انتخابات الكنيست الـ«»24: لا وعود مقدسة في عيد الفصح

محمد عبد الدايم

كتب – د. محمد عبدالدايم

أربع دورات انتخابية في عامين، مأزق كبير يواجه الإسرائيليين، بعد أن أسفر جنون العظمة، وإيثار الإيجو الذاتي عن النتيجة المتوقعة للانتخابات، لا فائز ولا مهزوم، فشل نتنياهو في تحقيق مسعاه بالحصول على 61 مقعدًا (رفقة حلفائه من اليمين الديني والحريديم)، لكنه لم يخسر بعد، وفي المقابل لم تحقق الكتلة التي تعارضه، المعروفة بكتلة “أنتي- بيبي” (معارضة بيبي) نسبة الحسم (61)، بعد نهاية سباق الانتخابات الرتيب، الذي لم يسفر عن مفاجآت، اللهم إلا حصول القائمة العربية الممثلة للحركة الإسلامية في الداخل الإسرائيلي، على 4 مقاعد بالكنيست، بعد انشقاقها عن القائمة العربية المشتركة.

بحسب آخر النتائج، غير الرسمية، (يمكن أن تختلف النتائج الرسمية التي ستُعلن في 31 مارس) حجزت الأحزاب والتكتلات السياسية 120 مقعدًا بالكنيست كالتالي:

–        “هاليكود”: 30 مقعدًا.

–        “ييش عاتيد”: 17 مقعدًا.

–        “شاس”: 9 مقاعد.

–        “كاحول لافان”: 8 مقاعد.

–        “هاعفودا”: 7 مقاعد

–        “يسرائيل بيتينو”: 7 مقاعد.

–        و”يهدوت هاتوراه”: 7 مقاعد.

–        و”يامينا”: 7 مقاعد

–        “هاتسيونوت هادتيت”: 6 مقاعد.

–        “تكفا حداشا”: 6 مقاعد.

–        “القائمة المشتركة: 6 مقاعد.

–        “ميرتس” 5 مقاعد.

–        “القائمة العربية الموحدة”: 5 مقاعد.

66830 1

    سريعا بدأت مفاوضات سياسية نشطة، وسط ضباب سياسي كثيف وكئيب، تتحرك لجنة الانتخابات المركزية لشقه، حتى في ظل قيود كورونا ، لتنتهي من فرز الأصوات في أسرع وقت، لتبدأ الأحزاب الناجحة في دخول الكنيست، وجمهورها الإسرائيلي من الاحتفال بعيد الفصح اليهودي، الذي بدأ الاحتفال به في 27 مارس، وحتى 4 إبريل.

بالتأكيد سرعة لجنة الانتخابات المركزية لا يمكن مقارنتها بتحركات الأحزاب الإسرائيلية لبناء تحالفات تعينها على تشكيل حكومة، والنتيجة فوز حلف نتنياهو وتشكيله للحكومة، أو فوز حلف أنتي بيبي بزعامة يائير لابيد على الأرجح.

سيناريوهات معقدة لحكومة ائتلافية

3153742 46

هذه النتائج المتوقعة للانتخابات المكررة تشير بوضوح إلى عدم وجود سيناريو بسيط يلوح في الأفق، ويؤدي إلى تشكيل حكومة تحتفل مع الجمهور الإسرائيلي واليهود بليلة عيد الفصح، الذي يحتفل فيه اليهود بذكرى خروج بني إسرائيل من مصر، فيم لم تخرج إسرائيل بعد من فوضى الانتخابات والتخبط السياسي على مدى عامين.

العنوان الرئيس للانتخابات الرابعة هي فشل نتنياهو في تحقيق نتيجة الأحلام التي تقوده لرئاسة الحكومة، لم تصوت غالبية الجمهور للأحزاب التي أعلنت استعدادها لدعمه بقانون يمنحه الحصانة من المحاكمات، بما يؤمن بقاءه في السلطة، لم تحصل كتلة دعم نتنياهو سوى على 52 مقعدًا، بفارق 9 مقاعد عن الأغلبية، وحتى إذا استطاع إعادة المياه إلى مجاريها مع نفتالي بينط رئيس تكتل يامينا، فسيكون إجمالي كتلته 59 مقعدًا.

النتيجة ذاتها بالنسبة لكتلة معارضة نتنياهو (أنتي بيبي) التي تسمي نفسها “كتلة التغيير”، حيث لم تحقق أغلبية حاسمة، أو حتى أغلبية “معطلة”، حيث حصلت على 57 مقعدًا فقط، بناقص 4 مقاعد عن أغلبية تشكيل الحكومة، دون حساب مقاعد القائمة العربية الموحدة (رعام) التي يقودها منصور عباس ممثلا عن الإسلاميين بالداخل.

لكي يخسر نتنياهو، وتتم إزاحته عن صدارة المشهد، يجب أن يهزمه خصومه أولا، دون انتظار نتائج محاكمته، أو نتائج محاولات تمرير قانون بعدم أحقيته في تشكيل حكومة، ومن ثم فالمهمة أكثر تعقيدا بالنسبة لكتلة معارضيه، التي تضم أحزاب ييش عاتيد، كاحول لافان، يسرائيل بيتينو، هاعفودا، تكفا حدشا، ميرتس، إضافة إلى القائمة العربية المشتركة، سبعة كتل من المصالح المتعارضة، والأهداف المتنافرة.

