في 2021.. أبناء القارة السمراء فريسة لثنائية الفقر وكورونا

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

دائما الحديث عن القارة السمراء يرافقه الألم، لما تشهده غالبية بلدانها من أوضاع غير مستقرة وتفاقم للصراعات والحروب ومعدلات الفقر والتهميش في العموم، هذه المرة صدمنا تقرير حديث صادر عن البنك الأفريقي للتنمية بتحذير من احتمالات سقوط 39 مليون أفريقي في براثن الفقر المدقع هذا العام، بفعل التداعيات الاقتصادية لتفشي وباء كورونا.

بين براثن الفقر والوباء

أوضح تقرير “الآفاق الاقتصادية لعام 2021″، أن 30 مليون أفريقي انضموا إلى قائمة الفقر المدقع – هم الفئة التي تعيش تحت خط الفقر الحاد البالغ 1,9 دولارا في اليوم الواحد- في عام 2020 بسبب الوباء، مشيراً إلى أن عددا إضافيا قد يشهد نفس المصير هذا العام في حال عدم تقديم الدعم الكافي للقارة السمراء.

وقال البنك الأفريقي للتنمية، في تقريره: إن عدد الأشخاص في أفريقيا الذين يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم سيرتفع إلى 465.3 مليون شخص، ما يعادل 34.4% من سكان القارة، لافتا إلى أن هذه الزيادة في عدد الفقراء ستزيد من عدم المساواة وستؤثر بشكل غير متناسب على النساء، بالإضافة إلى أنها ستبتلع المكاسب التي تحققت في الحد من الفقر خلال السنوات الماضية.

وبحسب تقديرات البنك الدولي، في عام 2021، من المتوقع أن يرتفع عدد فقراء العالم إلى ما بين 143 و163 مليون شخص، فيما يتوقع أن يسقط أكثر من 88 مليون شخص في براثن الفقر المدقع نحو 40% منهم في أفريقيا وجنوب آسيا.

خلال العام الماضي وبفعل تداعيات الجائحة، انكمشت اقتصادات أفريقيا بنحو 2.1%، مسجلة ركودا هو الأول من نوعه منذ 50 عاما، ما جعل المنظمات الدولية تحذر من أن التقدم الذي أحرز في معالجة أزمات مثل الفقر وعدم المساواة على مدار عقود مضت قد تبتلعه تداعيات الجائحة وتعيد الأوضاع المعيشية في القارة إلى الوراء بوتيرة متسارعة.

حتى اللحظة سجلت أفريقيا أكثر من 3.9 مليون إصابة بفيروس كورونا، بينها نحو 104 آلاف وفاة، وتحتاج القارة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 1.3 مليار نسمة إلى تطعيم نحو 60% من السكان للوصول إلى مناعة القطيع، بحسب تقديرات المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

ولتحقيق هذا الهدف تحتاج أفريقيا هذا العام إلى إنفاق نحو 5.8 مليار دولار لشراء اللقاحات ونحو 3.3 مليار دولار لتوصيلها، بحسب تقديرات البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، وهو رقم يبدو ضخما مقارنة مع ميزانيات غالبية الدول الأفريقية الفقيرة التي لا يمكنها منافسة الدول الأكثر ثراءا لشراء الجرعات الكافية من اللقاحات لسكانها، لذا سيكون على القارة السمراء الانتظار طويلا لتأمين حاجاتها من اللقاحات عبر مبادرات على غرار “كوفاكس”.

نمو في الأفق ولكن

يتوقع تقرير البنك الأفريقي للتنمية أن يعاود اقتصاد القارة السمراء النمو هذا العام بنسبة 3,4 بالمئة هذا العام، وهي نسبة تزيد قليلا عن توقعات صندوق النقد التي تشير إلى نمو بـ3.1%، وتفصيلا توقع البنك الأفريقي نموا أقوى في بلدان مثل المغرب وتونس بنسبة 6,2%، في حال تعافت فيها قطاعات حيوية مثل السياحة.

فيما يتوقع أن تحقق البلدان المصدّرة للنفط والمواد الخام مثل الجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا نموا بنحو 3%، مقابل 41% للاقتصادات الأكثر تنوعا مثل ساحل العاج وإثيوبيا.

لكن التقرير حذر من أن أزمات الديون وخفض تدفقات رأس المال وتراجع إيرادات السياحة ما زالت حاضرة وبقوة وقد تؤثر على قدرة بلدان القارة على التعافي، وقال: كان للجائحة والأزمة الاقتصادية التي أعقبتها أثار مباشرة على توازن الموازنات وزيادة أعباء الديون، وتضاعف العجز في 2020 لنحو 8.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات القارة.

وقال رئيس البنك أكينوومي أديسينا: تحديات الديون في القارة وصلت إلى مستويات خطيرة، ومن المتوقع أن نشهد مزيدا من حالات التخلف عن السداد، ما قد يمثل عقبة رئيسية أمام النمو، لذا فبلدان أفريقيا في حاجة ملحة إلى معالجة أزمات الديون وتحديات تمويل التنمية بالشراكة مع المجتمع الدوليّ والدائنين من القطاع الخاص، داعيا قادة البلدان إلى إصلاحيات جريئة للحد من كافة أشكال التسرب في الموارد العامة وتحسين الموارد المحلية وتعزيز الشفافية والحوكمة.

لم تفاقم الجائحة أزمات القارة السمراء وحدها بل أنها هزت أقوى الاقتصادات والبلدان، فأمريكا نفسها سجلت خلال 2020 أسوأ أداء اقتصادي منذ العام 1946 وارتفع معدل الفقر فيها بأكبر وتيرة له منذ 50 عاما، وسجلت وفيات جراء الوباء تزيد عن 2.6 مليون حالة، لكن ما يجعل الصورة قاتمة في أفريقيا، هي وضع البنية التحتية فيها وعدم قدرتها على تحمل المزيد من ضربات كورونا خاصة مع تسجيل بلدان كجنوب أفريقيا لسلالات أكثر شراسة من السلالة الأم للفيروس، فعلى سبيل المثال يوجد في 43 دولة أفريقية أقل من 5000 سرير “عناية مركزة”، أي حوالي خمسة أسِِرّة لكل مليون شخص، بحسب منظمة الصحة العالمية، أمام هذا الوضع قد لا يكون في مقدور غالبية اقتصادات القارة تحقيق معدلات النمو المتوقعة لهذا العام.

Untitled7412

ربما يعجبك أيضا