بعد عام الجائحة.. تفاؤل واسع باقتصادات الخليج في 2021

كتب – حسام عيد

بعد عام 2020 الذي كانت فيه الغلبة لتداعيات كورونا ليس فقط على أداء الاقتصادات الخليجية فحسب، بل على اقتصادات العالم أجمع، جاء عام 2021 ليزيح بعض غيوم جائحة “كوفيد-19” الوبائية، حاملًا معه تفاؤلًا وتوقعات إيجابية متصاعدة لانتعاشة مرتقبة بعد انكماش واسع؛ وفق مؤسسات دولية كبرى.

مؤسسات ووكالات وبنوك عالمية عديدة توقعوا ارتياحًا ملحوظًا في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مع رفع تقديرات النمو في ظل المكاسب العديدة من إصلاحات وحزم تحفيزية وانتعاشة بأسواق النفط.

نمو 2.5% في 2021

معهد التمويل الدولي توقع أن تحقق دول الخليج نموًا اقتصاديا خلال العام الجاري بنسبة 2.5% مقابل انكماش قدره 4.9% في 2020.

وأظهرت بيانات المعهد في تقرير حديث صدر يوم الخميس الموافق 18 مارس 2021، أنه من المتوقع تحقيق دول الخليج نموًا بنسبة 3.1% في 2022.

واستطاعت السلطات الخليجية تطبيق حزمة واسعة من الإجراءات التي ساعدت في دعم الاقتصاد، بما في ذلك حزم التحفيز، وتيسير السياسة النقدية، والقواعد الاحترازية، وتوفير سيولة ملائمة مناسبة للنظام المصرفي، وفقا للتقرير.

وأشار إلى أن نمو دول الخليج في 2021 سيكون مدعومًا بارتفاع أسعار النفط ونمو الناتج المحلي غير النفطي بمتوسط 3.1% في 2021، عقب تراجعه بـ4.1% العام الماضي.

وأبقى التقرير على توقعاته الحذرة للنفط، ويقول إن متوسط السعر سيكون 60 دولارًا للبرميل في 2021، وهو أعلى بنسبة 40% عن متوسط سعر العام الماضي.

وأشار التقرير إلى أن عجز الموازنة الكلي لدول الخليج سيتراجع من 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، إلى 1.2% في 2021.

ومن المتوقع أن تحقق السعودية نموًا بنسبة 2.4% العام الجاري و3.1% العام المقبل، مقابل تراجع في الناتج المحلي الإجمالي نسبته 4.2% العام الماضي.

وتوقع أن تحقق الإمارات نموًا بنسبة 2.6% العام الجاري، و3% العام المقبل، مقابل انكماش بـ5.6% في 2020؛ وفقًا للتقرير.

وفيما يتعلق بسلطنة عمان، توقع التقرير أن تحقق نموًا قدره 1.4%، و3.1% العام المقبل، مقارنة بانكماش قدره 7.4% في 2020.

وتوقع التقرير أيضا نمو اقتصاد قطر بـ3.3% العامين الجاري والمقبل، مقابل انكماش قدره 3.1% العام الماضي.

وفي الكويت، توقع التقرير تحقيق نمو بـ2.2% و2.8% العامين الجاري والمقبل على التوالي، مقابل 7.7% انكماشًا في 2020.

وستحقق البحرين نموًا بنسبة 3.4% و3.5% في 2021 و2022 على التوالي، مقابل انكماش بنسبة 5.2% العام الماضي.

ارتياح مالي

ومن المتوقع أن تحصل دول مجلس التعاون الخليجي، التي واجهت اقتصاداتها ضغوط كورونا، على قسط من الراحة فيما يتعلق بالتزاماتها المالية بعد أن اتفقت أوبك وحلفاؤها على تمديد معظم تخفيضات إنتاج النفط حتى أبريل.

ويرجح أن تكبح أسعار النفط المرتفعة العجز في الميزانية مما يوفر بعض المجال لتعزيز محتمل لاقتصادات دول المجلس التي تتعافى من جائحة كوفيد-19.

وقالت مونيكا مالك كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري إن دول الخليج ستستفيد من ارتفاع عائدات النفط إذ أن الزيادة المتوقعة في أسعار النفط تفوق انخفاض الإنتاج.

وأضافت قائلة “التقلص الملحوظ في العجز المالي مع ارتفاع عائدات النفط يعطي مساحة أكبر لزيادة الدعم المالي لتلك الاقتصادات”.

تراجع احتياجات الاقتراض

بدوره، بنك جولدمان ساكس بانخفاض متطلبات الاقتراض في مجلس التعاون الخليجي إلى 10 مليارات دولار مجمعة على مدى السنوات الثلاث المقبلة من حوالي 270 مليار دولار متوقعة، إذا استمر تعافي أسعار النفط.

وقال البنك الأمريكي يوم الأحد الموافق 14 مارس 2021، إن تراجعًا بنسبة 96% في إجمالي اقتراض دول الخليج سيطرأ خلال العام الجاري، في حال بلوغ متوسط سعر برميل برنت 65 دولارًا خلال 2021.

وصعدت أسعار النفط بنسبة 88% منذ نوفمبر الماضي إلى 70 دولارًا لبرميل برنت، مع طرح الاقتصادات الكبرى لقاحات ضد فيروس كورونا، وتنفيذ تحالف “أوبك+” اتفاقية لخفض الإنتاج.

وقال جولدمان ساكس إن متوسط ​​السعر المطلوب لتحقيق التوازن بين الحسابات الجارية لدول مجلس التعاون الخليجي 50 دولارًا، مما يوفر الراحة فيما يتعلق بالتوقعات الخارجية ومرونة ربط العملات. وجمعت دول الخليج 63 مليار دولار من السندات والصكوك خلال العام الماضي.

ومن المرجح أن تشهد الكويت أكبر تحسن في ميزانيتها بالتزامن مع مستويات النفط المرتفعة، حيث قد يتقلص العجز بنحو 15 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

وعلى مدى السنوات الثلاث المقبلة، من المتوقع أن يرتفع صافي ديون السعودية إلى مستوى “ما يزال من الممكن التحكم فيه، عند 38% من الناتج المحلي الإجمالي”.

ومن المحتمل أن تستفيد عُمان والبحرين أكثر من ارتفاع أسعار النفط، بالنظر إلى أوضاعهما الخارجية والمالية الأضعف.

استراتيجية مستقبل ما بعد النفط

وتستشرف السعودية اليوم وبخطى متسارعة مستقبل ما بعد النفط مع تبنيها استراتيجية تنويع الطاقة في بناء قدرات تكرير في مواقع استراتيجية مثل الهند ومصانع بتروكيماويات في تكساس بالإضافة إلى تطوير منشآت الغاز الطبيعي المسال الذي يعتبر المحرك الرئيسي لتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر.

سيكون الاستخدام الرشيد لتلك الأموال في استثمارات استراتيجية لمستقبل ما بعد النفط وتخفيض بعض بنود الإنفاق الحكومي بما يساهم في دعم القطاع الخاص وخلق فرص عمل بسرعة.

وستتمتع دول مجلس التعاون الخليجي الأصغر حجماً وعدد أقل من المواطنين بقدرة أكبر على دعم مواطنيها وميزة تنافسية أكبر في أسواق العمل، حيث ستكون لها القدرة على جذب العمال الأجانب أصحاب المهارات الفائقة والاحتفاظ بهم.

ربما يعجبك أيضا