قوانين جديدة لردع إيران.. إدارة بايدن حائرة بين ضغط ترامب وإرث أوباما

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

محاولة جديدة لردع الانتهاكات الإيرانية في العراق، عبر قوانين جديدة تبحث فرض عقوبات على الميلشيات الإيرانية وعلى نظام طهران، محاولة تشريعية ظاهرها ردع طهران ولكن في باطنها الدفاع عن حملة إدارة ترامب السابقة في الضغط على إيران، فهل تنجح سياسة الضغط في ردع النظام الإيراني؟ في وقت تسعى فيه إدارة بايدن للعودة للاتفاق النووي وإعادة إرث أوباما من جديد.

قوانين جديدة بالكونجرس

قدم قادة السياسة الخارجية من الحزب الجمهوري في الكونجرس، مشروعين قانونين جديدين، بالأمس، من شأنهما فرض وزيادة العقوبات الاقتصادية على الميلشيات الإيرانية في العراق وعلى نظام طهران، وفقا لإجراءات جديدة صحيفة “واشنطن فري بيكون” على نسخة منها.

وسيصنف مشروعا القانونين الجديدين بشكل رسمي، الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في العراق على أنها منظمات إرهابية، ويدعوان لفرض عقوبات جديدة على منتهكي حقوق الإنسان الإيرانيين، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي.

وتأتي الدفعة التشريعية للجنة RSC، بقيادة النائبين جيم بانك وجو ويلسون، في الوقت الذي تنظر فيه إدارة بايدن في مجموعة من التنازلات، بما في ذلك تخفيف العقوبات، بهدف إغراء إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

وتهدف التشريعات الجديدة إلى إرسال رسالة إلى طهران والقوى الأوروبية مفادها أن جزءًا كبيرًا من المشرعين الأمريكيين يعارضون دبلوماسية الإدارة ومستعدون لإعادة فرض أي عقوبات قد يتم رفعها في الأسابيع والأشهر القادمة، وهو ما قد يعرقل أي اتفاق نووي نظرًا لاشتراط إيران عدم نقض الاتفاق من أي إدارة في حال عادت إلى الصفقة.

ينص مشروع القانون الأول على فرض عقوبات جديدة على ميلشيات كتائب “سيد الشهداء” الإرهابية، وهي ميلشيات مدعومة من إيران تعمل في العراق ومسؤولة عن الهجمات على الولايات المتحدة وقوات التحالف. وهي نفس المجموعة التي قصفها بايدن مؤخرًا في سوريا، وكانت في السابق تحت قيادة قاسم سليماني.

أما التشريع الثاني من شأنه أن يطلب من الحكومة الأمريكية أن تحدد ما إذا كان يجب فرض عقوبات على القيادة العليا لإيران، بما في ذلك زعيمها الأعلى بموجب الأمر التنفيذي لعام 2010 الذي وقعه في ذلك الوقت الرئيس باراك أوباما.

وسيجبر مشروع القانون إدارة بايدن على الرفض العلني لجهود أوباما لمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان الإيرانيين. وتنظر لجنة RSC إلى التشريع على أنه اختبار حاسم لبايدن الذي غالبًا ما دافع عن حقوق الإنسان في الخارج.

عواقب سلبية

ومع ذلك، قد تترتب عدة عواقب سلبية من فرض العقوبات، فمن شأن القيام بذلك أن يخاطر بردّ فعلٍ عكسي في مرحلة حساسة بشكل خاص في العراق، فالمسؤولون في طريقهم إلى انتخابات جديدة وتشكيل حكومة جديدة، لذلك من المرجح أن تتمكّن إيران وشركاؤها السياسيون من التلاعب بأي تصنيفات إرهابية أمريكية واستغلالها لصالحهم من خلال تصويرها كاعتداء على السيادة العراقية. وبالتالي من الممكن أن تأتي العقوبات الجديدة بنتائج عكسية، مما يعزز حركات الميلشيات والقادة المدعومين من إيران.

بالإضافة إلى ذلك، قد تنعكس هذه العقوبات في حال فرضها، على تصعيد التوتر الأمني من خلال استهداف جديد لمواقع أمريكية في العراق، لإثبات مدى قوة ونفوذ الميلشيات الموالية لإيران، وكنوع من الرد على أي عقوبات محتملة، في وقت تتواجد فيه الآلاف من الميلشيات الإيرانية والتي باتت تسيطر على معابر حدودية موازية للدولة العراقية وتهرّب من خلالها الأموال والبضائع والأسلحة والمخدرات وتساعد إيران على خرق نظام العقوبات المفروض عليها.

