلق عليه توصيف “استئناف الاتصالات الدبلوماسية” آخذا في الاعتبار أن البعثتين الدبلوماسيتين المصرية والتركية موجودتان على مستوى القائم بالأعمال أو يتواصلان مع دولة الاعتماد وفقاً للأعراف الدبلوماسية المتبعة

وأكد المصدر الرسمي أن الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول على أساس احترام مبدأ السيادة ومقتضيات الأمن القومي العربي، مردفا: “مصر تتوقع من أي دولة تتطلع إلى إقامة علاقات طبيعية معها أن تلتزم بقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وأن تكف عن محاولات التدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة.

واختتم المصدر تصريحاته للوكالة الرسمية لبلاده، بالتأكيد على أهمية الأواصر والصلات القوية التي تربط بين شعبي البلدين.

ربما يعجبك أيضا