بعد انتشار التطرف عبر الإنترنت.. أوروبا تسعى بقوة لمحاصرة الإرهاب

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تستغل الجماعات المتطرفة، بكل أطيافها، جهادية أو يمينية متطرفة الإنترنت من أجل نشر التطرف وخدمة إيديولوجيتها وكذلك في الاستقطاب والتجنيد، الاتحاد الأوروبي الذي عانى كثيرا من أنشطة التطرف والإرهاب في السنوات الأخيرة تنبه لخطر الإرهاب وبدأ في اتخاذ إجراءات قوية للحد من تغول الإرهاب الذي يستخدم الإنترنت ومنصاته أداة وبيئة خصبة للتجنيد ونشر الأفكار والمحتوى المتطرف.

وفي هذا السياق، أقر النواب الفرنسيون وفقًا لـ”فرانس24″ في مايو الجاري، قانونًا يهدف إلى محاربة خطاب الكراهية على شبكة الإنترنت، ويلزم القانون منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث بإزالة أي محتوى يحرض على الكراهية، العنف، العنصرية، والتعصب الديني في غضون 24 ساعة، تحت طائلة التعرض لغرامة تصل إلى (1.25) مليون يورو.

كما أعلنت دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون يوم الجمعة 13 نوفمبر 2020 عزمها تعزيز أمن الحدود الخارجية للاتحاد وإقرار تشريعات أوروبية من أجل إزالة “المحتوى الإرهابي” على الإنترنت.

جهود أوروبية

واعتمد هذا الإعلان المشترك لوزراء الداخلية الأوروبيين عقب الهجمات على فرنسا والنمسا بعد خمس سنوات على الهجمات الجهادية التي استهدفت باريس في 13 نوفمبر 2015. وقال الوزراء الذين أحيوا ذكرى ضحايا الهجمات: “نؤكد مجددًا عزمنا على بذل كل ما في وسعنا لمحاربة هذا الإرهاب الهمجي بطريقة شاملة وبكل الأدوات المتاحة لنا”.

الاجتماع الوزاري الذي عقد افتراضيًّا -آنذاك- آتى بعد ثلاثة أيام من القمة الأوروبية المصغرة التي استضافتها باريس وشددت على الحاجة إلى استجابة سريعة ومنسقة من الاتحاد الأوروبي لتكثيف التدابير لمكافحة الإرهاب.

التحركات الأوروبية لمحاصرة المحتوى الإرهابي وداعميه عبر مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي لم تأت من فراغ، بعد أن أصدر تنظيم “داعش” الإرهابي، رسالة “القنبلة المتحركة” لمقاتليه لحثهم على العودة إلى منصتي فيسبوك وتويتر بدلًا من استخدام تطبيق تليجرام الذي طالما تغنى كثيرون بكونه الأكثر أمانًا وتشفيرًا لحماية الرسائل، ودعا “داعش” كتائبه الإلكترونية لبث مشاهد إرهابية في 8 مارس 2019، ويستخدم تنظيم داعش تطبيق “تيك توك” على وسائل التواصل لنشر دعايتهم عبر الأغاني.

تطبيقات الإنترنت

وكشفت دراسة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب عن الخطوات التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي لمحاربة التطرف ونشره عبر مواقع الإنترنت المختلفة، وأظهرت وثيقة للاتحاد الأوروبي أن المنظمين في الاتحاد الأوروبي يسعون للحصول على تعليقات من المستخدمين ومقدمي الخدمات الرقمية قبل صياغة تلك القواعد.

وتابعت الدراسة أن القانون الجديد يسعى إلى تحديد ما إذا كانت جميع المنصات على الإنترنت أو فقط تلك المعرضة لخطر التعرض للأنشطة غير القانونية يجب أن تكون أكثر استباقية لإزالة المحتوى غير القانوني.

وأوضحت الدراسة أن حالة واتجاهات الإرهاب في أوروبا لعام 2020، على مدى السنوات القليلة الماضية، تم استخدام تطبيقات المراسلة المشفرة، مثل واتس آب وتليجرام، على نطاق واسع للتنسيق والتخطيط للهجوم والتحضير للحملات، وبات المتطرفون ينشطون على شبكة الإنترنت من خلال نشر المحتوى المتطرف، وأصبحوا يمثلون خطرًا أكبر على دول التكتل الأوروبي.

