معركة قطن شينجيانغ.. الصين تواصل تعنتها وتحظر ماركات عالمية

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بعد انتقادات الدول والمنظمات الحقوقية لسياستها تجاه أقلية الإيجور المسلمة في إقليم شينجيانغ، غضبت الصين وحظرت عددًا من العلامات التجارية في تطبيقات التجارة الإلكترونية المحلية، بهدف معاقبتها على رفض قطن شينجيانغ.

وأدى التوتر بشأن ما يحدث في شينجيانغ بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا إلى إقرار عقوبات على الصين، التي ردت بالمثل.

وفي الوقت نفسه، حاولت الشركات الخاضعة للتدقيق بشأن معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) الحد من انتهاكات سلسلة التوريد التي تشمل العمالة القسرية، فيما أشارت الصين الآن إلى أنها لن تتسامح مع مثل هذا العصيان.

وبسبب أهمية سوقها الضخم بالنسبة لشركات الأزياء العالمية وتجار التجزئة، أصبحت الصين في موقع قوة، حيث تجاوزت مبيعات Nike في الصين الكبرى في الربع المنتهي في فبراير مبيعات أمريكا الشمالية، كما أن هذه الشركات كانت تفلت من التحقيق بخصوص المخالفات الإنسانية والحقوقية بسبب تعقيد سلاسل التوريد العالمية وافتقارها للشفافية.

في الماضي، كان من شبه المستحيل التأكد من مصدر الأنسجة وظروف إنتاجها في غالبية الملابس، لكن التكنولوجيا الحديثة غيّرت هذا الأمر، حيث سمحت التكنولوجيا في العقدين الماضيين برفع مستوى المعايير الاجتماعية والإنسانية في سلالسل التوريد، ولكن الصين بدأت تستغل التكنولوجيا نفسها لصالحها، وتهدد بالمقاطعة الشركات التي ترفض الإذعان لموقفها بشأن شينجيانغ.

ووقعت شركات مثل “أتش أند أم”، و”نايكي” في حيرة بين الضغط السياسي من الولايات المتحدة وأوروبا، والتنديد الصيني بـ “الأكاذيب الخبيثة” حول الوضع في شينجيانغ، حيث تريد  الصين من الشركات العالمية أن تمارس ضغوطا على الحكومات الغربية حتى تكف عن انتقاد ممارساتها في الإقليم.

أصبحت الطريقة التي تتصرف بها العلامات التجارية حول العالم أكثر شفافية بفضل الإنترنت، من المستحيل مخاطبة المستهلكين والسياسيين في بلد ما دون معرفة من هم في بلدان أخرى، استند اتهام رابطة الشباب الشيوعي الصيني الأسبوع الماضي بأن إتش آند إم “قاطعت” قطن شينجيانغ على بيان الشركة العام الماضي

قد لا يكون المأزق الفوري صارخًا كما يبدو، فقد تلاشت الحملات الإعلامية الحكومية ضد العلامات التجارية العالمية المسيئة في الماضي، ولن ترغب الصين في خسارة “أتش أند أم”، و”نايكي” تمامًا وقد تتمكن اتش أند إم” من استعادة الرؤية لمنافذ البيع الصينية بأصوات تصالحية.

ماذا فعلت “أتش أند أم”، و”نايكي”؟

العام الماضي، أصدرت “أتش أند أم”، و”نايكي” بيانين منفصلين بشأن ما يتعرض له مسلمو الإيجور، لكنهما عادا إلى الواجهة في الأيام الأخيرة في أعقاب الإعلان عن فرض بلدان غربية عقوبات على الصين.

وقالت الشركتان في بيانين منفصلين إنهما يشعران بـ “القلق” بسبب التقارير التي تفيد بإجبار سكان الإيجور على العمل قسرا في منطقة شينجيانغ، وأضافت الشركتان أنهما لا تستوردان أي منتجات من هذه المنطقة.

واندلعت الضجة الأخيرة في أعقاب نشر مشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي من طرف رابطة الشباب الشيوعي، وهي مجموعة تنتمي إلى الحزب الشيوعي الصيني.

وردا على البيان الصادر عن شركة إتش أند إم، قالت الرابطة على منصة “ويبو” الصينية: “كيف تنشرون شائعات متعلقة بمقاطعة قطن منطقة شينجيانغ، وفي الوقت ذاته تحققون أرباحا في الصين، أليس هذا تفكيرا مبنيا على التمني؟”.

وشنت وسائل إعلامية حكومية حملات دافعت فيها عن قطن منطقة شينجيانغ وانتقدت العلامات التجارية المتداول، وتبادلت شبكة تلفزيون الصين الدولية (سي جي تي إن) مقطع فيديو على موقع ويبو يزعم أنه يبين حقيقة جني القطن في منطقة شينجيانغ، والذي تضمن عمليات تحديث تكنولوجي، واستشهادات منسوبة إلى مزارع من الإيجور ذكر فيها أن الناس “حاربوا” حتى يتاح لهم العمل هناك وجني إيرادات كبيرة.

وقال تلفزيون الصين المركزي (سي سي تي في CCTV) إن شركة إتش أند إم “أخطأت في حساباتها” من خلال محاولة أن تكون “بطلا صالحا”، وأنها “يجب أن تدفع ثمنا باهظا بسبب تصرفاتها الخاطئة”.

ولم يعلق فرع شركة إتش أند إم في بكين على أسئلة بي بي سي في هذا الشأن، لكن الشركة نشرت،  بيانا على موقع ويبو قائلة إنها “تحترم المستهلكين الصينيين كما هو دائما” وأنها “لا تمثل أي موقف سياسي”.

“أدعم قطن منطقة شينجيانغ”

سحبت  ثلاث منصات صينية كبرى للتجارة الإلكترونية على الأقل وهي Pinduoduo و JD.com و Tmall، منتجات شركة إتش أند إم من عمليات البيع.

وقام مشاهير مثل وانغ ييبو، وهيوانغ كسوان، وفيكتوريا سونغ بإصدار بيانات قالوا فيها إنهم قطعوا علاقاتهم مع هذه العلامات التجارية، قائلين إن “مصالح البلد فوق كل شيء”.

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي موجة كبيرة من الانتقادات ضد الشركتين، مع صدور دعوات عديدة تحث الناس على مقاطعة منتجاتهما، وأصبح الآن وسم “أدعم قطن منطقة شينجيانغ” يتصدر موقع ويبو.

وترتبط شركة إتش أند إم بعلاقة قديمة مع الصين وهي مهمة بالنسبة إلى الجانبين. وتعتبر الصين سوقا كبيرة لشركة إتش أند إم وهي إحدى المصادر الأساسية من حيث إمداد السوق.

لكن بكين لا تريد أن يوجه أحد اللوم للصين على أساس أن الأمر يتعلق بقضية داخلية بحتة.

ويكمن الجواب في تجربة كوريا الجنوبية أو الفلبين، وكلاهما تعرضت سلاسل متاجرها وصادرات فواكهها لمعاناة شديدة في أعقاب خلافات دبلوماسية.

وتحب الصين استخدام قوتها التجارية وعمليات البيع بالتجزئة الذي تحركه دوافع وطنية من أجل الضغط على الحكومات والشركات متعددة الجنسيات.

ربما يعجبك أيضا