«إدلب على صفيح سخن».. وتوتر روسي تركي عقب خروقات النظام السوري

حسام السبكي

حسام السبكي

رغم المخاض العسير من الجولات التفاوضية، هنا وهناك، والتي أفضت إلى إقامة مناطق عُرفت بـ”خفض التصعيد”، ومن بينها إدلب، الواقعة في الشمال السوري، ومع الخروقات المحدودة، والتي كادت أن لا تذكر، إلا أن الأيام الأخيرة، ومع تسارع وتيرة هجمات قوات النظام السوري، والتي بلغت قرب الحدود التركية، سارعت تركيا للاستنجاد، بالحليف الأول والأقوى لدمشق، والمتمثل بالطبع في روسيا، من أجل إنقاذ التفاهمات السابقة، فيما بلغ الأمر، حد التوتر الدبلوماسي بين موسكو وأنقرة، على وقع هجمات الجيش السوري، وهو ما قد ينذر بمواجهة مباشرة بين الجيش التركي وقوات الأسد، وهو ما لا يُستبعد أن تكون القوات الروسية مشاركة فيه، بشكلٍ أو بآخر.

توتر روسي تركي

في أحدث فصول الأزمة، التي خلفها هجوم قوات النظام على مناطق الشمال السوري، استدعت الخارجية التركية، أمس الثلاثاء، السفير الروسي لدى أنقرة وعبرت له عن قلقها من التطورات الأخيرة في محافظة إدلب السورية.

وذكرت الخارجية  في بيان لها أن الجانب التركي نقل مخاوف أنقرة من هجمات الجيش السوري إلى الجانب الروسي.

وقبل خطوة الخارجية التركية بيومين، طالبت وزارة الدفاع التركية، الأحد، السلطات الروسية بالتدخل لوقف ما وصفته بـ”هجمات الجيش السوري” على مدينة إدلب.

وقالت الوزارة، في بيان: إن القوات الحكومية السورية “التي استهدفت في وقت سابق مستشفى في منطقة الأتارب، تضرب الآن تجمعات سكنية في قرية قاح بمنقطة خفض التصعيد في إدلب، فضلا عن استهداف بالصواريخ لموقف شاحنات ومقطورات بالقرب من سرمدا. وفي حين نفقت العديد من حيوانات في قرية قاح، أصيب 7 مدنيين في موقف الشاحنات والمقطورات”.

وأضافت: “لقد أحيل بيان في هذا الشأن إلى الجانب الروسي من أجل الوقف الفوري للهجمات، كما تم تنبيه قواتنا، وتجري حاليا متابعة التطورات”.

يأتي ذلك، عقب إعلان وزارة الدفاع التركية، يوم الأحد الماضي، عن مقتل وإصابة نحو 15 شخصا بقصف قيل إنه لـ”قوات تساندها دمشق” استهدف مستشفى في إدلب بشمال سوريا.

يذكر أن مناطق واسعة شمال سوريا تطال محافظات إدلب وحلب والرقة والحسكة تخضع لسيطرة القوات التركية والتشكيلات المتحالفة معها، نتيجة عمليات عسكرية شنتها تركيا منذ عام 2016، قالت إنها ضد تنظيم “داعش” و”وحدات حماية الشعب” الكردية وكذلك في إطار اتفاقات مع روسيا حول نظام وقف إطلاق النار.

رد روسي

على الجانب المقابل، وردًا على الإجراءات التركية، ذكرت وزارة الدفاع الروسية، أمس الثلاثاء، أنها وجهت إلى تركيا مقترحا لإعادة فتح 3 ممرات في أراضي سيطرة القوات التركية داخل سوريا على خلفية تدهور الأوضاع الإنسانية هناك.

وقال نائب مدير مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سوريا والتابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء البحري ألكسندر كاربوف، في بيان، إنه “وجه… على خلفية صعوبة الأوضاع الإنسانية في الأراضي الخاضعة لسيطرة القوات التركية داخل الجمهورية العربية السورية مقترحا إلى الجانب التركي حول استئناف عمل ممري سراقب وميزناز في منطقة إدلب لخفض التصعيد وممر أبوزيدين  في منطقة مدينة حلب”.

وأوضح كاربوف أن الاقتراح يشمل إطلاق عمليتي إيصال الشاحنات الإنسانية وخروج النازحين عبر الممرات اعتبارا من 25 مارس.

الرد الروسي، لم يخف صراحة، وذلك قبل نحو أسبوع، وجود توتر وأزمة حقيقة، في مناطق خفض التصعيد، بالشمال السوري.

في هذا السياق، قال المتحدث الصحفي للرئاسة الروسية (الكرملين) ديميتري بيسكوف:” برغم وجود خلافات بين روسيا وتركيا بشأن سوريا، فإن التفاعل بين البلدين مستمر هناك”، مشيرا إلى أن الوضع لا يزال صعبًا في المناطق التي يوجد فيها تعاون بين موسكو وأنقرة.

وقال بيسكوف -في تصريح صحفي يوم الثلاثاء الماضي- “إن الوضع في المناطق، التي يجري فيها التفاعل، ما زال صعبا للغاية والعناصر الإرهابية ما زالت قائمة؛ مما يحول دون تطبيع الأوضاع، ولكن مع ذلك التعاون مستمر”، مضيفا “هناك خلافات أيضا مع تركيا بشأن سوريا، وأن الجيش الروسي يتعاون بشكل وثيق للغاية مع نظرائه الأتراك في سوريا على أساس الاتفاقات، التي تم التوصل إليها بين رئيسي البلدين”.

الخلاصة

مع التوتر القائم مؤخرًا في الشمال السوري، والذي يتبادر فيه أطراف النزاع الاتهامات، بالمسؤولية عن الخروقات، فليس من المتوقع أن يشهد هذا الملف استقرارًا على المدى القريب، خاصةً مع مساعي النظام لاستعادة كافة أراضيه، إن عاجلًا أم آجلًا، بينما تأمل قوات المعارضة في صحوة، ستصطدم بالطبع بالحليف الروسي القوي، الذي تربطه علاقات يشوبها التوتر أحيانًا مع الأتراك، إلا أنه ثمة لغة تفاهم مشترك تجمع الجانبين، قد تسهم في تهدئة الأمور ولو لحين من الوقت.

ربما يعجبك أيضا