الملف النووي.. هل تنجح إيران بفرض شروطها على إدارة بايدن ؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

ترقب العالم كثيرا، للخطوات التي يمكن أن تتخذها إدارة بايدن، حول الملف الإيراني، بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على وجوده في البيت الأبيض،خلالها، كانت الأطراف الأوروبية، ربما، هي الأكثر تحمسا، “لجر” إدارة جو بايدن إلى اجتماعات فيينا، باعتبارها نافذة لكسر الجمود في العلاقة ما بين واشنطن و طهران.

ورغم التكهنات حول الدور الأوروبي، والموقف الحرج للأطراف الأوروبية، التي كثيرا ما وصفت بأنها “ما بين السندان والمطرقة” لا حول ولا قوة لها، بسبب موقفها الضعيف، أمام واشنطن وأمام طهران.  بدون شك، اجتماعات فينا سوف لا تأتي بنتائج سريعة، لكن ممكن اعتبارها بداية انفراج في العلاقة ما بين واشنطن وطهران حول الملف النووي، مع ملامح “التنازل” و”الاستعجال” الأميركي أمام عدم اهتمام إيراني بعودة أميركا.

السؤال: هل سيفرط بايدن بوعوده التي قدمها إلى حلفائه الأوروبيين والخليجيين، مقابل العودة للاتفاق؟

يبدو ذلك مرجحا جدا، وان كانت هناك تعديلات فسيكون مجرد ديباجة في الاتفاق النووي، دون وجود تغيير فعلي في الاتفاق وهذا بدون شك يضيع حق الأطراف الإقليمية، المقصود هنا الدول الخليجية وإسرائيل ودول المنطقة، بعد أن كانت تعول على أن تكون حاضرة في أي اتفاق جديد.

انطلقت في فيينا  يوم السادس من أبريل، يوم أمس 2021 اجتماعات لجنة العمل المشتركة للاتفاق النووي، برعاية الاتحاد الأوروبي، ومشاركة من الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ وصول إدارة الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض. ويعقد الاجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية لروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وإيران، بالإضافة إلى الولايات المتحدة. وسيكون على جدول الأعمال عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن إيران، وعودتها عن الإجراءات التي اتخذتها بخفض التزاماتها النووية.

وقال المندوب الروسي في فيينا: إن اجتماعات تمهيدية ثنائية عقدت قبل ساعات من بدء الاجتماع الرئيس، معربا عن أمل بلاده في الانتقال إلى الخطوات العملية لإعادة بناء الاتفاق.وأكد الاتحاد الأوروبي أن اجتماع فيينا بشأن الاتفاق النووي مع إيران يهدف لإعادة إحياء الاتفاق وإعادته إلى مساره الصحيح.

مساعي أوروبية

ويعتقد نائب الأمين العام للدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية، إنريكي مورا، فإن اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي الإيراني في فيينا، يستهدف “العودة إلى التنفيذ الكامل والفعال للاتفاق من قبل جميع الأطراف”. من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، إن بلاده “ليست متفائلة ولا متشائمة بشأن نتيجة المحادثات النووية اليوم، لكنها على ثقة بأنها على المسار الصحيح لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015”.

وقال التكتل الأوروبي، الذي ينسق المحادثات بشأن الاتفاق النووي “اتفق المشاركون على استئناف هذه الدورة للجنة المشتركة في فيينا ، من أجل التحديد الواضح لرفع العقوبات وتنفيذ الإجراءات النووية، بما في ذلك عقد اجتماعات مجموعات الخبراء ذات الصلة”. يذكر أن المباحثات عقدت على مستوى المساعدين والمديرين السياسيين لوزارات الخارجية لدول إيران ومجموعة “1+4” (الصين روسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، وتمت إدارته من قبل المدير السياسي لجهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا.

الخبير في الشؤون الإقليمية، علي المعشني، رأى أن “الولايات المتحدة ستكون الطرف الضعيف في مفاوضات فيينا، لأن خروجها من الاتفاق واتخاذ عقوبات ضد إيران، لم يأت بنتائج سوى تعزيز موقف طهران التفاوضي، وتمكنها من تجاوز تداعيات العقوبات”. وأضاف، في مقابلة معه  عبر وكالة سبوتنيك أن توقيع غيران والصين اتفاقية التعاون الاستراتيجي يهمش العقوبات الأمريكية، وأن بقاء واشنطن خارج الاتفاق النووي في إيران سيقلل من قيمة أوراقها التفاوضية مع الجمهورية في ملفات إقليمية أخرى.

