الانتخابات الفلسطينية في مهب الاستخبارات الإسرائيلية

محمود

كتب – محمد عبدالكريم

القدس المحتلة – “جاء إلينا وهددنا جميعاً، وحث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على إلغاء الانتخابات الفلسطينية المقبلة، في حال شاركت فيها حركة حماس”، هذا ما كشفه الصحفي الإسرائيلي شمريت مئير الذي يعمل كاتباً في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، نقلًا عن عضو اللجنة المركزية في فتح جبريل الرجوب.

“يديعوت” نقلت عن الرجوب ما جرى في لقاء رئيس الشاباك الإسرائيلي نداف أرغمان مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أيام، حيث وصف الرجوب المجتمع الإسرائيلي بأنه مجتمع فاشي، كما هاجم نتنياهو بالقول: “نتنياهو أسـوأ من موسولينـي”.

وحول رده فعل الرئيس الفلسطيني أبومازن أوضح الرجوب أن أبومازن قال لنداف: “شربت قهوتك، الله معك -قصده اقلب”. على حد زعم الصحفي الإسرائيلي.

فيما قال القيادي في حركة فتح صبري صيدم، لإذاعة “صوت فلسطين” الرسمية، اليوم الأحد، إن التهديدات أصبحت “مباشرة، والقضية لم تعد في إطار التلميح، أو في إطار تعطيل ملف القدس، أو التنغيص على مجريات العملية الانتخابية”.

وأشار إلى أن إسرائيل “تحاول تأجيل ملف القدس بعدم إعطاء رد للمجتمع الدولي بذريعة وجود انتخابات إسرائيلية”.

وقال مسؤولون فلسطينيون في أكثر من مناسبة، إنهم تقدموا بطلب لإسرائيل للسماح بإجراء الانتخابات في القدس.

وأضاف صيدم أن “إسرائيل عبر رفضها إجراء الانتخابات، تحاول دفع القيادة الفلسطينية باتجاه إلغائها”.

وتابع أن “كل المجريات والمعطيات تؤكد على الموقف الثابت للقيادة في إطار إجراء هذه الانتخابات، ورفض الإذعان لهذه الضغوط الإسرائيلية المتواصلة”.

وكان أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” جبريل الرجوب، صرح الليلة الماضية لتلفزيون فلسطين (رسمي) بوجود عناصر ضغط إسرائيلية وحتى إقليمية وعربية.

وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، السبت، بدء استقبال طلبات الترشح للقوائم الانتخابية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية لاختيار 132 نائبا يوم 22 مايو/أيار، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل.

ووفق مرسوم سابق ستجرى انتخابات الرئاسة الفلسطينية يوم 31 يوليو/تموز، والمجلس الوطني (لفلسطينيي الخارج) في 31 أغسطس/آب.

وتتخوف إسرائيل وأميركا من تعزيز مكانة «حماس» في الضفة الغربية المحتلة وحصولها على وزارات (ميزانيات) في الحكومة الفلسطينية.

وتعمل إسرائيل على منع ناشطين في حركة «حماس» في الضفة الغربية من ترشيح أنفسهم في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، التي ستجري في 22 أيار المقبل.

وكانت صحيفة «هآرتس» قد ذكرت منذ أيام، أن الشاباك هدد ناشطين سياسيين معروفين بتأييدهم لـ«حماس» بأنه سيتم أسرهم لعدة سنوات إذا قرروا المشاركة في الانتخابات.

وقالت الصحيفة نفسها، الجمعة الماضي، إن عباس «لم يستجِب حتى الآن للتحذيرات الإسرائيلية بشأن إمكانية انتهاء الانتخابات بفوز حماس وبسيطرة خصومه تدريجياً على مناطق السلطة في الضفة الغربية».

على رغم اقتراح «حماس» تشكيل قائمة مشتركة مع «فتح» خلال حوارات القاهرة، إلّا أن ضغط القواعد الشعبية لدى الحركتين في الاتجاه المعاكس جعل الفكرة بعيدة المنال، خاصة في ظلّ البون الشاسع في البرامج، وتخوُّف الطرفين من تشكيل قوائم موازية بخلاف «المشتركة»، فضلاً عن تحذير العدو، وقبله الأميركيين، رام الله، من خطورة مثل هذه الخطوة.

