جولة آسيوية لوزير الدفاع الأمريكي لبناء «ردع موثوق» لمواجهة الصين

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

جولة آسيوية لوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، تهدف لتعزيز التعاون مع الحلفاء وإرساء ردع موثوق لمواجهة الصين، زيارة تأتي قبيل اجتماع فريق من إدارة بايدن مع مسؤولين صينيين وجهًا لوجه في ألاسكا، لبحث العديد من الملفات المشتركة وعلى رأسها فيروس كورونا وتغير المناخ وملفات أخرى شهدت توترًا في العلاقات بين البلدين وصلت لمستوى الحرب الباردة في عهد إدارة ترامب، وسط توقعات باستمرار صرامة بايدن في تعاملها مع بكين مع تنسيق تحالفاته لبناء علاقات إما تنافسية أو عدائية وفقا لتعاطي ونهج كلا منهما في التعاطي مع القضايا العالقة.

جولة أمريكية في آسيا

أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، بالأمس، أنه سيتوجه إلى آسيا لمناقشة سبل تعزيز التعاون العسكري في المنطقة مع حلفاء الولايات المتحدة وإرساء “ردع موثوق به” في مواجهة الصين.

وبدأ الوزير في جولته التي تستمر أسبوعًا، لتشمل كلا من طوكيو وسيول ونيودلهي، ليكون بذلك قد اختار آسيا في أول رحلة خارجية له منذ توليه منصبه في 22 يناير الماضي.

 وسينضم إلى وزير الدفاع الأمريكي في طوكيو وسيول وزير الخارجية أنتوني بلينكن حيث سيجريان محادثات مع نظيريهما الياباني والكوري الجنوبي،  أملا في تشكيل “ردع موثوق” أمام الصين.

وفي حديثه للصحفيين خلال جولته قال أوستن: “هدفنا هو التأكد من أن لدينا القدرات والخطط والمفاهيم العملياتية لنكون قادرين على توفير ردع موثوق أمام الصين أو أي جهة تريد مهاجمة الولايات المتحدة”، مضيفاً، “ما أريده أنا ووزير الخارجية هو البدء في تعزيز هذه التحالفات، الاستماع وفهم وجهة نظرهم، بهدف التعاون معهم لنتأكد من أننا نعزّز الاستقرار الإقليمي”.

 تأتي هذه الجولة في آسيا لوزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين، في أعقاب قمة غير مسبوقة للتحالف “الرباعي” على أعلى مستوى منذ تأسيسه في العقد الماضي لمواجهة صعود الصين، كما أنها تأتي قبل الاجتماع الأول في ألاسكا لفريق بايدن مع المسؤولين في الخارجية الصينية يانغ جيشي ووانغ يي.

اجتماع ألاسكا

في أول اجتماع بين هاتين القوتين منذ بدء ولاية الرئيس جو بايدن، يلتقي وزير الخارجية الأمريكي ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مع مسؤولَين صينيَين في ألاسكا خلال هذا الأسبوع.

وبعدما كان وزير الخارجية الأمريكي وصف الصين الأسبوع الماضي بأنها “أكبر تحد جيوسياسي في القرن الواحد والعشرين”، سينضم إليه مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، للقاء وزير الخارجية وانغ يي والدبلوماسي الصيني البارز يانغ جيشي، في اكبر مدن ألاسكا المطلة على المحيط الهادئ.

ولم تكشف الحكومة الأمريكية تفاصيل أخرى حول برنامج اللقاء. إلا انّ الدولتين تواجهتا في الأشهر الأخيرة بشأن غالبية المسائل، من الأزمة الوبائية مروراً بالتجارة ودور بكين في بحر الصين الجنوبي وصولًا إلى ملف حقوق الإنسان الذي تتهم فيه واشنطن الصين بارتكاب جرائم بحق مسلمي الإيغور وبحرمان هونج كونج من حكمها الذاتي وديمقراطيتها.