وأشارت الدراسة أنه المجلس الأوروبي اعتمد في مارس الجاري لائحة بشأن معالجة نشر المحتوى الإرهابي على الإنترنت ومحاربته وتهدف الآلية الجديدة، إلى منع الإرهابيين من استخدام الإنترنت للتطرف والتجنيد والتحريض على العنف، تشمل مضامين النشر في الإنترنت، التسجيلات الصوتية أو مقاطع الفيديو التي تحرض على ارتكاب جرائم إرهابية أو توفر تسهيلات لارتكاب جرائم إرهابية، ويندرج داخل هذا الإطار الطرق التعليمية لصنع متفجرات وأسلحة نارية، لأغراض إرهابية.

المحتوى الإرهابي

وفقًا دراسة للمركز الأوروبي فإن الهدف من التشريع هو الإزالة السريعة للمحتوى الإرهابي على الإنترنت وإنشاء أداة مشتركة واحدة لجميع الدول الأعضاء، ولهذا الغرض ستنطبق القواعد على مقدمي خدمات الاستضافة الذين يقدمون خدمات داخل الاتحاد الأوروبي سواءً كانت مؤسستهم الرئيسية في الدول الأعضاء أم لا.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي كانت لديه جهود واسعة للوصول إلى اتفاق مع محركات الإنترنت من أجل الحد من التطرف، وسبق أن توصل البرلمان الأوروبي وممثلون عن المجلس الأوروبي في ديسمبر الماضي، إلى “اتفاق مؤقت” بشأن مشروع القانون المقترح الذي يلزم شركات الإنترنت بإزالة المحتوى الإرهابي في مدة لا تتجاوز ساعة من نشره، وتشمل مضامين النشر في الإنترنت، التسجيلات الصوتية أو مقاطع الفيديو التي تحرض على ارتكاب جرائم إرهابية أو توفر تسهيلات لارتكاب جرائم إرهابية، ويندرج داخل هذا الإطار الطرق التعليمية لصنع متفجرات وأسلحة نارية، لأغراض إرهابية.

وأكدت الدراسة أنه يسعى الاتحاد الأوروبي لصياغة قواعد جديدة يمكن أن تقيد جوجل، فيسبوك، أمازون، وشركات تقنية أخرى، يهدف القانون الجديد إلى تحديد ما إذا كانت جميع المنصات على الإنترنت أو فقط تلك المعرضة لخطر التعرض للأنشطة غير القانونية يجب أن تكون أكثر استباقية لإزالة المحتوى والمنتجات غير القانونية أو الضارة، وأنه نجح الاتحاد الأوروبي نسبيًا في مكافحة الإرهاب والتطرف على الإنترنت وسن تشريعات وقوانين، وتعاون مع شركات منصات التواصل الاجتماعي لحذف المحتوى المتطرف، وبالرغم من جهود الاتحاد الأوروبي في مكافحة الإرهاب والتطرف على الإنترنت ورغم التقنيات التكنولوجية المتطورة المستخدمة في حذف المحتوى المتطرف، تستخدم التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة تكتيكات وتقنيات جديدة للهروب من الرقابة”.

خطر الإرهاب

ولأن الإنترنت هو المكان الذي يقوم فيه الإرهابيون بالتجنيد وتبادل الدعاية وتنسيق الهجمات، كشفت دراسة أخرى للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب أنه تواجد جماعة الإخوان في بريطانيا يتسم بالانتشار والتشابك والتنوع من حيث مجالات العمل الناشطة؛ إذ استطاعت عناصر الجماعة أن تؤسس في البلاد مركزًا أوروبيًا لإدارة مصالحها بالمنطقة وسط تجاذبات بين طلبات إقصاء الجماعة وتصنيفها إرهابية.

ويطرح هذا الوضع إشكاليات حول مستقبل بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي والمقرر في ديسمبر 2020 دون اتفاق يضمن استمرار تعاونها مع المنصات الأمنية لبروكسل كيوروبول وغيره في ظل تواجد الأيديولوجية الأم للجماعات المتطرفة بين الشباب والمواطنين جنبًا إلى جنب مع الدعم المالي واللوجيستي، ورصدت الدراسة مؤسسات الإخوان في بريطانيا.

ربما يعجبك أيضا