من الصين وروسيا إلى فنزويلا.. لقاحات كورونا «سلعة» لتحقيق مكتسبات سياسية واقتصادية

حسام السبكي

حسام السبكي

بينما تئن شعوب المعمورة، تحت وطأة جائحة شرسة، لا تبقي ولا تذر، خلفت حتى كتابة سطور التقرير التالي، ما يربو على 127 مليون إصابة، ووفاة ما يقارب 2.8 مليون شخص حول العالم، تحولت لقاحات كورونا مؤخرًا، إلى سلعة مبتذلة، في سوق الدبلوماسية الدولية، فأصبحت وسيلة لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية، بين القوى الدولية، حتى كادت تحيد عن هدفها النبيل، في إنقاذ البشرية، وتجنب المزيد من الكوارث، على كافة الأصعدة الإنسانية والاقتصادية وغيرها، فبات صوت المصالح هو الأعلى!.

أوكسجين الأسد

نبدأ من عالمنا العربي، إذ استعرضت وسائل إعلام لبنانية مؤخرًا، أنباءً عن عزم دمشق تأمين 25 طنا من الأوكسجين إلى لبنان، وهو الأمر الذي وصفه محللون سياسيون لبنانيون، بمحاولة يقوم بها حزب الله لتلميع صورة نظام الرئيس بشار الأسد، فيما ذكرت مصادر أخرى أن هذه الشحنة تأتي في إطار عملية مبادلة بلقاحات لكورونا.

من جانبها، نقلت وسائل إعلام سورية عن وزيري الصحة في لبنان وسوريا إن دمشق سترسل إمدادات أوكسيجين طارئة إلى لبنان، حيث يوجد ألف مريض على أجهزة التنفس الاصطناعي في مستشفياته ويوشك الأوكسجين المتوفر بها على النفاد.

وقال وزير الصحة السوري حسن الغباش، لوكالة الأنباء السورية “سانا”، إن سوريا سترسل 75 طنا من الأوكسيجين على مدى ثلاثة أيام.

ووفق ما هو معلن، سيرافق حمد حسن وزير الصحة اللبناني، الذي كان في زيارة إلى دمشق، الشحنة التي ستتبعها شحنات أخرى.

وفسّر سياسيون لبنانيون خطوة وزير الصحّة بأنّها تبرير لعملية مبادلة الأوكسيجين الذي ليس معروفا إلى من سيذهب، بنحو ثلاثين ألف لقاح “فايزر” مضادة لكوفيد19 جرى تهريبها أخيرا من لبنان إلى سوريا.

وذهب أحد السياسيين إلى وصف ما جرى بأنّه “الأوكسيجين في مقابل اللقاح”، وذلك في استعادة لقرار مجلس الأمن الذي صدر في تسعينات القرن الماضي في ما يخصّ العراق الذي كان محاصرا دوليا تحت تسمية “النفط في مقابل الغذاء”.

قطع العلاقات مع تايوان

وليس بعيدًا عن وطننا العربي، فقد شكل مصطلح “دبلوماسية اللقاحات”، وسيلة سياسية أيضًا، إذ شكلت الجرعات الروسية الصنع بالفعل جزءا من صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وسوريا.

والأربعاء الماضي، كشفت حكومة باراغواي، عن أن وسطاء غير رسميين تواصلوا معها يعرضون عليها توفير جرعات من اللقاح الصيني، مقابل قطع العلاقات الرسمية مع تايوان.

وقالت وزارة الخارجية في باراغواي، في بيان، إن “الوسطاء والشخصيات الخاصة الأخرى” التي تحاول التوسط في الصفقة “ليس لها صفة رسمية، ولم يتم إثبات شرعيتها أو صلاتها بحكومة جمهورية الصين الشعبية“.

لكنها انتقدت السماسرة لتقديمهم “ظروف غير لائقة”، وحذرت من أن “الوضع الإنساني المؤلم الناجم عن الوباء لا ينبغي استخدامه … لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية”.

وشهدت باراغواي، الفترة الماضية، تظاهرات عنيفة احتجاجا على إدارة السلطة لأزمة فيروس كورونا، في ظل نقص الأدوية وأسرة العناية المركزة وبطء وصول اللقاحات، حيث طالب المتظاهرون باستقالة الرئيس، ماريو عبده بينيتيز، ما جعله يعلن عن تغييرات في الحكومة منها حقيبة وزارة الصحة.

وينتشر وباء كوفيد-19 حاليا في باراغواي حيث تعمل المستشفيات حاليا بأقصى طاقتها، وتجاوز عدد المصابين بكورونا في باراغواي 200 ألف شخص.

وتدخلت تايوان الأسبوع قبل الماضي بعرض لمساعدة باراغواي في شراء اللقاحات، وحث وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الحكومتين على العمل معا للتعامل مع الوباء.

وتمتلك تايوان علاقات رسمية مع 15 دولة فقط ، معظمها دول فقيرة في أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.

النفط مقابل اللقاح

واستكمالًا لما سبق، وفي محاولة لإنقاذ شعب من غول الفيروس الشرس، اقترح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو “النفط مقابل اللقاح” لتمكين بلاده الخاضعة لعقوبات دولية تطال خصوصا قطاع ‏النفط، من شراء لقاحات مضادّة لفيروس كورونا.

وقال مادورو -في تصريح عبر التلفزيون الرسمي- إن “فنزويلا لديها ناقلات نفط، ولديها عملاء مستعدون لشراء النفط منا، ‏وستخصص جزءا من إنتاجها للحصول على اللقاحات التي تحتاج إليها.. النفط مقابل اللقاح‎!”.

وأضاف “نحن جاهزون.. النفط مقابل اللقاح! لكننا لن نتوسل أحد“.

وتخضع فنزويلا وشركتها النفطية PDVSA لعقوبات اقتصادية غربية تقودها الولايات المتحدة التي تريد الإطاحة بنيكولاس مادورو.

ربما يعجبك أيضا