مخاوف من عودة داعش على أرض العراق.. ومناوشات أمريكية روسية جديدة

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تنظيم “داعش” لم يمت ولم ينته في العراق، ويستمر في الضرب وإتباع سياسة الكر والفر، وبين ضربة هنا وأزمة هناك، وبين مخاوف من عودة التنظيم المتطرف بقوة في “أرض الرافدين”، تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” في العراق، خلال الشهرين الماضيين، وجاءت هذه التحركات عقب تبني التنظيم عدة هجمات إرهابية.

وفي الوقت الذي خصص فيه العراق نحو 90 مليار دولار في الميزانية الجديدة التي أقرها البرلمان- والتي ستساعد بدورها في استمرار الحرب على الإرهاب واجتثاث بقاياه والدفع بدماء جديدة في شرايين التنمية بالدولة العربية الذي عانى اقتصاده كثيرًا بسبب الحروب وممارسات الإرهاب- جاءت اتهامات روسية للولايات المتحدة الأمريكية بمسؤوليتها عن ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول الدور الأمريكي والروسي على حد سواءً في البلد العربي.

اشتباكات واسعة

أعلنت قيادة العمليات المشتركة في العراق، منتصف شهر مارس المنقضي، عن وقوع اشتباك القوات الأمنية مع عناصر إرهابية في جبل سنجار، إضافةً إلى إحباط عملية تسلل لمجموعة إرهابية أخرى عبر الحدود العراقية- السورية.

كما أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم داعش، مقتل 107 عناصر من التنظيم المتشدد في العراق وسوريا في مارس المنصرم. وقال حساب التحالف على موقع “تويتر”: إنه “خلال شهر مارس، نفذ شركاؤنا في العراق وسوريا بدعم من التحالف 78 عملية ضد داعش، وتمكنوا من ردع 107 عناصر من أتباع داعش من القيام بأعمال إرهابية ضد المواطنين”.

المخاوف من عودة داعش بقوة على الأرض لا تزال حاضرة وبقوة، فبين حين وآخر، تندلع مواجهات وتكون هناك عمليات إرهابية للتنظيم الدموي، يقابلها نشاط قوي لمحاصرة جيوب التنظيم وتتبع فلوله، ويرى العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بحسب موقع سكاي نيوز عربية، أن تنظيم داعش لن يعود إلى قوته التي كان عليها في 2014، خاصة وأنه لم يعد يمتلك القدرة للسيطرة على مدن وقرى بأكملها”.

وعن خطورة عودة التنظيم، يرجع عكاشة الأمر إلى وجود عوامل محفزة تسهل عملية انتقال عناصره، من بينها الهشاشة الأمنية على الحدود العراقية وطبيعة تضاريس الجبال التي تمكنهم من الاختباء، وفرار عوائل من المخيمات والسجون خلال جائحة كورونا، فضلًا عن تشابك الأوضاع السياسية.

ورغم إعلان المؤسسة العسكرية النظامية في العراق حاجتها إلى تدريب قوات التحالف، إلا أن هجمات مسلحة تشنها فصائل وميلشيات بشكل دوري على قوافل التحالف الدولي، وقواعده العسكرية في مختلف المدن.

روسيا وأمريكا

وفي سياق متصل، حملت روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، المسؤولية عن ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن العراق مر بأحداث مأساوية في العقود الماضية، وذلك في معرض تعليقه على تصريح نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن بأن الولايات المتحدة لا تشعر بأي عداء تجاه روسيا والصين وتأتي جميع خطواتها في سبيل “دعم الديمقراطية” و”حماية حقوق الإنسان”.

وزير الخارجية الروسية أشار إلى أن هذه النظرية يجب تطبيقها على أرض الواقع، مذكرًا بإعلان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في مايو 2003 عن “تحرير العراق من الحكم الاستبدادي” و”إحلال الديمقراطية” في البلاد.

وأضاف لافروف: “أعتقد أنه ليس هناك حاجة للحديث أكثر عن ذلك، ويمكن الاقتصار على التذكير بعدد ضحايا الحرب التي أججها الأمريكيون، وهو يقدر بمئات آلاف الأشخاص، كما يمكن التذكير بأن حكم (رئيس الإدارة الأمريكية في العراق) بول بريمر سيئ الصيت نتج عنه قيام تنظيم “داعش” الذي التحق به فورًا أعضاء في حزب “بعث” وعناصر للأجهزة الخاصة في عهد صدام حسين فقدوا وظائفهم وكانوا في حاجة إلى رعاية عوائلهم”.

وتابع: “سبب ظهور “داعش” بعيد عن الخلافات الإيديولوجية، واستغل ذلك المتشددون اعتمادًا على أخطاء الولايات المتحدة. ها هي “الديمقراطية” في العراق”.

الدواعش والأمن العراقي

ميدانيًا، أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقي، أمس الجمعة، عن تدمير أربعة أوكار ومقتل إرهابيين اثنين بضربتين جويتين لطيران التحالف الدولي في محافظة صلاح الدين.

وقالت الخلية بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية”نينا” إن طيران التحالف الدولي شن غارة جوية على وادي الثرثار ضمن محافظة صلاح الدين، أسفرت عن تدمير كهفين ومقتل اثنين من الإرهابيين.

وأضاف البيان، أن طيران التحالف الدولي شن غارة أخرى في منطقة مطيبيجة بصلاح الدين، أسفرت عن تدمير وكرين للإرهابيين.

ويقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية: “هناك رأيان داخل الاستخبارات الأميركية للتعامل مع داعش، الأول يميل إلى ترك الوضع هكذا لوقف استنزاف القدرات العسكرية، بينما يميل الرأي الثاني إلى المواجهة العسكرية، مرجحًا أن الإدارة الأميركية الحالية تتبع استراتيجية المواجهة الاستباقية، ودفع التنظيم إلى حافة الهاوية لمنع بناء مسارات جديدة له”.

بين استمرار الضربات الداعشية في العراق، وما يقابلها من جهود عراقية لحماية الدولة من مخاطر الإرهاب، جاءت الاتهامات الروسية للولايات المتحدة بالمسؤولية عن وجود داعش في العراق وما اقترفه من جرائم وتهديد كبيرين، ولا شك أن المشهد في العراق بات لا يتحمل أي صراعات دولية حتى ولو كلامية، ويحتاج صدق النوايا لإنقاذ البلد العربي الذي أنهكته الحروب والصراعات وأصبح ضحية لعبة المصالح.

ربما يعجبك أيضا