الباخرة الجانحة تُلقي بتداعياتها عالميًا.. ومصر تقترب من التعويم

كتب – حسام عيد

قناة السويس المصرية تعد أحد أهم الممرات المائية حول العالم وخاصة بنوعية البضائع التي تمر من خلالها، بالإضافة إلى ربطها بين الدول من آسيا إلى أوروبا وكذلك من البحر الأحمر إلى الأبيض المتوسط. لكن في يوم الأربعاء الموافق 24 مارس 2021، علقت إحدى البواخر الضخمة المحملة ببضائع بعد جنوحها “عرضيًا” بسبب الرياح الشديدة والطقس السيئ المحمل بالأتربة الحاجبة تمامًا للرؤية التي بطبيعة الحال منعت الباخرة من الاستمرار في ممرها المخطط له، لتعيق بذلك خلفها الكثير من ناقلات وبواخر حاويات عملاقة.

جنوح الباخرة “إيفر جيفن”، دفع إدارة هيئة قناة السويس إلى إعلان التعطيل المؤقت لحركة الملاحة بالقناة لحين تحريك الباخرة، لكن بسبب الأهمية الاستراتيجية الفائقة لممر قناة السويس تسبب تأخير تحريك “إيفر جيفن” حتى الآن بالفعل في خلل واضطراب في إمدادات التجارة العالمية وأيضًا قطاع التأمين.

في التقرير التالي نستعرض التداعيات المرتبطة بالباخرة العالقة بقناة السويس وخيارات تحريكها.

أكثر من 100 سفينة عالقة

وفق صورة حديثة أُخذت للسفينة العالقة في قناة السويس من على متن ميرسك دنفر وهي واحدة من أكثر من 100 سفينة عالقة على طرفي القناة، بسبب الحادث حيث تمر عبر القناة ما لا يقل عن 50 سفينة يوميًا.

وبحسب المحاكاة المأخوذة من موقع قناة السويس، فإن معظم أجزاء قناة السويس لا تتسع للملاحة إلا في اتجاه واحد.

وما يحدث عادة أن قافلتين من السفن تدخلان إلى القناة من البحر المتوسط والبحر الأحمر في الوقت نفسه عند الساعة 12 في منتصف الليل، لتصل إلى منطقة البحيرات، وتنتظر هناك، لتدخل قافلتان أخريان من الشرق والغرب بعد أربع ساعات تقريبًا، في توقيت دقيق جدًا لتلتقيا في هذه المنطقة.

وبفضل القناة الجديدة التي تم افتتاحها في 2015، تنساب الحركة في هذه المنطقة بوتيرة أسرع، لتذهب كل قافلة في اتجاهها.

لكن الجنوح وقع في جنوب القناة، بالقرب من خليج السويس، وبالتالي ليس هناك بديل لتستمر الملاحة.

السفينة أغلقت المجرى تمامًا، وبالتالي توقف مرور السفن المتجهة من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، وهناك سفن تنتظر في البحيرات لتكمل طريقها إلى البحر الأحمر، والآن تتكدس السفن كما نرى في البحر المتوسط، قبل أن تدخل القناة.

اضطراب التجارة العالمية

يتابع العالم حاليًا أزمة قناة السويس، وجهود إعادة سفينة الحاويات العملاقة إلى مسارها في الممر المائي الذي يمر به نحو 12% من حركة التجارة العالمية، و10% من تجارة النفط.

وقد يعيد استمرار تعطل الحركة الملاحية لمدة أكثر من يومين، حسابات الخطوط الملاحية العالمية، وفق ما أفادت “العربية.نت”.

ولإظهار الوضع على نحو أفضل، فإن سفينة الحاويات العملاقة “إيفر جيفين” الجانحة في قناة السويس، أكبر من سفينة تايتنيك البالغ طولها 269 متر، وأطول من برج إيفل البالغ 324 مترًا (طول إيفر جيفن 400 متر ووزن حمولتها يبلغ 220 ألف طن).

ويخشى العالم من حدوث اضطرابات في سلاسل إمدادات الطاقة العالمية، بسبب هذا الحادث. وقد تضطر شركات التكرير الأوروبية والأمريكية التي تعتمد على الممر المائي الحيوي لشحن نفط الشرق الأوسط، إلى البحث عن إمدادات بديلة في حالة استمرار وقف الحركة الملاحية، مما قد يؤدي إلى زيادة أسعار الخيارات البديلة، وفقًا لموقع “مارين ترافيك” المتخصص في تعقب حركة السفن والشحن البحري.