على جانب آخر، يصر يائير لابيد رئيس حزب ييش عاتيد صاحب المركز الثاني في عدد المقاعد، وأفيجادور ليبرمان رئيس حزب يسرائيل بيتينو، وجدعون ساعر رئيس الحزب الجديد تكفا حداشا، يصرون على إزاحة نتنياهو، ويعتبرون عهد بيبي ماضيا قد ولى، حيث أعلن ليبرمان أنه يوصي بيائير لابيد رئيسا للحكومة المقبلة، ورغم عدم إعلان ساعر موقفه حتى الآن، لكن يبدو أنه لا يملك إلا التوصية بلابيد، لكن الأمر لن يكون سلسا، بسبب تعقيد التكتيكات السياسية بين هذه الأطراف المتنافرة، حيث يحسب كل من هؤلاء مقدار مكاسبه السياسية قبل التوصية باسم رئيس الحكومة المقبل، وليس الأمر قاصرا فقط على إبعاد نتنياهو.

من جانبه، فإن حلم جدعون ساعر هو أن يحل محل نتنياهو، انشق عن هاليكود بعد فشله في رئاسة الحزب، أسس حزبه الجديد باسم “أمل جديد”، لكنه لم يحصل سوى على 6 مقاعد، فيبدو أنه مضطر للتوصية بيائير لابيد وحزبه الذي حصل على 17 مقعدا، لكنه في الوقت نفسه لن يغامر بالجلوس مع القائمة العربية المشتركة التي يمثلها أيمن عودة وأحمد الطيبي، كذلك من الصعب أن يضع يده في يد حزب ميرتس اليساري، أو قائمة منصور عباس الإسلامية.

كتلة اليمين الصهيوني وكتلة اليمين الإسلامي

3153676 46 2

على هذا النحو تبدو كل الطرق أمام إسقاط نتنياهو مغلقة حتى اللحظة، ليتجه الجميع نحو كتلتين: يامينا بقيادة نفتالي بينط، والقائمة العربية الموحدة بقيادة منصور عباس، كتلتان تمثلان النقيضين في الأيديولوجيا والأهداف والرؤية، يامينا تمثل اليمين الصهيوني الذي يؤكد على مفهوم “دولة يهودية”، والقائمة العربية تمثل التيار “الإسلامي” داخل إسرائيل، وهو ظهير سياسي لحركة الإخوان المسلمين.

يحاول الجميع الآن إجراء مكالمة، أو تنظيم لقاء مع يامينا، كتلة بيبي تستميل نفتالي بينط بوعود الدولة اليهودية اليمينية، وعلى الجانب الآخر تسعى “كتلة التغيير” لإغراء بينط، ووَغْر صدره على نتنياهو، لكن بينط يتحرك بأريحية بين بين المعسكرين، ومعه منصور عباس، كل منهما يضع ساقا على ساق، ويضع شروطه أمام الكتلتين، يحسب مكاسبه، ويملي شروطه، للحصول على أقصى ما يمكن تحقيقه، دون التقيد “الحقيقي” بأيديولوجيا، أو هوية سياسية.

لا يسمح موقع نفتالي بينط بأريحية كاملة في التحرك، لأن نتنياهو من جانبه يشحن الأطراف اليمينية المتشددة والحريدية ضد تكتل يامينا، بزعم أن عدم انضمامها إليه يعني الانسياق إلى تكتلات “اليسار”، بمعنى أن كتلة بيبي تحاول الضغط على بينط ليسير في اتجاه واحد، لا انحراف فيه عن اليمين، فما غيره إلا ضد “الدولة اليهودية والتيار اليميني الشامل”.

لا وعود مقدسة

download 13

ومع ذلك، فإن نتنياهو نفسه لا يستبعد أي شخص، لا يرفض أي تكتل أو حزب يمكن أن يضيف إلى كتلته عدد مقاعد يصل به للعدد 61، حتى إن مندوبين من حزبه هاليكود اجتمعوا مع منصور عباس، لقاء بين الحزب اليمين الأكبر في إسرائيل، صاحب الـ 30 مقعدًا، والرافض لوجود فلسطيني الداخل في الساحة السياسية وبين كتلة عربية “إسلامية”، براجماتية سياسية تُنحي جانبا الأيديولوجيا والوعود “المقدسة”.

فصح جديد وحكومة

الآن بعد الانتخابات الرابعة، وقبيل الاحتفال بنهاية عيد الفصح، لا سيناريو واضح، إلا سيناريو الانتخابات الخامسة، التي تطل بتكرار رتيب ومبتذل، لتصبح كليشيه معاد استحوذ على حياة الإسرائيليين، لكن في السياسة كل شيء ممكن، فلا مكان للوعود المقدسة، ويبدو أن الساسة الناجحون في دخول الكنيست يعون ذلك جيدا، ويتحركون على بساط ضيق يجبرهم على التخلي عن كثير من المبادئ التي يعلنونها شعارات لهم، لتخرج صور تجمع قائد حزب يميني صهيوني مع آخر يساري، أو حزب مؤيد للدولة اليهودية مع آخر بتوجه إسلامي، فيم يبحث الجمهور عن “مغناة الديمقراطية الإسرائيلية”، وخبز الفصح للاحتفال.

ربما يعجبك أيضا