في السابق، غضت إدارة أوباما الطرف عن الميلشيات، ووجدت نفسها إلى جانبها في مكافحة داعش، على أمل دمجها في المؤسسة الأمنية العراقية، أما إدارة ترامب فكانت تعتبرها خطراً، وقصفتها مرات عديدة، كما فرضت عليها عقوبات واتهمتها بالإرهاب، واليوم على إدارة بايدن أن تتخذ قرارها وتعيد مراجعة سياستها في العراق

سياسة بايدن في العراق

تخوض إدارة بايدن منذ أسابيع عملية مراجعة لسياستها في العراق لكونها بوابة إيران إلى الشرق الأوسط، فإدارة ترامب كانت تنظر للعراق كـ”سدّ” بوجه النفوذ الإيراني، وأرادت مساعدته للسيطرة على أراضيه وحدوده، وكان هذا بتقديرها كافيا لإخراج الإيرانيين والقضاء على نفوذهم الذي تمثّله الميلشيات الموالية.

الانطباع لإدارة بايدن هو أنها تتقدّم أو تميل أكثر إلى تبنّي سياسة الردع، ثم سياسة تهدئة، وهو ما حدث بعد الغارة الأمريكية على مواقع إيرانية داخل حدود سوريا ، والتي تلتها حالة من التهدئة بعدم الرد على الهجوم الصاروخي على “قاعدة عين الأسد”، واعتبرت أن الميلشيات الموالية لإيران أرادت استفزاز الأمريكيين وجرّهم إلى مواجهات من باب “الفعل وردّ الفعل”.

في المقابل، تعمل إدارة بايدن على تطوير مهمتها في العراق، من خلال العمل المشترك مع حلف شمال الأطلسي، بزيادة أعضاء الحلف لعدد عناصرها لـ 4000 جندي، ليصل مجموع القوات الأمريكية والحليفة في العراق إلى 7500 جندي.

يأتي ذلك في وقت يطالب فيه العراقيون ببقاء قوات التحالف والولايات المتحدة لدورها في إحداث توازن سياسي في مواجهة إيران، إلا أن إدارة بايدن تحاول من جهة أخرى العودة للاتفاق النووي مع إيران وهو ما يعني تقديم مجموعة من التنازلات مستقبلًا ومن ثم التخلي عن سياسة الضغط.

صفقة فاشلة

 يرى مراقبون أن عودة بايدن إلى الاتفاق يكتنفها الكثير من التحديات والتعقيدات، في ظل العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب واهتزاز ثقة طهران في واشنطن من ناحية، ومن ناحية أخرى رغبة عدد من حلفاء الولايات المتحدة في عدم العودة، باعتبار أنه سيمكن الجمهورية الإسلامية في نهاية المطاف من امتلاك سلاح نووي.

فالاتفاق الذي وقعته إدارة أوباما، قد غض الطرف بالكامل عن تمويل إيران وكلاءها الذين ينتهجون العنف، مثل حزب الله، الذي سيطر على لبنان، وحركة حماس في قطاع غزة، والحوثيين في اليمن، وكذلك عن توسيع إيران نفوذها في مساحات شاسعة من أمريكا الجنوبية، وهو ما ذكره مجيد رفيع زاده، الباحث والمحلل السياسي الأمريكي، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي.

وبحسب الباحث السياسي، فإنه بعد إبرام الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران في إدارة أوباما، لم تسهم هذه الإجراءات في كبح السلوك الخبيث لإيران في الداخل والخارج، بل على العكس منحت إيران شرعية عالمية جديدة، وتسببت في توفير عائدات بمليارات الدولارات للمؤسسة العسكرية الإيرانية والحرس الثوري الإيراني وكذلك للمليشيات الإيرانية والجماعات الإرهابية.

وبالعودة لاتفاق لم يجلب شيئا سوى الدمار المتزايد وعدم الاستقرار بالمنطقة، فإن محاولة بايدن لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 قد يحول المنطقة وإرث بايدن بسهولة إلى حريق هائل، بالإضافة إلى إشعال سباق تسلح نووي الشرق الأوسط.

ربما يعجبك أيضا