ومع أن «حماس» هي التي طرحت فكرة «القائمة المشتركة» في الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقبلة، ثمّ ناقشتها قيادة «فتح» خلال اجتماع لجنتها المركزية بحضور رئيس السلطة، محمود عباس، في رام الله أمس، فإن الأولى عادت، صباح أمس، للتوضيح أنها تقصد «تشكيل قائمة وطنية عريضة» وليس حصراً مع «فتح».

وقال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، حسام بدران، إن «القائمة… وطنية عريضة تضمّ طيفاً واسعاً من أبناء شعبنا وفصائله». وعلى رغم أن الفكرة صدرت عن المستوى السياسي في «حماس»، إلا أنها لاقت اعتراضاً واسعاً من قواعد الحركة، التي تضغط فئات واسعة منها في اتّجاه قائمة «حمساوية» خالصة مع فصائل المقاومة الحليفة، وبدرجة ثانية شخصيات وطنية ومستقلّة.

ويرى المعترضون أن «القائمة المشتركة» ستعطي «فتح» غالبية في «المجلس التشريعي» المقبل، كون الأخيرة لن تقبل أقل من نصف مقاعد القائمة، فيما سيحصل المنشقّون عن «فتح» على مقاعد أخرى، وهو ما لا يصبّ في المصلحة الحمساوية.

ولم يختلف الموقف لدى القواعد التنظيمية «الفتحاوية»؛ إذ وفق استطلاع أجرته «المجموعة الاستشارية لبحوث الرأي والإعلام»، فإن «92% من قواعد فتح ترفض القائمة المشتركة»، مقابل «77% من قواعد حماس»، الأمر الذي دفع عضو «مركزية فتح»، جبريل الرجوب، إلى تأجيل الردّ على مقترح «حماس» قبل أيام، وإحالته إلى اجتماع «المركزية» أمس. وتخشى أطراف داخل «فتح»، خاصة المقربة من عضو اللجنة نفسها عزام الأحمد، أن تستغلّ «حماس» القائمة للدفع بقوائم تابعة لها تحت مسمّيات مستقلةّ بما يزيد من عدد مقاعدها.

وإذ تلقى فكرة «المشتركة» رفضاً داخلياً، فإن الضغوط الخارجية على عباس في شأنها لم تتوقّف أيضًا.

ويأتي هذا وسط حديث عن نيّة واشنطن تعليق تجديد الدعم المالي وإعادة العلاقات مع السلطة إلى ما بعد الانتخابات.

وأكدت مصادر في «فتح»، أن عباس تراجَع عن حصر الترشُّح لمنصب الرئاسة بِمَن يحظى بدعم من أحد الأحزاب أو الكتل في «التشريعي»، وذلك بعد ضغوط مارستها الفصائل خلال حوارات القاهرة، التي لم تُفضِ إلى تحقيق شيء من مطالبها سوى التوقيع على «ميثاق شرف» لسير الانتخابات، ثمّ تنسيق آلياتها مع «لجنة الانتخابات المركزية».

وترى الفصائل وأطراف داخل «فتح» أن القرار السابق لرئيس السلطة يهدف إلى تقليل عدد المرشّحين، ومنع ترشُّح أيّ شخص آخر من «فتح»، خاصة القيادي الأسير مروان البرغوثي، الذي جدّد نيّته الترشُّح، وفق تصريحات القيادي المقرّب منه، حاتم عبد القادر، الذي أكد أن البرغوثي لن يخوض انتخابات «التشريعي» حتى لو كان على رأس قائمة «فتح»، وأن عزمه على الترشُّح للرئاسة «نهائي»، على رغم أن «مركزية فتح» لم تُحدّد مرشّحها بعد.

وسط ذلك، تتواصل الخلافات داخل «فتح»، إذ يكمل عباس عقوباته على القيادي المفصول حديثاً من الحركة، ناصر القدوة، بقراره إقالته من رئاسة مجلس إدارة «مؤسسة ياسر عرفات» وعضوية مجلس أمنائها، وتعيين علي مهنا قائماً بالأعمال ثلاثة أشهر، وفق ما نشرته «وفا» الرسمية.

ربما يعجبك أيضا