ويرى المحللون، أن التقدم في العلاقات لا يمكن أن يتحقق من اجتماع واحد بل سيكون رهنًا بتحقيق تقدم ملموس على صعيد قضايا عديدة تشمل من بينها التجارة والانتعاش الاقتصادي والتكنولوجيا والملكية الفكرية والمناخ والإعلام، وتخلي إدارة بايدن عن سياساتها تجاه بكين، وإن كان من غير المرجح أن تفعل ذلك، لتستمر العلاقات الصينية- الأمريكية في كونها معقدة من حيث المنافسة والخصومة والتعاون.

ويعود آخر اجتماع ثنائي إلى يونيو، خلال رئاسة دونالد ترامب، حين عقد وزير الخارجية مايك بومبيو اجتماعًا حول أزمة شركة هواوي مع يانغ جيشي ومن دون أن يؤدي إلى تهدئة التوتر بين أكبر قوتين عالميتين.

علاقة تنافس وعداء

من جهته، اعتبر أنتوني بلنكين أن إدارة ترامب كانت محقة في توخي الصرامة، لكن الفريق الديمقراطي الجديد يريد تنسيق مواقف واشنطن مع حلفائها بشكل أكبر، وكذلك التعاون مع الصين حول “تحديات” تواجه العالم على غرار فيروس كورونا والمناخ.

وقال في كلمة الأسبوع الماضي إنّ “الصين هي الدولة الوحيدة ذات القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية التي من شأنها أن تهدد جديا المنظومة الدولية المستقرة والمفتوحة”.

وتعهد بأن تكون العلاقات مع بكين مزيجا بين “التنافس عندما يكون صحيا” و”التعاون عندما يكون ممكنا” و”العداء عندما يكون ضروريا”.

وفي إشارة إلى رغبته في مخاطبة الصينيين “من موقع قوة”، أي بدعم من حلفاء الولايات المتحدة، يستبق أنتوني بلينكن الاجتماع في ألاسكا بزيارة طوكيو وسيول برفقة وزير الدفاع لويد أوستن، وفق ما أعلنت الخارجية الأمريكية .

أكبر تحدي لبايدن

منذ تولي بايدن سدة الحكم وهو يسعى جاهدًا لبناء تحالف في مواجهة الصين على النقيض من إدارة ترامب السابقة، غير أن هذه الأمور قد تستغرق وقتا بحسب الخبراء، وتتطلب من الولايات المتحدة إصلاح علاقتها مع العديد من حلفائها، فضلا أن صعوبة ذلك في ضوء اعتماد العديد من الدول الآسيوية والأوروبية على التجارة مع الصين، والتي قد لا ترغب في تغيير الوضع.

وتقول ستيفاني سيغال الخبيرة الاقتصادية في مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكي، إن رسم مسار للعلاقات الأمريكية الصينية، التي توصف حالياً بأنها في أدنى نقطة، منذ تطبيع العلاقات عام 1979، هو التحدي الأكثر إلحاحاً، الذي يواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وبحسب المكالمة التي عرضها البيت الأبيض الشهر الماضي بين بايدن  والرئيس الصيني شي جين بينج، فقد تطرقت إلى ممارسات بكين الاقتصادية القسرية وغير العادلة، والقمع في هونج كونج، وانتهاكات حقوق الإنسان في شينغيانغ، والإجراءات المتزايدة تجاه تايوان، ما يوضح أن التغيير في الإدارة، لم يخفف التوترات الأكثر حدة في العلاقة.

ورغم ذلك تم التطرق إلى التحديات المشتركة الخاصة بالأمن الصحي العالمي، وتغير المناخ، ومنع انتشار الأسلحة، ما يشير إلى الخروج عن نهج «الكل أو لا شيء»، الذي ميز أيام إدارة ترامب الأخيرة.

ومن الواضح أن التقدم في العديد من التحديات الكبرى التي تواجه الولايات المتحدة والعالم، سيتطلب مشاركة بناءة بين الولايات المتحدة والصين، حتى في الوقت الذي تواجه فيه واشنطن بكين في عدد من الجوانب الأخرى، انطلاقًا من المصالح الأمريكية الصينية والاتفاقيات الموقعة لحين تحديد الولايات المتحدة أهدافها من تلك الأنشطة الاقتصادية.

ربما يعجبك أيضا