تحذيرات ماكرون لـ«أردوغان».. الخلاف مستمر رغم محاولات التودد التركي

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

رغم محاولات طي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة من قبل تركيا خشية فرض العقوبات، جاءت تحذيرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتظهر حجم الخلاف مع أنقرة، ولاسيما حيال تدخل الأخيرة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في 2022، لتعيد للأذهان خلافات تصاعدت في 2020 وصلت لحد تراشق الألفاظ وانتهت بتودد تركي لإنهاء التوترات، لكن يبدو أن تدخلات أنقرة في المنطقة حالت دون تحسن العلاقات بين البلدين.

ماكرون يحذر

بعد أكثر من عام على تحسن العلاقات بين باريس وأنقرة، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالأمس، من “محاولات تدخل” تركيا في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة التي ستجرى في 2022.

وقال ماكرون ضمن الوثائقي الذي بثته قناة التلفزيون الفرنسية “فرانس 5” خلال برنامج “سي-دان لير” حول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “بالتأكيد. ستكون هناك محاولات للتدخل في الانتخابات المقبلة. هذا مكتوب والتهديدات ليست مبطنة”.

وفيما يتعلق بالجدل الحاد الذي خلفه خطابه عن الانفصالية الإسلامية، انتقد ماكرون ما اعتبره سياسة الأكاذيب التي تتبعها وسائل الإعلام التي تسيطر عليها كل من تركيا وقطر.

يُذكر أن أردوغان اتُّهم بالتدخل في عمليات الاقتراع في ألمانيا عندما طلب من الناخبين الألمان الأتراك التصويت ضد حزب أنجيلا ميركل في 2017.

وأكد ماكرون خلال تصريحاته، أن هناك رغبة لدى أردوغان للالتزام مجددً بالعلاقات، لكنه لا يريد من وراء ذلك مناورات تركية للتدخل في الشؤون الفرنسية.

خلافات في سطور

شهدت العلاقات بين أنقرة وباريس تدهورًا بعد الهجوم التركي في أكتوبر 2019 على القوات الكردية المتحالفة مع الغرب في سوريا.

فيما أدى التدخل التركي في ليبيا بشرق المتوسط حيث وقع حادث بين سفن تركية وفرنسية في يونيو 2020، إلى تعميق الخلافات بين باريس وأنقرة.

وكانت الاستفزازت التركية في شرق المتوسط من أبرز الخلافات بين تركيا وفرنسا، والتي طالب من خلالها ماكرون توضيح مكانة تركيا في الحلف الأطلسي.

ومنذ بداية 2020 شهدت العلاقات التركية الفرنسية حالة من التأزم تطورت إلى حرب كلامية، منذ اندلاع أزمة التنقيب عن الغاز شرق المتوسط.

تصاعدت الخلافات، عندما دعا أردوغان في أكتوبر الماضي إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، وأشار إلى أن نظيره الفرنسي يحتاج إلى “فحص صحته العقلية”، وذلك ردًا على خطاب ماكرون في أعقاب قتل المدرس صمويل باتي، الذي وصف فيه الإسلام بأنه “دين يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم”، فيما وصفت وكالة الأنباء التركية الرسمية سياسة فرنسا بأنها “تستعيد أحقاد الحروب الصليبية”.

من جهتها، دأبت الصحف الفرنسية منذ مدة على نشر تحقيقات تتحدث عن “اختراق تركي للمجتمع الفرنسي” وعن “شبكات أردوغانية للتأثير الداخلي في فرنسا”. وقد توزعت هذه الشبكات ضمن عدد من المنظمات الفرنسية ذات الولاء التركي والجمعيات والمساجد.

وضمت هذه الشبكات، أئمة المساجد الذين يروجون لسياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، وقوامها الرئيسي الجالية التركية الكبيرة في فرنسا، التي يناهز عددها 700 ألف نسمة.

ورغم التوتر الواضح من خلال تصريحات ماكرون، إلا أنه أكد على ضرورة الحوار مع تركيا باعتبارها شريك في القضايا الأمنية والهجرة، لاسيما بعد الاتفاقية التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع تركيا في 2016، والتي تعهد لأنقرة بإدارة الهجرة غير الشرعية.

آفاق غير واضحة

ولأول مرة منذ سبتمبر 2020، تواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في محادثة مرئية عبر الفيديو، بعد أشهر من توتر العلاقات بين باريس وأنقرة وصلت إلى حد الحرب الكلامية بين الرئيسين.

ويأتي هذا الاتصال في سياق محاولات تركيا تحسين علاقاتها مع دول الاتحاد الأوروبي، التي بدأت مؤشراتها في الظهور مع بداية العام الجاري بعد لقاء أردوغان مع سفراء الاتحاد في 12 يناير الماضي، حيث أعلن عن دعمه لـ”فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية مع القارة”.

وبحسب المحللين فإن المسعى التركي لطي صفحة الخلافة مع فرنسا “ينطوي على أكثر من هدف، أهمها استباق القمة الأوروبية التي ستنعقد أواخر شهر مارس الجاري وستناقش حزمة جديدة من العقوبات ضد أنقرة، بسبب ملف التنقيب على الغاز في منطقة شرق المتوسط.

ورغم التواصل بين الرئيسين، يبدو أن العلاقات بين باريس وأنقرة لن تكون في أحسن أحوالها على المدى المنظور، بسبب الملفات العالقة بين البلدين، خاصة ما يتعلق بالتدخل التركي في ليبيا وسوريا.

لكن العقبة الأكبر هي شبكات التأثير التركي الدينية والسياسية داخل فرنسا، التي تجدد الجدل حولها منذ الهجمات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت فرنسا في خريف العام الماضي.

ويرى المحللون، أن آفاق العلاقات التركية الفرنسية “لا تبدو واضحة على المدى القريب والمتوسط، بسبب الاختلاف الجذري بين ماكرون وأردوغان”، فبرغم من أن تركيا شريك اقتصادي للاتحاد الأوروبي وعضو في حلف الناتو، لكنها في الوقت نفسه تمثل حاليا الخصم الأول لدول الاتحاد، خاصة لفرنسا.

ربما يعجبك أيضا