أزمة إمداد في صناعة السيارات بالعالم.. والسبب «الرقائق»!

كتب – حسام عيد

من المستبعد أن تستحوذ رقاقات سيليكونية أو أشباه الموصلات التي لا تتجاوز سنتيمترًا واحدًا على حيز فكري ولو بسيط للغاية، لكن الواقع يعكس غير ذلك، فهناك صناعة ضخمة من السيارات والأجهزة الإلكترونية بل والحياة اليومية لمعظم سكان العالم تعتمد عليها.

في المتوسط، تحتوي السيارة العادية على 50 إلى 150 رقاقة للتحكم بالمحرك وأنظمة السلامة، ولكن عندما ضربت جائحة “كوفيد-19” الوبائية صناعة السيارات مطلع عام 2020 الماضي، توجه العديد من مصنعي الرقاقات إلى توريدها لمصنعي أجهزة الهاتف والكمبيوترات بعدما تضاعف الطلب عليها بسبب الإغلاقات التي فرضتها الحكومات كتدابير وقائية لمواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره.

أزمة رقائق عالمية

بحسب الخبراء؛ فإن تصنيع مليون سيارة سيتوقف في العام الحالي نتيجة للنقص في معروض الرقاقات، ما يوازي 61 مليار دولار من تراجع العوائد في صناعة السيارات عالميًا؛ وفق ما نقل موقع “العربية.نت”.

بدورها، صرحت شركة “فولفو” السويدية أنها ستخفض إنتاج الشاحنات بشكل كبير في البرازيل لأسباب صحية ونقص في الرقاقات.

في أمريكا تأثرت شركتا جنرال موتورز “جي إم” وفورد، بهذا التراجع، وفي اليابان تأثرت كل من سوبارو ونيسان وهوندا، ومؤخرًا تويوتا التي تعاني من نقص في إمدادات الرقاقات القادمة من أمريكا بسبب موجة الطقس البارد التي أدت إلى توقف ثلاثة مصانع لأشباه الموصلات لأكثر من أسبوع.

أيضًا هناك العامل السياسي؛ إذ تسيطر كوريا الجنوبية متمثلة في سامسونج، وكذلك تايوان موطن أكبر شركة لتصنيع الرقاقات السيليكونية tsmc على 81% من التصنيع العالمي للرقاقات. وقد أعلنت الشركة التايوانية مؤخرًا أنها تنوي إنفاق 28 مليار دولار على مصانع ومعدات جديدة هذا العام.

وفي محاولة لحل الأزمة أعلنت الرابطة الصينية لصناعة أشباه الموصلات بأنها ستشكل مجموعة عمل مع مثيلتها في واشنطن للاجتماع مرتين في السنة ومناقشة ضوابط التصدير وأمان التشفير.

خسائر وضغوط كبيرة

في يوم السبت الموافق 20 مارس الجارس، انتشر تأثير النقص العالمي في أشباه الموصلات على صناعة السيارات؛ حيث حذرت شركة “ستيلانتس” العملاقة من تضرر شاحناتها الصغيرة ذات الربحية العالية، بينما قالت شركة فورد إنها ستخفض المزيد من الإنتاج الأمريكي، كما أوردت شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية.

ستيلانتس، رابع أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم، قالت إنها ستحتفظ بشاحناتها رام 1500 كلاسيك للتجميع النهائي في مصانع تجميع وارن بولاية ميشيغان وسالتيلو بالمكسيك. وعندما تتوفر الرقائق، سيتم الانتهاء من المركبات وشحنها إلى التجار.

وقالت متحدثة باسم الشركة إن الإجراء سيستمر “عدة أسابيع”، رافضة الكشف عن عدد الشاحنات التي ستتأثر.

من ناحية أخرى، قالت شركات صناعة السيارات مرارًا وتكرارًا إنها ستعطي الأولوية للرقائق لمركباتها الأكثر ربحية، لكن التأثير على رام، بالإضافة إلى التقارير السابقة لشركة فورد وجنرال موتورز عن الإنتاج الضائع أو المتأثر لشاحناتها كاملة الحجم، يظهر أن النقص يضرب الشركات حيث يؤلم.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة ستيلانتس، كارلوس تافاريس، في وقت سابق من هذا الشهر، إن المشكلات قد لا يتم حلها بالكامل بحلول النصف الثاني من عام 2021، كما أشار بعض المنافسين في مجال السيارات، واصفًا الإمدادات بأنها “المجهول الكبير” للإيرادات في عام 2021.

وقالت شركة فورد إنها ستتوقف عن العمل في مصنع التجميع في أوهايو الأسبوع المقبل ، بينما سيعمل مصنع كنتاكي للشاحنات في لويزفيل مرتين فقط من ثلاث نوبات.

وسيعود المصنعان إلى الإنتاج الكامل في الأسبوع الذي يبدأ في 29 مارس.

وقالت شركة صناعة السيارات الأمريكية إن الإجراء الأخير هو جزء من توقع سابق قدمته بأن النقص قد يصل إلى أرباح 2021 بمقدار مليار دولار إلى 2.5 مليار دولار. فيما قدرت “جنرال موتورز” تراجع الأرباح بملياري دولار، وبالنسبة لشركة “هوندا” فقد توقعت الشهر الماضي انخفاض مبيعاتها بنحو 100000 سيارة في جميع أنحاء العالم هذا العام فقط بسبب نقص الرقائق.

عوامل كوفيد-19

يأتي هذا فيما يمكن للسيارات اليوم استخدام 100 معالج دقيق أو أكثر، مما يجعل الصناعة عرضة بشكل خاص لانقطاع الإمداد.

وكانت الأزمة ناجمة عن تخفيضات الإنتاج الوبائي العام الماضي، عندما كان لدى صانعي الرقائق طلب قوي من الشركات الإلكترونية الاستهلاكية التي تشهد طلباً متزايداً على الإلكترونيات من أجهزة التلفزيون إلى الهواتف الذكية إلى كاميرات الويب أثناء الإغلاق.

ووفقاً لشركة الأبحاث “جي دي باور”، فقد توقف التصنيع في أمريكا الشمالية لمدة شهرين تقريباً في الربيع الماضي بسبب الوباء، وانخفض مخزون الوكلاء الأمريكيين بما لا يقل عن مليون سيارة مقارنة بمستوياته الطبيعية في هذا الوقت من العام.

وقال مصنعو الرقائق إنهم لا يملكون القدرة على زيادة الإنتاج بسرعة لصناعة السيارات مع تعافي مبيعات السيارات.

فيما دعا الرئيس جو بايدن الشهر الماضي إلى تدبير تمويل بقيمة 37 مليار دولار “للعمل مع قادة الصناعة لتحديد حلول لنقص أشباه الموصلات”. كما وقع على أمر تنفيذي يدعو إلى مراجعة 100 يوم لسلاسل التوريد.

ربما يعجبك أيضا