في الذكرى 45.. ماذا تبقى من فلسطين المحتلة في «يوم الأرض»؟

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

شوارع الحارات العتيقة في فلسطين التاريخية تضج بعبق الماضي، فحجاراتها القديمة تحتضن بين دفتيها هوية بأكملها، فهي تثبت أصالة جذور انتماء الفلسطينيين، وعلى قدرتهم الوثيقة بأرضهم المحتلة، تماما مثلما يربط الحبل السري الجنين بأمه.

حكايات وآلام ومعارك

بين طيات تجاعيدهم وظهورهم المنحنية، هناك حكايات وآلام ومعارك خاضوها باسم فلسطين، فكل جزء من أرواحهم قبل أجسادهم خير شاهد على أنهم يحملون هذه الأرض وهذه القضية في أعينهم التي تبرق بالحب والحنين والأمل الممزوج بألم وقهر على أراضيهم المسلوبة، موقنين بأن ليل الاحتلال لابد له وأن ينجلي وأن صباح الحرية آت لا محالة.

«على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، كلمات الراحل محمود درويش، التي يسقي بها الفلسطينيون صبرهم، فتراهم يخطونها على الجدران، وبين أروقة الكتب وثنايا ذاكرتهم، شاحذين عبرها عزيمتهم لمواصلة كفاحهم، أملا في العودة إلى أراضيهم التي انتزعها الاحتلال عنوة على مرأى ومسمع العالم أجمع.

45 عاما على يوم الأرض

45 عاما على يوم الأرض، اليوم الذي سطر فيه الفلسطينيون معركة صمود جديدة على أرضهم عام 1976م، حيث ارتوت الأرض الفلسطينية بدماء 6 شهداء، احتجاجا على مصادرة 21 ألف دونم من الجليل والمثلث والنقب، وعرابة، سخنين، دير حنا، وعرب السواعد.

وتعود أحداث هذا اليوم، لعام 1976، بعد استيلاء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين داخل أراضي عام 48، وقد عم إضراب عام، ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.

ومنذ ذلك العام أصبح يوم الأرض يوماً وطنياً في حياة الشعب الفلسطيني، داخل فلسطين، وخارجها، وفي هذه المناسبة تشهد تحركات شعبية فلسطينية عديدة تؤكد وحدة شعبنا، وحقه في أرضه، رغم شراسة الاحتلال وعنجهيته.

فلسطين تُحيي «يوم الأرض» وسط دعوات إلى تعزيز الوحدة الوطنيّة

ماذا تبقى من فلسطين المحتلة؟

وكان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أصدر تقريرا بمناسبة الذكرى السنوية 45 ليوم الأرض، أكد فيه 85% من فلسطين التاريخية، أصبح تحت سيطرة الاحتلال، تستغل بشكل مباشر ما نسبته 76%، فضلا عن المصادرة المستمرة للأراضي، وتحديدا في المناطق «ج» التي توغلت مجالس المستوطنات الإقليمية فيها، وسيطرت على 63% من مجمل غالبية مساحتها.

48 % من مساحة الضفة الغربية تلتهمها المساحات المصادرة لأغراض عسكرية ولصالح توسيع بؤر استيطانية وما عزله جدار الفصل العنصري.

وتضرر ما يزيد على 219 تجمعا فلسطينيا جراء إقامة الجدار، كما قامت سلطات الاحتلال بالاستيلاء على حوالي 8,830 دونما من الأراضي الفلسطينية، بالإضافة الى 11,200 دونم تم إعلانها كمحميات طبيعية، تمهيدا للاستيلاء عليها.

وبحسب الإحصاءات الأخيرة، ارتفعت إجراءات هدم المباني ووقف البناء بعام 2020 حوالي 45% استهدفت أكثر من 1000مبنى في القدس والضفة الغربية، كما شهد العام الماضي أكثر من 1000اعتداء للمستوطنين بحق الفلسطينيين، فضلا عن حرق أشجار الزيتون وتعطيب وتدمير وسرقة السيارات من الفلسطينيين، وبعد 45 عاما مازالت الأراضي الفلسطينية تستنزف.

هذه حكاية يوم الأرض الفلسطيني

الأرض هي جوهر الصراع

وأحيا الفلسطينيون، أمس الثلاثاء، الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لـ«يوم الأرض»، وسط دعوات من الفصائل الفسطينية للتمسك بالأرض وتعزيز الوحدة الوطنية.

وفي المناسبة، أكدت حركة «فتح» في بيان، أن «الأرض هي جوهر الصراع»، مشددة على أن «كفاح الفلسطينيين لن يتوقف حتى تحقيق حريته سيدا على أرضه».

بدورها، أكدت حركة «حماس» في بيان لها في «يوم الأرض»، أن “الأرض الفلسطينية هي أحد الثوابت التي لا يمكن التنازل عنها أو التفريط بها بأي حال من الأحوال، وستبقى الأرض محور الصراع مع الاحتلال”.

ليس مجرد سرد أحداث تاريخية

ويشار إلى أنه منذ العام 1976 حتى العام 1982 أحيىا فلسطينيو 48 ذكرى يوم الأرض السنوية بشكل صامت وبدون إضرابات ومنذ 1982 حتى اليوم تراوح إحياء الذكرى السنوية بين الإضراب العام والمواجهات وبين رعاية بعض النشاطات التي كانت بالغالب تقتصر على مهرجانات خطابية في المثلث والنقب والجليل وزراعة المزيد من الأراضي بالزيتون في محاولة لتحصينها من مخاطر القضم المتواصل.

ويرى الفلسطينيون أن إحياء «ذكرى يوم الأرض» ليس مجرد سرد أحداث تاريخية، بل هو معركة جديدة في حرب متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطينية.

الفلسطينيون يحيون يوم الأرض ودعوات لتعزيز الوحدة الوطنية

ربما يعجبك أيضا