رغم تعنت إيران.. أوروبا تراهن على إنقاذ الاتفاق النووي

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مع تعنت الموقف الإيراني، يبدو أن المحادثات المقبلة في فيينا ومحاولة إعادة الولايات المتحدة للاتفاق النووي ستكون صعبة، بعد رفض طهران رفع العقوبات تدريجيًا بتوجيهات من المرشد الأعلى علي خامنئي، في وقت يسعى فيه الحلفاء الدوليون لإجراء محادثات مع واشنطن لتحديد كيفية رفع العقوبات والعودة للاتفاق، تزامنًا مع استمرار انتهاكات إيران لبنود الاتفاق النووي والتي كان أخرها تخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز النووية للضغط على إدارة بايدن، فهل ينجح اجتماع فيينا في التوصل لاتفاق يمهد للمفاوضات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة ومن ثم العودة للاتفاق من جديد؟

تعنت إيران

بتوجيهات من المرشد الأعلى علي خامنئي، أكدت إيران رفضها أي محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، معلنة رفضها أي خطة لرفع العقوبات تدريجيًا، مؤكدة تمسكها برفع العقوبات بشكل كامل، مقابل التراجع عن انتهاكاتها لبنود الاتفاق النووي والعودة لالتزاماتها السابقة.

في المقابل، أفادت مصادر مطلعة على المحادثات بأن ممثلي فرنسا وألمانيا وبريطانيا طالبوا مساعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي شارك باجتماع الجمعة الافتراضي مع الدول المعنية، بالموافقة على التعامل المباشر مع الولايات المتحدة، مؤكدين أن مقترحات الإدارة الأمريكية “أكثر من معقولة”، بحسب ما نقل موقع “أكسيوس”.

ومع قرب اجتماع فيينا المرتقب، أصر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على أن الهدف هو “وضع اللمسات الأخيرة بشكل سريع على (خطوات) رفع العقوبات والإجراءات النووية من أجل إلغاء منسّق لكافة العقوبات، ليتبع ذلك توقف إيران عن الإجراءات العلاجية”. وكتب على تويتر “لا اجتماع إيرانيا-أميركيا. إنه غير ضروري”.

يأتي ذلك في وقت كشفت فيه كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير لها، أن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم من خلال مجموعة رابعة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة (آي.آر-2إم) في منشأة تحت الأرض في نطنز، في انتهاك جديد للاتفاق النووي.

وتعد هذه أحدث خطوة بين خطوات عدة اتخذتها إيران لزيادة الضغط على الرئيس الأمريكي جو بايدن بخصوص من يتوجب عليه التحرك أولاً لإنقاذ الاتفاق الذي يستهدف الحد من قدرة إيران على تطوير قنبلة نووية.

إصرار تقابله واشنطن بالإصرار نفسه، على استمرار العقوبات، لحين التوصل إلى تفاهم ينقذ الاتفاق النووي.

محادثات صعبة

أتى ذلك، فيما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة وافقت على إجراء محادثات مع الشركاء الأوروبيين والروس والصينيين بشأن تحديد القضايا المرتبطة بالعودة للالتزام بالاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015، الثلاثاء المقبل في فيينا.

وأضاف المتحدث باسم الوزارة نيد برايس في بيان “لا نزال في المراحل الأولى ولا نتوقع انفراجة فورية لأننا أمام مناقشات صعبة، لكننا نعتقد أن هذه خطوة مفيدة”.

كما أشار إلى أن المحادثات ستكون قائمة على مجموعات عمل يشكلها الاتحاد الأوروبي مع باقي المشاركين من الدول الموقعة على الاتفاق النووي، بما يشمل إيران. وذكر أن القضايا الرئيسية التي ستتم مناقشتها هي الخطوات النووية التي تحتاج إيران لاتخاذها للعودة للالتزام ببنود الاتفاق وخطوات تخفيف العقوبات التي ستحتاج الولايات المتحدة لاتخاذها لتعود للالتزام به أيضا.

بدوره، تعهّد الرئيس الأمريكي الحالي جون بايدن الانضمام مجددًا إلى الاتفاق شرط معاودة إيران احترام التزاماتها التي تخلّت عنها ردًا على انسحاب ترامب. لكن طهران تقول إن على واشنطن رفع العقوبات الدولية التي أعاد ترامب فرضها قبل قيامها بأي خطوات للعودة إلى المسار، بينما ترفض عقد أي مفاوضات مباشرة مع الجانب الأمريكي.

اجتماع فيينا

أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيكثف اجتماعات منفصلة في فيينا الثلاثاء المقبل مع جميع أطراف اتفاق إيران النووي والولايات المتحدة، على خلفية تفعيل الجهود الرامية إلى إنقاذ الصفقة المبرمة عام 2015.

وذكر نائب الأمين العام للدائرة الأوروبية للشئون الخارجية، إنريكي مورا، أن المشاركين في اجتماع اليوم بحثوا فرص عودة الولايات المتحدة بالكامل إلى الاتفاق النووي، وأكدوا استعدادهم للتعامل إيجابا مع ذلك ضمن جهد مشترك، مضيفا أن أطراف الاتفاق أعربت عن التزامها بالحفاظ عليه وبحثت سبل ضمان العودة إلى تطبيقه بالكامل وبشكل فعال.

جاء الإعلان في أعقاب مؤتمر عبر الفيديو جمع الدول الموقعة على اتفاق عام 2015، في ظل مساع لإقناع واشنطن بالانضمام مجدداً إلى الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

ووصف إنريكي مورا، الذي ترأّس المحادثات، نظراً لدور المفوضية كجهة منسّقة، اجتماع أمس الافتراضي بـ«الإيجابي»، لكنه حذّر من أنه ما يزال هناك الكثير الذي ينبغي القيام به لإعادة إحياء الاتفاق.

ورغم العراقيل، يبدو أن أوروبا تراهن من جديد على قدرتها على إنهاء النزاع النووي الإيراني، عبر اجتماع يعقد الثلاثاء يجمع الدول الموقعة على الاتفاق، وعبر تحد أكثر قوة من السنوات السابقة، تصر القارة العجوز على إنهاء الملف النووي الإيراني، عبر مباحثات سياسية على أراضيها.

ربما يعجبك أيضا