بفعل الجائحة.. قطاع الطيران يدخل «عنق الزجاجة» والخروج ليس سهلا

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

أزمة شركات الطيران حول العالم بسبب جائحة كورونا وصلت إلى مرحلة “عنق الزجاجة”، مع مؤشرات متزايدة على فقدانها لموسم صيفي ثان من الرحلات، وسط توجه العديد من البلدان نحو فرض قيود على السفر ومزيد من تدابير الإغلاق يمينا ويسارا، ما يعني أن السيناريو الذي حدث في 2020 قد يتكرر وبقساوة، والحديث هنا عن تراجع “قاس” في عدد الرحلات وتأجيل طلبيات الطائرات أو إلغاء عقود التوريد من الأساس والحاجة إلى مزيد من حزم الإنقاذ وتقليص في الميزانيات وخفض للوظائف.

أزمة مفتوحة

المجموعة الاستشارية “آي بي إيه جروب” قالت في تقرير حديث: إذا تسبب فيروس كورونا في تقليص أو ضياع الجداول الصيفية لشركات السفر، فقد تثار موجة من الانهيارات والإفلاس في شركات الطيران، ويتكرر ما حدث في 2020.

ستيوارت هاتشر الخبير بالمجموعة قال: إن الأحوال تتغير من يوم لآخر، وتدرك الحكومات أن تأجيل إعادة فتح السفر سيعني مزيدا من الألم لقطاع الطيران، لكنها في نفس الوقت تشعر بالفزع من ارتفاع معدلات الإصابة بالفيروس حتى مع توزيع اللقاحات.

بنجامين سميث، المدير التنفيذي للخطوط الجوية الفرنسية قال الخميس الماضي خلال مؤتمر صحفي عقدته منظمة ” Airlines for Europe “: هناك حاجة جدية لانطلاق السفر مجددا بحلول الأول من يوليو أو ستكون شركات الطيران مهددة بخسارة بضعة أشهر هي المساهم الأكبر في الأرباح السنوية.. يشار هنا إلى أن ذروة الموسم لشركات الطيران تبدأ في شهر مايو، وتأجيلها لشهر يوليو سيكون سيئا لكنه يظل أفضل من عدم انطلاقها من الأساس.

وأضاف: ما يجعل يوليو شديد الأهمية هو أن الربع الثالث، بالنسبة لغالبية شركات الطيران الأوروبية، هو الربع الرئيسي الذي يساعدها على الاستمرار لبقية العام.

وسط استمرار تفشي سلالات كورونا المتحورة في أوروبا، لجأت العديد من البلدان إلى تشديد قيود السفر والحركة بما فيها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، وحتى في حال بدأت هذه البلدان تتخذ خطوات على طريق الخروج من الإغلاق، فإن شركات الطيران ستكون أمام معضلة استعادة ثقة العملاء في جدوى السفر والرحلات وسط أزمة صحية متفاقمة، وحتى إن تجاوزت هذه العقبة عبر ما يعرف اليوم بجواز سفر كورونا وأيضا عبر تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي على متن طائراتها فإن الأمر لن يكون سهلا وسيكون عليها طلب الدعم الحكومي للبقاء على قيد الحياة حتى نهاية الجائحة واستعادة مستويات ما قبل 2020.

بحسب تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي المعلن عنها في يناير الماضي، شركات الطيران قد تحتاج أكثر من 80 مليار دولار إضافية من الأموال الحكومية خلال 2021، لتكييف أوضاعها في ظل الجائحة، ومواجهة خطر الإفلاس والانهيار، كان هذا في وقت يتوقع فيه “إياتا” أن يكون شهر يونيو المقبل موعدا لتخفيف كبير لقيود السفر في غالبية البلدان، مع بدء ظهور تأثير اللقاحات، إما الآن مع تباطؤ جهود توزيع اللقاحات وزيادة الإصابات بفعل السلالات الجديدة تبدو الصورة أكثر قتامة.

خسائر هائلة

خلال 2020 تراجع الطلب العالمي على الرحلات بنحو 60٪، ما يعني أن شركات الطيران نقلت نحو 1.8 مليار مسافر – وهو أدنى مستوى منذ 15 عاما- بدلا من 4.5 مليار مسافر في 2019، وخسرت 118 مليار دولار.

المدير العام لـ”إياتا” ألكسندر دي جونياك قال -في تصريحات سابقة لـ”بي بي سي”- هناك من 35 إلى 40 شركة طيران قد اختفت بالفعل خلال العام الماضي، والعديد منها شركات طيران إقليمية صغرى، وقد نجت الشركات الكبرى الأخرى، بفضل عمليات الإنقاذ الحكومية الكبيرة وبرامج الدعم التي وصل حجمها إلى 170 مليار دولار.

وأضاف: من المحتمل أن نشهد حالات إفلاس إضافية هذا العام، وهنا تبرز الحاجة إلى مزيد من الدعم الحكومي للقطاع.

ويعتقد ينوس بنجامين باور، العضو المنتدب لشركة باور لاستشارات الطيران -بحسب مداخلة له أمس، في النسخة الثامنة من قمة العرب للطيران التي عقدت بالإمارات- أنه من الضروري أن يعمل الاتحاد الدولي للطيران من أجل تعزيز الثقة بقدرة قطاع الطيران على نقل المسافرين بأمان وسلامة .

بيتر موريس، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة فلايت أسيند للاستشارات يرى -بحسب مداخلته في القمة المشار إليها سلفا- أن نجاح قطاع الطيران يستدعي حلولاً تجارية ناجعة تضمن استمرارية عمل الشركات، وأن النجاح سيكون حليف نماذج الأعمال التي تلبي احتياجات العملاء خلال الفترة المقبلة.

قطاع الطيران الآن لم يعد محل ثقة لا للمستهلك ولا للمستثمرين، يقول مدير محفظة “واشنطن كروسينغ أدفايزورز”، تشاد مورغنلاندر -في تصريح لـ”سي إن بي سي”-  هناك سلسلة من المخاوف التي تتعلق بهذا القطاع، فإذا أردت الاستثمار في الطيران، فيمكنك التركيز على شركات التصنيع، أو شركات السياحة والسفر لكن ليس في شركات الطيران نفسها.

شركات الطيران الآن كما العالم أجمع تحت رحمة الجائحة، فمع إن الاتحاد الدولي للنقل الجوي يتوقع تعافي الحركة الجوية عالميا لتبلغ عدد المسافرين نحو 2.8 مليار هذا العام، إلا أن هذا الرقم المأمول أقل من 40% من تقديرات ما قبل الجائحة وهو أيضا معرض للانهيار في حال أي زيادة مفاجئة في أعداد الإصابات خلال النصف الثاني من العام، ما يعني العودة إلى خطط الإغلاق وقيود السفر حول العالم ومغاده الطائرات للأجواء، أضف إلى ذلك أن هذه الشركات حتى وإن نجت هذا العام من الجائحة ستخرج مثقلة بأعباء ديون هائلة وزيادة غير مسبوقة في تكاليف الصيانة والتشغيل وأرباح شبه معدومة.

ربما يعجبك أيضا