بين الاتفاق أو تبعات المواجهة.. أزمة سد النهضة تدخل منعطفات صعبة

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

“بلاش مرحلة إنك تمس نقطة مياه من مصر.. الخيارات كلها مفتوحة.. التعاون أفضل”، تصريحات جديدة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته في افتتاح مجمع الوثائق المؤمنة والذكية بالقاهرة، اليوم، وذلك في رسالة إلى الجانب الإثيوبي المتعنت في التوصل إلى اتفاق يضمن الحقوق المائية لدولتي المصب السودان ومصر- على الترتيب-.

موجة التصريحات التي أطلقها الرئيس المصري تفسر الكثير حول أزمة سد النهضة الإثيوبي وتباين الاحتمالات بما فيها الحل العسكري والصدام المحتمل ذو العواقب الوخيمة إذا ما اقتضت الضرورة.

التعاون أو المواجهة

من جديد، وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رسالة إلى إثيوبيا بضرورة التعاون في ملف سد النهضة، قائلًا: “التعاون أفضل ونجري مع بعضنا للتنمية.. إحنا كلنا مع بعض ولازم نتعاون مع بعض في مفاوضات سد النهضة والقضية عادلة رد الفعل الإثيوبي وتعنتهم في مفاوضات سد النهضة.. لازم نتعلم من التحديات والمشاكل وشوفنا حجم تكلفة المواجهة.. أرجو أنه كلنا في المنطقة يدرك حجم المواجهة.. هو انتوا مش شوفتوا مواجهة زي 62.. ومواجهة زي 67.. ومواجهة الأشقاء في العراق وغيره وغيره.. التعاون والاتفاق أفضل كتير من أي حاجة”.

وأضاف السيسي: “نهر النيل ده موضوع ربنا سبحانه وتعالى.. هو اللي بيعمله ومجرى المياه من عند ربنا.. وأنها توصل إلى مصر من عند ربنا.. ومصر لو كانت على ارتفاع مكنتش المياه هتدخلها.. واللي عمله ربنا مش هيغيره البشر”.

التصريحات أتت بعد انتهاء اجتماعات كنشاسا، السبت الماضي، بين الأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا في الكونغو، والتي انتهت إلى فشل جديد، فسرته الخارجية المصرية ونظيرتها السودانية بتعنت إثيوبي كبير في التوصل إلى اتفاق مرضي لجميع الأطراف ويضمن حقوق مصر والسودان المائية.

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان حريصًا على كشف حقائق المفاوضات وطبيعة الدور الإثيوبي وممارساته على أرض الواقع في أزمة السد وأن الأشقاء في الدول العربية الأفريقية يتم إطلاعهم على الأمر أول بأول، والدليل كم التحركات غير العادية التي تبذلها الخارجية المصرية، والوزير سامح شكري، وما تبعها من ردود عربية قاطعة بمساندة مصر والسودان في مواجهة تبعات أزمة سد النهضة.

مصر والسودان

التحركات المصرية والسودانية في ملف سد النهضة استمرت لسنوات دون وجود نتيجة، ورغم أن مصر أعلنت على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام البرلمان الإثيوبي أنه يحترم رغبة الشعوب في أن يكون لها شكلًا من أشكال التنمية، وتقدير قيمة السد لإثيوبيا وتوليد الكهرباء وغيرها من منافع، ولكن دون المساس بمصالح دولتي المصب المائية، كونها قضية مصيرية للقاهرة والخرطوم.

“نواصل التنسيق الكامل في السودان، ونؤكد للعالم عدالة القضية في إطار القانون الدولي، والأعراف الدولية ذات الصلة بحركة المياه عبر الأنهار الدولية، والتحرك أكثر والتنسيق أكثر”، تأكيد مصري جديد على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي يعبر عن تحركات سياسية واعية وملمة بتبعات كل خطوة تتخذ وما يتم الإعداد له من خطوات في حالة تفاقم الأزمة أكثر والوصول إلى مرحلة اللاعودة.

التعنت الإثيوبي

مصر وصفت محادثات “كنشاسا” بأنها الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق بعد أن قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، إن المنطقة تواجه “عدم استقرار لا يمكن تصوره” بشأن المشروع. وصرح الرئيس المصري، أمس الثلاثاء، خلال مشاركته الافتراضية في اجتماع نظمه بنك التنمية الأفريقي حول تغير المناخ في إفريقيا، بأن إصرار بعض الأطراف على إقامة مشروعات عملاقة لاستغلال الأنهار الدولية بشكل غير مدروس ودون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية بات يهدد مستقبل شعوب المنطقة ويؤثر على أمنها وسلامتها.

وقالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، للصحفيين، أمس الثلاثاء، إن إثيوبيا “تهدد أهالي حوض النيل، والسودان بشكل مباشر”.

وبعد إعلان مصر والسودان وإثيوبيا فشل المفاوضات. قال وزير المياه والري الإثيوبي، سليشي بقلي، صباح اليوم الأربعاء، إن بلاده ماضية قدمًا في عملية الملء الثاني لسد النهضة، كما أكد بقلي التزام بلاده بتبادل المعلومات بشأن عملية ملء السد.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده بقلي في أديس أبابا للتعقيب على جولة محادثات كنشاسا بشأن سد النهضة، التي استضافها رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.

وقال بقلي: “الملء الثاني سيتم في موعده وفق ما خطط له”، وأن بلاده جاهزة لتبديد مخاوف السودان بشأن ذلك.

وتابع: “كنا قد توصلنا لاتفاق بإنهاء المفاوضات في الجولة القادمة، وإثارة السودان للوساطة يتعارض مع اتفاق إعلان المبادئ”. وازداد ملف سد النهضة توترًا، مع إعلان إثيوبيا نيتها البدء في المرحلة الثانية من ملء خزان السد في يوليو المقبل، وهو ما تعتبره القاهرة والخرطوم تهديدًا لأمنهما المائي، وتنظران إليه بأنه خطوة أحادية الجانب من أديس أبابا.

ربما يعجبك أيضا