ارتفاع أسعار النفط وتكلفة التأمين

من جانبه، توقع المحلل الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور، أن يتسبب حادث جنوح سفينة الحاويات البنمية في ارتفاع أسعار النفط العالمية بما نسبته 10% وهو ما قيمته ستة دولارات إضافية على سعر برميل النفط. ورأى المحلل الاقتصادي الكويتي، أن هذا الوضع قد يستغرق فترة حتى يعود إلى الاستقرار.

وتابع قائلا، في هذا الصدد، “ومثلما سنشهد ارتفاعا في أسعار النفط، قد نشهد ارتفاعا في تكلفة النقل، وأيضا في تكلفة التأمين، وبالتالي ترتفع تكلفة التجارة العالمية؛ وقد تمتد أزمة السفينة إلى يوم الإثنين المقبل حتى يتم تحريرها وإخراجها”.

واعتبر بو خضور أن الطقس وحده لا يعد سببا كافيا لوقوع الحادث، وأن المسؤولية تقع على السفينة والشركة المالكة.

ويمر عبر القناة نحو مليون برميل من النفط بصورة يومية، والإغلاق يؤثر على التسليم، ما رفع أسعار النفط.

لكن هذا التأثير على الأسعار سيزول في الوقت الذي يتم فيه حل أزمة السفينة العالقة، وفقا لروي جونستون، وهو المدير العام لشركة الاستثمارات برايس ستريت.

وتوقعت مصادر في قطاع التأمين أن تواجه الشركة المالكة لسفينة “إيفر جيفن”، بالإضافة إلى شركات التأمين مطالبات بملايين الدولارات جراء الحادث.

ولم تستبعد المصادر أن تطالب هيئة قناة السويس بتعويضات جراء الحادث نتيجة تعطل سلاسل الإمداد وانخفاض الحركة في القناة.

بالإضافة إلى مطالبات ملّاك الحاويات المنقولة والذين قد يطالبون بتعويض عن تلف سلعهم أو تأخرها.

خيارات محتملة.. وإشادة دولية بالتحرك المصري

الخيار الأقرب للمنطق، الانتظار على أمل حل المشكلة في اليومين المقبلين، لأن السيناريو البديل هو تحويل مسارها حول القرن الأفريقي، الذي يربط بين أوروبا وآسيا. ومن شأن هذا الخيار أن يؤخر الشحنات بما يصل إلى 14 يوماً.

فيما ذكرت الشركة الألمانية بوسكاليس، التي تعمل مع آخرين لتحرير سفينة الشحن “إيفر جيفن”، أنه من الممكن تخفيف وزن السفينة عن طريق إنزال جزء من حمولتها أو تفريغها من الزيت والماء، للمساعدة في تحريكها.

وبدورها، أشادت شركة SMIT  الهولندية -واحدة من أكبر الشركات العالمية المتخصصة في مجال الإنقاذ البحري- بالإجراءات التي اتخذتها هيئة قناة السويس لتعويم السفينة الجانحة، جاء ذلك خلال  اجتماع فريق عمل الشركة الهولندية، اليوم الخميس، مع لجنة إدارة الأزمات بالهيئة لمناقشة سبل تعويم السفينة، وطرح السيناريوهات المقترحة بما في ذلك إمكانية القيام بأعمال التكريك بمحيط السفينة من خلال كراكات الهيئة.

ويجري العمل حاليًا على القيام بأعمال التكريك بمحيط السفينة بواسطة كراكتين من كراكات الهيئة وهما الكراكة مشهور والكراكة العاشر من رمضان، فضلًا عن جهود تسهيل عملية التعويم بإزالة الرمال المحتجزة عند مقدمة سفينة من خلال أربعة حفارات أرضية، كما شملت جهود التعويم، القيام بأعمال الشد والدفع للسفينة بواسطة ٩ قاطرات عملاقة في مقدمتهم القاطرتان بركة ١ وعزت عادل بقوة شد ١٦٠ طن لكل منهما.

ربما يعجبك أيضا