أثار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي  بالتوازي مع اجتماعات فينا مخاوف بشأن انتهاكات إيران لخطة العمل الشاملة المشتركة وقال الشهر الماضي إن طهران “يجب أن تصبح صريحة بشأن النتائج الأخيرة لليورانيوم غير المعلن عنه لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015”. لن تتنصل إيران من انتهاكاتها الجسيمة لخطة العمل الشاملة المشتركة في اجتماعات فيينا أو توافق على إصلاح الصفقة. إيران تعلم أنها في مقعد القيادة في هذه القضية. 

تعنت إيراني

وبالرغم من إبداء واشنطن عشية اجتماع  فينا استعدادها بإعادة النظر بقسم من الحظر المفروض على إيران إذا ما التزمت الأخيرة بالتزاماتها، إلا أن مصدرا مقربا من فريق التفاوض الإيراني قال إن طهران لن تقبل بأي نتيجة سوى رفع جميع إجراءات الحظر عنها، وإن على المبعوث الأميركي “روبرت مالي” أن يغادر فيينا خالي الوفاض، إذا لم ينتج ذلك عن الاجتماع رفع شامل للحظر.هذا الموقف أكده المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي من جديد، مشددا على أن الوفد الإيراني سيجدد هذا الموقف المبدئي خلال محادثات فيينا، وأشار إلى عدم إجراء أي مفاوضات مع الجانب الأميركي.

وأوضح وزير الخارجية الإيراني ، جواد ظريف ، موقف إيران في تغريدة نشرها يوم 2 أبريل/ نيسان قال فيها إن الهدف من اجتماع فيينا سيكون “الانتهاء بسرعة من رفع العقوبات والإجراءات النووية من أجل الإزالة المصممة لجميع العقوبات ، تليها وقف إيران للتدابير العلاجية. ”  

ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست يوم 05 أبريل 2020 أن كبار المسؤولين الإسرائيليين قلقون للغاية من التصريح الأخير للمبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي بأن هدف الولايات المتحدة في اجتماعات فيينا هو العودة إلى الاتفاق النووي دون الحاجة إلى تعزيزه. 

تقييم اجتماعات فينا

ـ يأتي اجتماع فيينا في الوقت الذي تتجه فيه إدارة بايدن ببطء نحو القبول بشروط إيران برفع بعض العقوبات الأمريكية إذا أوقفت إيران جزئيًا انتهاكها للاتفاق النووي. رفض المسؤولون الإيرانيون هذه العروض وطالبوا الولايات المتحدة مرة أخرى برفع جميع العقوبات قبل أن تتخذ أي إجراء. الولايات المتحدة لإجراء محادثات غير مباشرة بشأن الصفقات النووية وإيران تدفع مرة أخرى.دعت مجموعات من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الحزبين الرئيس بايدن مؤخرًا إلى إصلاح وليس مجرد الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ، وبالتالي ستشعر بالقلق أيضًا من ملاحظة مالي.  

ـ اصبح بايدن “متحمسا” جدا للعودة إلى الاتفاق النووي القديم، وهذا يعتبر مأخذ في سياسات بايدن. ويعتبر مسؤولو بايدن أن المحادثات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا تعتبر خطوة أولى مهمة في الوفاء بوعد حملة الرئيس بايدن لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران ، خطة العمل الشاملة المشتركة. 

ـ الشرط المسبق لإدارة بايدن يعني فقط انتهاكات إيران العلنية منذ عام 2019 ، وليس إصلاح الاتفاق .  لقد رفضت إيران هذا الشرط المسبق وأصروا على أن إيران لن تتراجع عن انتهاكاتها العلنية للاتفاق ما لم ترفع الولايات المتحدة جميع العقوبات أولاً.  

ـ إن إيران للمرة الثانية تتجاهل الرئيس الجديد برفضها لقاء مسؤوليه في فيينا، وهو استشعار منها لضعف بايدن. هذا هو السبب في أن المفاوضات في فينا كانت”غير مباشرة”  وتكون من خلال الدول الأوروبية وروبية . وسبق أن رفضت إيران الانضمام  خلال شهر مارس ، اجتماع أحزاب خطة العمل المشتركة الشاملة الذي استضافه الاتحاد الأوروبي لأن المسؤولين الأمريكيين كانوا حاضرين. 

ـ بات متوقعا أن إيران ستفرض على إدارة بايدن شروطها في اجتماعات فينا التي بدأت يوم أمس  السادس من أبريل 2021، برغم أن الأصوات داخل الكونغرس الأميركي والطبقة السياسية الأميركية، تنصح إدارة بايدن بعدم التسرع للانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني بنسخته 2015، ذات الثغرات العديدة. لقد نجحت إيران بالسيطرة في إدارة ملفها النووي ومن المتوقع أن تفرض إيران شروطها  على بايدن شروط  بشأن البرنامج النووي الإيراني.

ربما يعجبك أيضا