وسط قلق دولي.. تدهور أمني جديد في دارفور واتفاق السلام على المحك!

حسام السبكي

حسام السبكي

من جديد، يعود إقليم دارفور السوداني إلى الواجهة، بعد ساعات من مواجهات مستعرة، خلفت عشرات القتلى، فضلًا عن الجرحى والمصابين، في ظل قلق وترقب دوليين، يأتي هذا بالتزامن مع انسحاب قوات “يوناميد” قبل أيام من الإقليم المضطرب، وتعهد حكومة الخرطوم بتوفير الحماية للمدنيين، ما استدعى فرض حالة الطوارئ، ووضع الحكومة السودانية في تحدٍ آخر، بالإضافة لاتفاق السلام “الهش” حتى الآن، والذي لم يمر على توقيعه سوى أشهر قليلة!.

مواجهات دامية

التدهور الأمني في إقليم دارفور

على وقع نزاعات قبلية، سقط، أمس الإثنين، 108 قتلى في مواجهات دامية بمنطقتي الجنينة والسريف في إقليم دارفور بغرب السودان.

واستخدمت في القتال أسلحة ثقيلة وخفيفة وسط عمليات حرق ونهب واسعة طالت العديد من الأحياء السكنية والمحال التجارية.

وألحق القصف المتواصل دمارا كبيرا في المنشآت الحيوية، مثل المراكز الصحية والخدمية مما زاد الوضع تعقيدا.

وتأتي هذه الأحداث ضمن سلسلة متواصلة من الأحداث الدموية في الإقليم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مما أثار تساؤلات كبيرة حول اتفاق السلام الموقع في أكتوبر الماضي بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات الدارفورية وذلك عقب حرب طاحنة استمرت 17 عاما.

في غضون ذلك، قال الناشط الرشيد عبدالكريم -الذي تحدث لموقع سكاي نيوز عربية عبر الهاتف من موقع الأحداث- إن حدة القتال تتزايد بشكل متواصل ومقلق في ظل عدم تدخل القوات الأمنية رغم استمرار عمليات القتل والحرق والنهب لأكثر من 48 ساعة.

ونبه عبد الكريم إلى خطورة الوضع بسبب الانتشار الكثيف للسلاح وهشاشة الأوضاع الصحية والأمنية في المنطقة.

وأوضح مصدر طبي وفقًا لـ “سكاي نيوز عربية”، أن الكوادر الصحية تواجه صعوبات كبيرة نظرا لعدم توافر المعينات اللازمة من محاليل وغيرها.

وأشار المصدر إلى أن الأوضاع الأمنية المتردية تمنع وحدات الإسعاف من أداء عملها بالشكل المطلوب، حيث تتعرض السيارات في الكثير من الأحيان لاعتداءات مسلحة وأعمال نهب.

طوارئ عاجلة

10 6

في هذا السياق، أعلن حاكم ولاية غرب دارفور السودانية محمد عبد الله الدومة، مساء الإثنين، أنه سيتم فرض حالة الطوارئ وحظر للتجوال، وذلك على خلفية الاشتباكات القبلية في مدينة الجينية، عاصمة الولاية.

وأضاف حاكم الولاية في تصريحات أوردتها “وكالة الأنباء الألمانية”، أن الاشتباكات لا تزال جارية بين قبيلة المساليت والقبائل العربية باستخدام الأسلحة الثقيلة.

15915584060

في غضون ذلك، قالت “وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)”، إن مجلس الأمن والدفاع وافق في اجتماعه الطارئ، بالقصر الجمهوري الإثنين، برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، على إعلان حالة الطوارئ بولاية غرب دارفور وتفويض القوات النظامية لاتخاذ كل ما يلزم لحسم النزاعات القبلية.

وأعلن وزير الدفاع الفريق الركن يس إبراهيم يس، في بيان صحفي، عقب الاجتماع، عن تشكيل المجلس للجنة العليا بتفويض سلطات كاملة منه، للتعامل مع الخروقات في نصوص اتفاق السلام.

وأوضح أن المجلس قرر سن تشريعات قانونية تضمن للفرد النظامي حسم التفلتات الأمنية بالطرق المشروعة، واحتكار أجهزة الدولة النظامية والأمنية لاستخدام القوة العسكرية، فضلاً عن مواصلة حملة الجمع القسري للسلاح وردع كل من يحمل السلاح خارج الإطار القانوني.

وقال وزير الدفاع، إن المجلس قرر رفع درجة التنسيق بين الأجهزة النظامية والأمنية، وتكثيف وتفعيل العمل الأمني والاستخباراتي ضد الأنشطة الهدامة لحسم المظاهر العسكرية السالبة.

وجدد وزير الدفاع ،حرص المجلس على تحقيق الأمن والاستقرار في كافة أرجاء البلاد.

قلق دولي

20190603183440643

على الصعيد الدولي، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في بيان: “منذ الثالث من أبريل، قتل 40 شخصًا في المواجهات الأخيرة بين المساليت وقبائل عربية، والوضع يبقى متوترًا في مدينة الجنينية”.

من جانبه، أعرب الاتحاد الأوربي، اليوم الإثنين، عن قلقه البالغ، إزاء مقتل وجرح العشرات من المدنيين في الجنينة بغرب دارفور.

وحسبما أفادت “وكالة الأنباء السودانية (سونا)”، أضاف الاتحاد الأوروبي في تغريدة على موقعه في الإنترنت عن قلقه البالغ إزاء التصعيد الأخير لأحداث العنف بمدينة الجنينية بولاية غرب دارفور، مطالباً جميع مكونات الحكومة الانتقالية بذل قصارى جهدها لوقف العنف.

ولفت الاتحاد الأوروبي إلى تكرر نفس المشاهد المؤلمة لإحراق المنازل والقتلى والجرحى، بعد أكثر من ستة أشهر على توقيع اتفاق جوبا للسلام.

وجدد الاتحاد الأوروبي التأكيد بأن المواطنين في الجنينة وجميع المناطق في السودان يستحقون السلام والأمن.

خلفية تاريخية

منذ 2003 يشهد الإقليم واحدة من أعنف الحروب الأهلية في العالم والتي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف قتيل، وأجبر بسببها نحو 4 ملايين شخص على النزوح إلى معسكرات جماعية بحثا عن الأمان.

وعلى الرغم من توقيع اتفاق السلام في أكتوبر، فإنه لا تزال هنالك العديد من بؤر التوتر في المناطق المحيطة بجبل مرة ومعسكرات النازحين.

وتتزايد المخاوف من أن تؤدي الهشاشة الأمنية المتزايدة واستمرار الصراعات القبلية إلى إعادة الأوضاع في إقليم دارفور إلى ما كانت عليه خلال السنوات الماضية.

وفي الواقع سقط أكثر من ألف قتيل وجريح في عدد من مناطق دارفور في أحداث دامية جرت عقب توقيع اتفاق السلام، مما يشير إلى هشاشة الأوضاع وخطورة وجود عدد كبير من الحركات الرئيسية، مثل حركة عبد الواحد محمد نور، فضلا عن حركات أخرى يقدر عددها بأكثر من 80 حركة خارج الاتفاق.

ربما يعجبك أيضا