ميانمار.. حراك دبلوماسي دولي وإقليمي وآخر «شعبي»

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

لم تخفت الأصوات ولم تستكن الحناجر الرافضة للانقلاب في ميانمار رغم مرور أكثر من شهرين على إمساك الجيش بمقاليد السلطة في البلاد، توازيا مع إضراب شمل قطاعات مختلفة من بينها دوائر حكومية ومصارف ومدارس ومستشفيات.. إنها «ثورة الربيع» كما أسماها المحتجون الذين يستخدمون التحية الثلاثية الأصابع وهي إشارة بارزة لمواجهة الحكومة التي يصفونها بالاستبدادية.

حراك واجهته قوات الأمن بالحديد والنار، فسقط ما لا يقل عن 50 شخصاً صباح السبت، عندما فتحت قوات الأمن النار على متظاهرين مؤيدين للديمقراطية في مناطق مختلفة من ميانمار. وبحسب بيانات جمعية مدافعة عن الحقوق ووسائل إعلام محلية، فإن عدد القتلى قبل حادث اليوم تخطى حاجز الـ300 شخص في محاولات لقمع الاحتجاجات المعارضة للانقلاب العسكري، الذي وقع في أول من فبراير.

ميانمار مظاهرات

حراك دبلوماسي دولي وإقليمي و«شعبي»

أسابيع مرت على انقلاب ميانمار، ولا يزال المتظاهرون الرافضون للحكم العسكري مستمرون في احتجاجاتهم. حراك دبلوماسي دولي وإقليمي يوازيه آخر شعبي داخلي رافض للانقلاب العسكري، لا يعرف حتى اللحظة القدرة على تغيير أمر بات واقعا في بلد كان فيه الجيش وما زال جزءا من معادلة السلطة في الواجهة أو من وراء حجاب.

منذ بداية فبراير واسم «ميانمار» ظل حاضرا في كل نشرات الأخبار، انقلاب للجيش على زعيمة البلد أونج سان سوتشي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام لنضالها القديم ضد الديكتاتورية، أكسبها تعاطف العالم قبل أن تنقلب على مبادئها بمباركة الإبادة بحق الروهينجا، وها هي اليوم تشرب من نفس الكأس التي سقي منها مسلمي الروهينجا على أيدي العسكري.

ليس هذا فحسب، بل إن المرأة أصبحت متهمة في محكمة العدل الدولية بسبب مأساة مسلمي الروهينجا منذ عام 2016، ودفاعها عن جرائم الجيش بحق الروهينجا عندما كانت رئيسة الحكومة.

ما لا يؤخذ بالسيف يؤخذ بالتدبير

عقوبات تلو عقوبات من الاتحاد الأوروبي على ميانمار، آخرها طالت 11 مسؤولا على ارتباط بالانقلاب العسكري. رد يائس على مناشدات شعب يستجدي دعما دوليا إنسانيا، يقف الفيتو الروسي والصيني عائقا في وجهه.

واشنطن وعواصم أوروبية أخرى كانت قد فرضت عقوبات محدودة على المجلس العسكري في ميانمار. وفي خضم حظر أممي لإرسال الأسلحة هناك، دعا دبلوماسيون إلى الحفاظ على وحدة المجلس بعد رفض الصين وروسيا الحليفين التقليديين لميانمار التحدث عن انقلاب هناك.

خذلان العالم لقضية ميانمار لم يمنع المتظاهرون من الخروج إلى الشوارع بشكل متواصل رغم تهديدات المجلس العسكري بتكثيف جهوده لمنع نشر أي معلومات حول الاحتجاجات المتزايدة ضد الانقلاب. تزامنا مع التهديدات واستخدام العنف ضد المتظاهرين وتزايد القتلى والجرحى والمسجونين، إجراءات جميعها بات بالفشل، فشعب ميانمار لا يزال رافضا للانقلاب الذي لا يلبي طموحاته بل زاد أوجاعه، يوما بعد يوم يزداد المشهد تعقيدا ودموية وتزداد المظاهرات والأصوات الدولية الرافضة للانقلاب زخما أمر جعل الانقلابيين في وضع لا يحسدون عليها بعد رهانهم على صمت الدول المجاورة وإرضاخ الشعب للأمر الواقع، لكنها باءت بالفشل حتى الآن.

الوفاء للصين

يحاول الجيش قمع التظاهرات بشتى الأساليب، منها التعتيم الإعلامي على ما يجري بعد إغلاق شبكة الإنترنت منذ أكثر من شهر وهو ما يعني منع تدفق المعلومات إلى الخارج، ومن ثم العالم لن يستطيع مراقبة ما يحدث.

بحسب ناشطين فإن هدف الجيش هو الاحتفاظ بالسلطة، إذ إن سبب الانقلاب -وفقا لهم- هو الوفاء بالوعود التي قطعوها للصين.

قمع النظام العسكري طال الصحفيين في البلاد بعد مداهمة صالات تحرير، واعتقال أكثر من 50 صحفيا منذ الانقلاب، حسب ما أفادت جمعية مساعدة السجناء السياسيين. ما دعا السفارة البريطانية إلى التعبير عن مخاوفها وكتبت على تويتر أنّها « تشارك بي بي سي مخاوفها بشأن اختفاء صحافيها البورمي أونغ ثورا». وأضافت «نكرر دعوة السلطات للمساعدة في تأكيد مكانه وأنه بأمان».

وتعهد أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأن تواصل مبعوثته الخاصة إلى ميانمار، شرنر بورغنر، «حشد الجهود الدولية لاستعادة الديمقراطية وحقوق الإنسان» في البلد الآسيوي، الذي شهد انقلابا عسكريا.

انقلاب

رجل الانقلاب والإبادة

مين أونغ هيلنغ.. رجل الانقلاب والإبادة أمضى معظم حياته في الجيش الميانماري و حصل على ترقيات منتظمة فيه ليتقدم على كبار الجنرالات وينقلب على السلطة في ميانمار ويصبح الرئيس الفعلي للبلاد، قبل أن تطاله العقوبات والمحاكم الدولية.

أشرف على آلام الروهينجا والإبادة بحقهم، وصفهم بـ«البنغاليين» عندما كان قائدا للعمليات الخاصة،جعلته ينال الترقيات إلى أن تولى أعلى منصب في الجيش مكافأة له من السلطات الحاكمة على جرائمه بحق الروهينجا.

فرضت عليه الأمم المتحدة العقوبات بسبب الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم قتل جماعي واغتصاب جماعي وحرق متعمد على نطاق واسع، ففاجأ العالم بانقلاب عسكري أعاد فيه ميانمار لحكم العسكر.

ولا تزال عدة قضايا أمام المحاكم الدولية بما فيها محكمة العدل الدولية مستمرة ليحث فيما بعد محققو الأمم المتحدة بفرض عقوبات دولية على الجيش قبل أن يقوم موقع فيسبوك بحذف حساب الجنرال «المنبوذ» من المجتمع الدولي.

ربما يعجبك أيضا