أزمة سد النهضة.. تعنت إثيوبيا يدفع مصر والسودان إلى «سيناريوهات جديدة»

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – فشلت اجتماعات مصر والسودان وإثيوبيا التي عقدت في كينشاسا، يومي 4 و5 أبريل، في التوصل إلى اتفاق حول إعادة المفاوضات بشأن أزمة سد النهضة، إذ رفضت أديس أبابا الاقتراحات التي قدمتها القاهرة والخرطوم، لتنتهي الجولة الجديدة من المفاوضات دون إحراز أي تقدم.

“فشل المفاوضات”

وزارة الخارجية المصرية، قالت في بيان رسمي، إن جولة المفاوضات التي عقدت في كينشاسا لم تحقق تقدمًا ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، مبينة أن إثيوبيا رفضت المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل لجنة رباعية دولية تقودها جمهورية الكونجو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الأفريقي للتوسط بين الدول الثلاث.

وأوضحت الوزارة في بيان عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي بـ”فيس بوك”، إن إثيوبيين رفضت خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدتها السودان من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الإنخراط بنشاط في المباحثات والمشاركة في تسيير المفاوضات وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.

وذكرت مصر أن إثيوبيا رفضت مقترحاً مصرياً تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري ودعمته السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونجولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، مشيرة إلى أن ذلك يثبت بما لا يدع مجالاً للشك لقدر المرونة والمسؤولية التي تحلت بها كل من مصر والسودان، ويؤكد على رغبتهما الجادة في التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة.

وبينت مصر أن إثيوبيا رفضت الطرح مما أدى إلى فشل الاجتماع في التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات، لافتة إلى أن الموقف الأخير يكشف مجدداً عن غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصري جيداً ولا ينطلي عليه.

“تعقيد الأزمة”

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ أن مصر شاركت في المفاوضات التي جرت في كينشاسا من أجل إطلاق مفاوضات تجري تحت قيادة جمهورية الكونجو الديمقراطية وفق جدول زمني محدد للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة، وأن الجانب الإثيوبي تعنت ورفض العودة للمفاوضات، وهو موقف معيق وسيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة.

وأكد وزير الخارجية المصري خلال الاجتماعات التي عقدت في كينشاسا عن تقدير مصر للجهد الذي بذله الرئيس فيليكس تشيسكيدي في هذا المسار وعن استعداد مصر لمعاونته ودعمه في مساعيه الرامية لإيجاد حل لقضية سد النهضة بالشكل الذي يراعي مصالح الدول الثلاث ويعزز من الاستقرار في المنطقة.

“سيناريوهات جديدة”

وذكر وزير الخارجية المصري، في تصريحات تلفزيونية، أن مصر ستتحرك إذا لحق بها أي ضرر مائي جراء سد النهضة، وأن القاهرة لديها سيناريوهات مختلفة لحماية أمنها المائي، متابعا: “مصر لن تقبل بأي ضرر مائي يقع على مصر أو السودان”، منتقدا إثيوبيا بسبب تعنتها في الملف.

وأكمل في تصريحات لـ”قناة العربية”: “لم نلمس إرادة سياسية جدية لدى إثيوبيا لحل عقدة سد النهضة.. الجانب الإثيوبي حاول التنصل من أي التزام بشأن سد النهضة”، مبينا أن الإطار السابق للتفاوض أثبت عقمه، وأنه تم محاولة تقديم إطار جديد للتفاوض، وأنه رغم المرونة لدى مصر والسودان إلا أن إثيوبيا أجهضت الجهود.

وأوضح خلال تصريحات لقناة “إكسترا نيوز”: إثيوبيا رفضت كل الحلول.. وهذا تصورا في غاية الخطورة لأنه يؤكد بشكل واضح عدم وجود إرادة سياسية وأن الهدف الإثيوبي هو استمرار المماطلة حتى يفرض الأمر الواقع على كل من دولتي المصب”.

“المجتمع الدولي”

وكشف وزير الخارجية عن توجه مصر والسودان إلى المؤسسات الدولية -مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة- لإطلاعها على تطورات الأخيرة لمحادثات كينشاسا حول سد النهضة، مردفا: “نحن مع السودان في تنسيق كامل ووحدة للموقف وسنبدأ في التوجه إلى المؤسسات الدولية والأطراف الدولية لاطلاعها على هذه التطورات والاضطلاع بمسؤوليتها، لابد أن تكون هذه المؤسسات مطلعة وفاعلة في هذه القضية منعا لأي انزلاق نحو أى توتر وتأثيرات سلبية على المنطقة”.

ودعا شكري الأطرف الدولية للتفاعل والاهتمام بهذه القضية، لأنها تمس مصلحة الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، مشيرًا إلى ضرورة البحث عن مخرج مع الأخذ فى الاعتبار أن مصر والسودان أبدتا قدرا ضخما من المرونة بشكل يستقطب الجانب الإثيوبي، ورغم ذلك استمرت إثيوبيا في الرفض وإفشال المساعي الأفريقية.

“موقف السودان”

التصريحات التي خرجت من السودان أيدت الموقف والأخبار الرسمية المصرية، إذ قالت وزارة الري السودانية، إن التعنت الإثيوبي بمفاوضات سد النهضة يحتم على السودان التفكير في كل الخيارات الممكنة لحماية أمنه ومواطنيه، بما يكفله له القانون الدولي.

وقالت وكالة “سونا” السودانية، إن اثيوبيا رفضت بإصرار كل الخيارات البديلة، والحلول الوسطى التي تقدم بها السودان لمنح دور للشركاء الدوليين ممثلين في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في تسهيل التفاوض والتوسط بين الأطراف الثلاثة.

ولفتت وكالة “سونا” إلى أن أديس أبابا تواصل التفاوض بنفس النهج القديم الذي تم تجريبه منذ يونيو 2020 دون جدوى ولا يتابع المفاوضات سوى مراقبين يكتفون بالاستماع ولا يحق لهم التقدم بأى فكرة أو مقترح لمساعدة المتفاوضين.

وأكد السودان خلال الاجتماع خطورة الإجراءات الأحادية الجانب خاصة بعد تجربة الملء الأول في يوليو الماضي التي ألحقت ضررا فادحا بالسودان تمثل في شح مياه الرى والشرب حتى في العاصمة الخرطوم عندما احتجزت اثيوبيا 3.5 مليار متر مكعب من المياه خلال أسبوع واحد فقط دون إخطار السودان مسبقا، في حين أنه من المتوقع تخزين 13.5 مليار هذا العام حسب الخطط المعلنة من الجانب الإثيوبي، مشددة على أن النهج يمثل تهديد حقيقيا لا يمكن قبوله.

«الرد الإثيوبي”

وأعلنت إثيوبيا عزمها المضي قدما في الملء الثاني لسد النهضة في يوليو المقبل، متهمة مصر والسودان بتقويض المفاوضات.

وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية “لا يمكننا الموافقة على أي اتفاق بشأن سد النهضة يحرم إثيوبيا من حقوقها المشروعة في استغلال مياه نهر النيل”، متوقعة استئناف المباحثات الثلاثية حول سد النهضة خلال الأسبوع الثالث من أبريل الجاري.

ربما يعجبك أيضا