تونس ومخاوف العودة من المربع الأول

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

الأزمة السياسية في تونس لا تجد طريقها إلى أي حل، لا بل تتعمق وتتشعب. جديد فصولها هجوم من الاتحاد العام التونسي للشغل على الرئيس قيس سعيد على خلفية دعوته لتنظيم حوار شبابي على منصات رقمية، وهي ما اعتبرها انقلاباً على الأعراف. في حين تمسّك الاتحاد التونسي للشغل بمبادرته الداعية إلى حوار وطني، مشدداً على أنها تهدف إلى إنقاذ البلاد من الأزمة الخانقة التي تعيشها.، والسؤال: لماذا يرفض الفرقاء السياسيون الحوار كمخرج لأزمتهم المتفاقمة؟

الانفجار الشعبي في تونس

العودة للمربع الأول

تدخل الأزمة السياسية في تونس شهرها الثالث بعد رفض الرئيس قيس سعيد أداء الوزراء الجدد في حكومة المشيشي اليمين أمامه، رفض أخذ شكل خلاف بين مؤسسات السلطة، في حين أن عمق الأزمة يتمثل في انقسام حاد في الأحزاب والكتل البرلمانية، ما يطرح أسئلة حول جدية إنهاء الحوار الوطني للأزمة السياسية خصوصاً في غياب أجندة واضحة ومتفق عليها حوله.

تتصاعد وتيرة التحركات في تونس يوما بعد يوم منذ نهاية الأسبوع الماضي، خاصة فيما يتعلق بتحركات الأمين العام التونسي للشغل ولقاءاته بالرئاسات الثلاث لوضع الحوار الوطني على مساره .

فجمع الفرقاء السياسيين والمراهنة على نجاح الحوار الوطني، غاية صعبة المنال وهو ما يفرض على اتحاد الشغل تصعيد نضاله الاجتماعي والميداني، أو التحرك بحو خطوة أخرى تتمثل في دفع الفرقاء السياسيين إلى العودة لرشدهم لإنقاذ البلاد التي تمر بوضع اقتصادي صعب يوشك على الإفلاس بحسب خبراء تونسيون مع استمرار الأزمة السياسية في البلاد.

كل هذه المخاوف والشكوك وتعقيدات النقاش بين الفرقاء قد تعيد الجميعَ إلى المربع الأول بسبب حال التردد والخلافات المعقدة التي تعرفها الساحة السياسية التونسية، مع تمسك أحزاب تونسية بإدراج بند إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي ضمن محاور الحوار الوطني، في الوقت الذي يؤكد فيه المشيشي بقاء حكومته.

الشباب والحوار الوطني

لأن أغلبية القضايا التي تعاني منها البلاد من فقر وبطالة وتهميش تمس الشباب، كانت الدعوة لإشراكهم في الحوار الوطني سواء تلك التي طرحها الرئيس أو اتحاد الشغل، وإن كانت هناك خلافات بينهما في التفاصيل، وحول ما إذا كان إشراكهم بشكل مباشر أو غير مباشر.

دعوة الرئيس قيس سعيد لمشاركة الشباب وإشراكهم في الحوار، ربما تكون محاولة لتوسعة قاعدته الشعبية، بعد أن وضع نفسه في ورطة حقيقة، نتيجة تأخره في الدعوة لهذا الحوار في الوقت الذي شهدت فيه تونس العديد من المستجدات، فضلا عن اتهام البعض له بالتخلي عن فلسفة اتحاد الشغل التونسي بأن يكون الجميع على طاولة الحوار، بينما استثنى الرئيس بعد الأحزاب من المشاركة.

في المعركة السياسية الحادة التي تعيشها البلاد، ربما وجد الرئيس قيس سعيد نفسه «وحيدا» خاصة وأنه لا ينتمي لحزب سياسي، فوجد الحل في اللجوء للشباب كمطية لتحقيق أهدافه في رحلة انتخابية ثانية، في ظل حالة الاستقطاب الحادة التي تشهدها الساحة السياسية التونسية، ومن ثم البحث عن مخرج لأزمته.

رئاسة الجمهورية.. مسؤوليات مضاعفة

تعود المبادرة التي أطلقها اتحاد الشغل التونسي والتي قدمها للرئيس قيس سعيد مطلع ديسمبر الماضي، وأودعها أدراج مكتبه، قبل أن يخرج بيان الرئاسة قبل أيام بدعوة الرئيس لحوار وطني.

برأي الخبراء، فإن هناك فرقا بين الدعوة للحوار وبين الإشراف عليه، ولا يمكن للرئيس قيس أن يتحدث باسم الشباب، عبر التخفي وراء الشعارات البراقة، وبالتالي فإن مبادرة الرئيس بإشراك الشباب في الحوار لم تأت بجديد.

اختيار اتحاد الشغل التونسي، لرئاسة الجمهورية لطرح مبادرته لم تأت اعتباطا، في وقت يشهد فيه رئاستي البرلمان والحكومة فشلا كبيرا في التصدي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد، وهو ما يضع مسؤوليات مضاعفة على الرئاسة للتحرك بجدية وإنقاذ البلاد من شفا الإفلاس الذي يحذر منه مراقبون مع بقاء الوضع على ما هو عليه الآن وانسداد أفق الحلول السياسية.

ربما يعجبك أيضا